أصدرت المحكمة العليا بإسبانيا قبل أيام قليلة حكمها في منع رفع اعلام البوليساريو وشعاراتهم في كامل التراب الإسباني وشكل هذا القرار صدمة كبيرة في أوساط قيادات البوليساريو وفي أوساط داعميها وعرابها الجزائر ،خاصة وأن الكثير من القيادات التابعة للجبهة حاصلين على الجنسية الإسبانية مما يطرح هذا الموضوع أكثر من تساؤل بسبب تداخل علاقات البوليساريو في أوساط الطبقة السياسية الإسبانية خاصة اليسارية في شقها الراديكالي . ويعتبر حزب بوديموس المشارك في التحالف الحكومي بشبه الجزيرة الايبيرية والذي شكل مع العمال الاشتراكي حكومة تقدمية في البلاد من أبرز داعمي جبهة البوليساريو الانفصالية لتقاربهم الأيديولوجي وهذا شكل عبئا في سياسة الحكومة الإسبانية الخارجية رغم أن بوديموس لم يحصل على حقائب سيادية تؤهله لأن يكون له تأثير في السياسية الخارجية لاسبانيا ، مما حدا الى السلطة التنفيذية لبيدرو سانشيز استخدام وسائله وتأثيراته للضغط على البوليساريو لقبول اقتراح المغرب لمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي بالصحراء المغربية والذي يحظى بدعم دولي وإقليمي واسع النطاق. ومن تجليات هذا التحول لمدريد في دعم الرباط بشكل مطلق فيما يخص بقضيتنا الوطنية: رفض وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا غونزاليز لايا إدراج شعار وعلم الجمهورية الصحراوية الوهمية المعلنة في الأراضي الجزائرية والتي لا تعترف بها الأممالمتحدة ولا من قبل الاتحاد الأوروبي بجانب الأعلام الافريقية الاخرى في مقر وزارة الخارجية الإسبانية بمناسبة الاحتفال بذكرى يوم أفريقيا في 25 ماي الماضي. عدم الاعتراف ب "جوازات السفر الدبلوماسية" التي ينوي العديد من ممثلي البوليساريو في الدولة الإسبانية تأكيدها كوثائق سفر . اعتراف بابلو إغليسياس زعيم بوديموس بأن السياسية الخارجية لاسبانيا هي مسألة سيادية على خلفية دعوة نائبه والذي يشغل وزيرة الدولة للحقوق الاجتماعية لأحد ممثلي الجبهة قبل أشهر إلى مكتبه مما جر هذا الفعل للوزير الإسباني المنتمي لبوديموس انتقادات ورفض رسمي حكومي من قبل وزارة الخارجية الإسبانية على استقبال ممثل الحركة الانفصالية في مكتب رسمي حكومي. قرار المحكمة العليا الأخير الذي ينكر الحق التلقائي في الجنسية الإسبانية لجميع الذين ولدوا في الصحراء المغربية قبل 14 نوفمبر 1975 واعتبرت المحكمة العليا الإسبانية في الحكم الصادر عنها أن الصحراء المغربية لم تكن تمثل أبدا جزءا من إسبانيا وبالتالي لا يمكن تطبيق المادة القانونية التي بنت عليها المحكمة الإقليمية حكمها رغم أنه خلال كل هذه السنوات حصل الآلاف من انفصاليي الداخل وكثير منهم استقروا في إسبانيا وحاصلين على الجنسية الإسبانية بناءً على وثائق تثبت أنهم ولدوا في الصحراء المغربية قبل عام 1975 والتي كانت خاضعة للاستعمار الإسباني ،وكثير منهم يعملون في مختلف الدوائر الحكومية والحزبية بالجزيرة الايبيرية إلا أن ذلك انتهى في عهد حكومة بيدرو سانشيز حيث انتهى هذا الشذوذ القانوني بقرار من المحكمة العليا وهي أعلى هيئة قضائية بالبلاد. وهناك نقطة جد هامة ألا وهي مساندة الرباط لمدريد في وحدة كيانها الترابي بشبه الجزيرة الايبيرية وكان هذا واضحا خلال المظاهرات الأخيرة التي حصلت بإقليم كتالونيا قبل 7 أشهر على خلفية الحكم الصادر على قادة الانفصال بالإقليم ،إضافة إلى تورط جبهة البوليساريو في عمليات إرهابية مشبوهة بدول الساحل والصحراء بناءا على تقارير إعلامية واستخباراتية، أكدت ارتباطات الجبهة بتنظيمات جهادية مسلحة وهذا يشكل خطرا وتهديدا حقيقيا لدول الشمال حيث تعتبر اسبانيا والمغرب بوابتا القارة الأفريقية والأوروبية والمغرب يعتبر شريك استراتيجي للاتحاد الأوروبي في جميع المجالات، ولايمكن دعم حركة انفصالية لها امتدادات مسلحة مع جماعات مصنفة دوليا بالإرهاب، خاصة في ظل انحسار تأثير البوليساريو وإنهيار قواعدها الأيديولوجية بعدة دول كانت تعتبر الحاضن التاريخي لقياداتها ومليشياتها. إن موقف حكومة سانشيز هي رسالة واضحة للانفصاليين في أنه قد حان الوقت للعودة إلى البلاد وقبول مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب كحل واقعي ووحيد لاثالث لهما.