أثار البحث العلمي مؤخراً شكوكاً خطيرة حول سلامة الاختبارات التي تُجرى على مئات الآلاف من المنتجات التي تصل إلى المستهلك والمواد المضافة إلى المأكولات والمواد الكيميائية الصناعية. تحتوي المنتجات التي تُستخدم كل يوم، بدءاً من المشروبات الغازية وصولاً على مأكولات الأطفال، مروراً بمواد الدهان ومنتجات العناية بالحدائق ومستحضرات التجميل والشامبو، على العديد من المواد الكيميائية الصناعية كمواد حافظة أو مواد صباغ أو مكوّنات ناشطة أو كمواد ملوّثة. تستند الضمانات الرسمية لسلامة هذه المواد الكيميائية بشكل كبير إلى تجارب أجريت على حيوانات كالأرانب والفئران والجرذان والكلاب. إلا أنّ النتائج الجديدة التي صدرت عن مجموعة من الباحثين ونُشرت في محاضر جلسات أكاديمية العلوم الوطنية تشير إلى أن هذه الضمانات قد تكون عديمة القيمة. تعارض نتائج هذه التجارب الافتراض العلمي الذي ساد طويلاً والذي يعتبر أن التجارب على الحيوانات ذات صلة مباشرة بالإنسان. ولهذا السبب، أبطلت مبدئياً المجموعة الكاملة لمعلومات السلامة والأمان التي تراكمت لتميّز المواد الكيميائية الآمنة من تلك الخطرة. باختصار، تؤكد التجارب والاختبارات المتكررة أن القاسم المشترك بين الفئران والإنسان في ما يتعلق بالالتهابات شبه معدوم، وهي نتيجة هامة بما يكفي نظراً لتفشي الأمراض التي تسببها الالتهابات بين البشر. وتشمل هذه الأمراض كافة أنواع الحساسية، ومرض سيلياك، والربو، والتهاب المفاصل وأمراض نقص المناعة وأمراض القلب والسرطان... لقد شكك العديد من الباحثين في هذا التطابق، وأشار البعض منهم إلى أنّ 120 مليون سنة من التطوّر والتغيير تفصل بين الإنسان والفئران كما أن الفئران وخلافاً للإنسان، تعاني من أمراض مختلفة. فضلاً عن ذلك، لا وجود للمرارة في أجسام الفئران، ولا دورة شهرية لديها كما أنها تضع عدداً كبيراً من الصغار في الحمل الواحد وثمة اختلاف في جهاز المناعة ومدة العمر والحجم، هذا إذا ما اكتفينا بذكر بعض نقاط الاختلاف. ودراسة Seok ليست الدراسة الأولى التي تستنتج أن الفئران مرجع غير مناسب لأمراض البشر، إلا أنّ هذه الدراسة تتميّز بشموليتها. وإذا ما جُمعت نتائج هذه الدراسة مع نتائج تجارب واختبارات سابقة لاستنتجنا أنّ الاختبارات على الفئران وربما على الحيوانات الأخرى تكاد تكون غير مجدية لتحقيق التقدّم على مستوى علاج أمراض البشر، بما في ذلك أمراض القلب والسرطان. بمعنى آخر، لعلنا لا نقدّم أيّ خدمة للناس عبر إنفاق هذا القدر من المال على البحث الطبي. فالناس يتناولون على الأرجح أدوية خطرة أو غير فاعلة فيما يغفلون عن علاجات محتملة. يمكن للأفراد أن يحموا أنفسهم إلى حدّ ما عبر تجنّب المأكولات المصنّعة والموضّبة والمعالجة وغير العضوية وعبر شراء المنتجات الطبيعيّة، إلا أن التعرّض للمواد الكيميائية والتلوّث الكيميائي مسؤولية جماعية في نهاية الأمر.