أضحى من الهين على زوار ضريح سيدي عبد الرحمن "مول المجمر" وال"متنفعين ببركته" ولوج قلعته المتحصنة وراء عباب أمواج الأطلسي، بعدما أنشئت وزارة النقل والتجهيز جسرا وصله باليابسة انتهت أشغال بناءه منذ أسابيع عدة، لكن علامات استفهام لا تزال معلقة على فائدة هذا المشروع و الجديد الذي سيحمله لصخرة سيدي عبد الرحمان وجيرانه من الأحياء. يرقد جثمان الولي الصالح في سلام جنبا إلى جنب مع عدة أنشطة مربحة تزاولها الساكنة المجاورة له، من أهمها "الشوافات" اللواتي اتخذن من صخرة سيدي عبد الرحمان مقرا للعمل بدوام مفتوح، يحصلن خلاله مبالغ مالية هامة من زبنائهم الذين صاروا يتوافدون عليهن بشكل سلس مع خروج القنطرة الجديدة إلى الوجود. فإن كان الجسر قد ساهم في إنعاش أنشطة "الشوافات' فإن فئات أخرى قد تسبب في قطع مصدر رزقها، فما إن وضع عمال البناء آخر قطعة آجر في القنطرة حتى اختفى بشكل فوري أصحاب القوارب الصغيرة الذين كانوا يتكسبون من نقل الزوار من الضفة إلى الصخرة، ليغادروا المنطقة تاركين وراءهم دخلا قارا لهم ولأسرهم كان تدرهم عليهم قواربهم الصغيرة، إذ لا أحد يرغب -بحضور الجسر- في استئجار مركب لبلوغ وجهته. وحتى قطاع الصيد البحري بالمنطقة لم يسلم من تبعات المشروع، إذ يتحدث البحارة عن "كارثة بيولوجية" بعدما لم تعد شباكهم تخرج من خيرات البحر ما كانت تحمله في السابق، يصرح أحد البحارة في هذا الصدد قائلا " كنا في السابق نستخرج كمية كافية من السمك مع كل رمية للشبكة، أما اليوم فعدة رميات لا تصل بالكاد لنصف ما كنا نستخرجه بالرمية الواحدة"، مرجعا سبب ذلك إلى "أن كميات الرمال الكبيرة والمواد الأخرى التي كان منفذوا المشروع يتخلصون منها في مياه البحرهي السبب في هذه الكارثة". غير أن البحارة لم يبقوا مكتوفي الأيدي أما كل هذه التطورات، إذ ومنذ إنطلاقة الأشغال انضووا تحت لواء جمعية "الرايس للصيد التقليدي" للدفاع عن حقوقهم ومطالبة مجلس المدينة بإيلاء اهتمام خاص للصيد التقليدي وتمكينهم من معدات لوجيستيكية من قبيل محركات للزوارق ومعدات الصيد، من أجل تسهيل ظروف عملهم. "لم يحمل الجسر معه لسكان الصخرة غير الفلتان الأمني والضجيج ومظاهر الانحلال الخلقي خلال الليل"، يصرح أحد السكان، مضيفا أنه "كان من الصعب بمكان ولوج الصخرة في الماضي لكن تمنعها في وجه المنحرفين واللصوص زال بحلول الجسر الجديد دون أن يعوض ذلك أي تواجد أمني بارز"، متسائلا عن "المبالغ التي انفقت في تشييد الجسر والتي كان من الممكن إستثمارها في تحسين ظروف عيش الساكنة المحرومة من خدمات الماء الصالح للشرب والكهرباء، علما أن القنطرة تستفيد من الإنارة طيلة الليل".