يونس عبد الحفيظ جنوحي * [email protected] ترددت طويلا قبل أن أكتب هذه النصائح، لأن للنصيحة أهلها طبعا، ثم أن صائعا مثلي لا يحق له أن ينصح الناس. لكنني تذكرت أن الناس أنفسهم يسيّر أمورهم أشخاص لا يتوفرون إلا على شهادة الابتدائي، و شهادة أن لا إله إلا الله ، فقلت لا بأس أن أنصحهم أنا الآخر. أولا، أنصحكم ألا تلتقطوا لبعضكم صورا تذكارية بعد اليوم. الصور الرقمية تظل بوضوحها و كأنها التقطت البارحة، ولا يمكن أن تصبح شاحبة في يوم من الأيام. لذلك لن تفيدكم في تذكر الأيام الخوالي. لا تبددوا أموالكم في تعلم اللغات في المدارس. ستبدُون أغبياء إن رأيتم كِتابا يعلّم الناس في خمسة أيام و بدون معلّم، ما تحاولون أنتم تعلّمه في سنوات. لا تصبحوا سلفيين في يوم من الأيام. ستجدون أنفسكم ترتدون سراويل "مقزّبة" ، و تسبّون القرضاوي ، في حين لا تستطيعون حتى انتقاد تصريحات وزير يدعو إلى التطبيع مع اسرائيل. لا تضيعوا وقتكم بقراءة التاريخ العربي. لن تجدوا إلا أمة هبطت من عليائها إلى سخافة السؤال عن مكان جلوس الله ، و ألّفت كتبا تشرح كيفية ليّ العمامة التي توضع على الرأس و الإختلافات المذهبية في ذلك. لا تضيعوا وقتكم بحلق ذقونكم كل صباح. ستكتشفون أنكم تضيعون سنوات عمركم و أنتم تحاولون إزالة شيء قدّر له أن ينمو دون توقف. إياكم أن تكونوا من الذين يدعون إلى القضاء على الصحافة الحزبية. سوف تتسبّبون لباعة النعناع في نقص كبير في مادة الورق الذي يلفون فيه ما يبيعون للزبائن. لا تكونوا أذكياء في الفيزياء. و حتى و إن ولدتم أذكياء فلا تبحثوا عن عمل هنا.و إن هاجرتم لتدرسوا الفيزياء النووي فلا تعودوا أبدا و إلا سوف ينتهي بكم الأمر و أنتم تصنعون قنبلة صغيرة تفجرون بها أنفسكم ، بعد أن تعيّنكم الحكومة في جبل لتكتبوا عقود الإزدياد ، في حين أن أمثالكم في بلد آخر يصنعون الصواريخ. لا تقاطعوا الانتخابات بعد اليوم حتى لا تتهمكم الحكومة بنقص في الوطنية. اذهبوا إلى مكاتب التصويت و لا تصوتوا على أحد. عندها يُعفى وزير الداخلية من الكذب بشأن نسبة المصوتين ، و في نفس الوقت توفرون عليه حساب عدد الأصوات. أما الحكومة فتتشكل على كل حال. لا تشاركوا أبدا في مسابقات ثقافية من أي نوع. ستصدمون عندما يسألكم منشط البرنامج عن اسم ملحّن لأغنية قد لا تعرفونها ، ثم يتهمكم على الهواء أن ثقافتكم محدودة. لا تغسلوا أيديكم بالصابون لا قبل الأكل ولا بعده. سوف تكتشفون أنكم ضحايا إشهارات تربي في الإنسان هوس النظافة فقط لا غير. لا تسأل شخصا عن حالته الإجتماعية ، فقد يكون أعزبا في الواقع، لكنه متزوج في الفايسبوك. إياك أن تكون مناضلا طبقيا يتحدث باسم الجميع. سوف ينتهي بك الحال في مقهى حقير تدخن تبغا رديئا ، تتصفح جريدة الحزب و أنت تلعن النضال و اليسار. و قد تصبح وزيرا يعاني الإنفصام ، فلا هو أخلص لليسار ولا حارب اليمين. إياك وأن تكون جنديا في الحدود. سوف تتقاسم الماء مع زملائك في البراميل ، في حين أنك تحرس بلدا فيه نافورات تقذف المياه في وجه السياح. لا تقدّم لأصدقائك كعكة في عيد ميلادك. ستبدو غبيا و أنت فرح ، في حين أن عمرك يتناقص...و أن الكعكة ليست إلا خيبات عمرك تتقاسمها معهم. لا تسمع أبدا أغنية لفيروز تغني فيها للقدس. ستموت و أنت تنتظر الغضب الساطع ليأتي حتى يحرر القدس. لا تمرض إذا كنت فقيرا. و حتى إن مرضت فمت بكرامة بين أهلك، و إياك أن تذهب لمستشفى ، و إلا سينسى فيك طبيب مقصا. لا تخرج مع المغاربة في مظاهرة ضد اسبانيا. ستبدو مضحكا وأنت تحتجّ يوم الأحد، بينما تشجع الريال أو البارصا يوم الإثنين. إذا كنت تملك خزنة تودع فيها كل ما تملك و حدث أن نسيت رقمها السرّي، توجه إلى أقرب مركز شرطة في أي بلد عربي و طالب بجلسة تعذيب، صدقني سوف يحعلونك تتذكر الرقم من جديد. إياك أن تفكر في إنشاء جمعية اسمها "متقيسش بنتي". قد تقول أن البنت تغتصب كما الولد. لكن الذين يريدون أن يمنعوا اغتصاب الولد، لا يهمهم أن تغتصب البنت ، و كلما حاربت التحرش بالبنات ، إلا و اتهموك بالرجعية و الظلامية. لا تكن من الجالية المغربية المقيمة بالخارج. لن يتذكروك إلا في الصيف، و سوف تمل المغني الشعبي الذي يهديك أغانيه الهابطة ، كما لن تفهم لماذا تخصك طبّاخة في 'شهيوات شميشة' بالتحية عندما يبدأ البرنامج. نصيحة أخيرة. لا تعمل بأي نصيحة تقرأها، و لا تصدق أبدا كل ما يُكتب. قد تعمل بأشياء قالها أحمق في لحظة جنون، ولك في ما تقرأ الآن خير مثال..