أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس 02/05 إنهاء الدعم الأميركي للعمليات العسكرية في اليمن وتجميد سحب القوات الأميركية من ألمانيا وبدأ بتغيير النبرة تجاه روسيا، في قطيعة واضحة مع السياسة الدبلوماسية التي انتهجها سلفه دونالد ترامب. وقال الرئيس الأميركي في أول خطاب له حول السياسة الخارجية "نعزّز جهودنا الدبلوماسية لإنهاء الحرب في اليمن" التي "أحدثت كارثة إنسانية واستراتيجية". وشدّد على أنّ "هذه الحرب يجب أن تنتهي"، معلناً تعيين الدبلوماسي المخضرم تيموثي ليندركينغ مبعوثاً لبلاده في اليمن. وأضاف "لتأكيد تصميمنا، فإننا ننهي كل الدعم الأميركي للعمليات الهجومية في الحرب في اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة". وستلغي واشنطن عقداً مثيراً للجدل لبيع الرياض "ذخائر دقيقة"، وهي صفقة أقرّها في نهاية ولايته الرئيس الجمهوري السابق الذي حافظ رغم كل الانتقادات على دعمه للسعودية التي شكّلت مع إسرائيل دعامة سياسته ضدّ إيران. وتقود الرياض تحالفاً عسكرياً داعماً للحكومة اليمنية ضد المتمردين الحوثيين، ويُتهم بارتكاب تجاوزات عدة ضد المدنيين. ومن دون أن تأتي على ذكر إنهاء الدعم الأميركي للتحالف الذي تقوده السعودية، نقلت وكالة الأنباء السعودية "واس" عن بيان رسمي أنّ المملكة "تتطلّع إلى العمل مع إدارة الرئيس بايدن (…) في سبيل التوصّل إلى حل سياسي شامل في اليمن". وفي خطابه قال بايدن إنّ "المملكة العربية السعودية تواجه هجمات صاروخية وهجمات أخرى من قوات تدعمها إيران في دول عدة. سنساعد المملكة العربية السعودية في الدفاع عن أراضيها وشعبها". وفي تغريدة بالإنكليزية على تويتر قال نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان "نرحّب بالتزام الرئيس بايدن المعلن بالعمل مع الأصدقاء والحلفاء لحلّ النزاعات، والتعامل مع الهجمات من إيران ووكلائها في المنطقة". صمت حول إيران من جهتهم رحّب الحوثيون بقرار بايدن. وقال المسؤول في صفوفهم حميد عاصم لوكالة فرانس برس "نتمنى أن يكون مقدمة لاتخاذ قرار وقف الحرب على اليمن". ويمكن أن يُفسّر هذا القرار كبادرة حسن نية تجاه إيران التي تستعد للدخول في مفاوضات معقدة مع واشنطن لإنقاذ الاتفاق حول برنامجها النووي الذي انسحب منه ترامب. وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لشبكة "سي إن إن" بداية الأسبوع "هل الولاياتالمتحدة مستعدة لخفض مئات المليارات من الدولارات من الأسلحة التي تبيعها في منطقتنا؟ هل هم مستعدون لإنهاء مذبحة الأطفال في اليمن؟". على الرغم من أن البيت الأبيض يعتبر العودة إلى اتفاق 2015 "أولوية قصوى"، إلا أن بايدن لم يأت على ذكر هذا الاتفاق في خطابه. من جهته أخرى، أكّد الرئيس ال46 للولايات المتحدة أنّه "سيوقف" الانسحاب الجزئي للقوات الأميركية من ألمانيا في ظلّ "مراجعة شاملة لوضعية" القوات المنتشرة في الخارج والتي عهد بها إلى وزير الدفاع لويد أوستن. "عودة الدبلوماسية" وكان ترامب أعلن في حزيران/يونيو رغبته في تقليص عدد القوات الأميركية في ألمانيا تدريجياً ليصل إلى 25 ألفاً. وأثار القرار شائعات كثيرة في صفوف النخبة السياسية الأميركية وفي أوروبا التي أسيء معاملة حلفاء واشنطن فيها، لا سيّما برلين، طوال أربعة أعوام من حكم الملياردير الجمهوري. وقال بايدن في خطابه الخميس إنّ "أميركا عادت. الدبلوماسية عادت"، متعهّداً مرة جديدة ب"إعادة بناء تحالفاتنا". ودافع الرئيس الديموقراطي عن القيم التقليدية للدبلوماسية الأميركية، مثل تعزيز الديموقراطية وحقوق الإنسان، التي تخلّى عنها ترامب. ولإبراز عودة هذه "القيادة الأخلاقية" على الساحة الدولية، أعلن أنّ الولاياتالمتحدة ستستقبل في السنة المالية المقبلة 125 ألف لاجئ في إطار برنامج إعادة التوطين، أي ثمانية أضعاف من استقبلوا هذا العام (15 ألفا) في أدنى مستوى تاريخيا. وأعرب بايدن عن تصميمه على مواجهة الصينوروسيا، متّهماً خلفه بأنّه كان ضعيفاً خاصة إزاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال من وزارة الخارجية إنّ الولاياتالمتحدة يجب أن "تكون موجودة في مواجهة تقدم الاستبداد، خصوصاً الطموحات المتزايدة للصين ورغبة روسيا في إضعاف ديموقراطيتنا". وأضاف "لقد قلت بوضوح للرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين، وبشكل مختلف جداً عن سلفي، إنّ الزمن الذي كانت تخضع فيه الولاياتالمتحدة لأفعال روسيا العدوانية (…) قد ولّى". لكن بايدن التزم الصمت إزاء التدابير التي أشار إليها مستشاره للأمن القومي جاك سوليفان من أجل "مساءلة روسيا". ولم يقل شيئاً يذكر عن استراتيجيته لمواجهة الصين، رغم الإجماع في واشنطن على أنها تمثل الخصم الاستراتيجي الأول للولايات المتحدة.