في أحد شوارع مدينة الدارالبيضاء الراقية، وتحت جنح الظلام حين ينقطع المارة عن الذهاب والمجيء، تخرج كائنات ليلية، اعتادت التجول في هذا الشارع وشوارع مماثلة. فتيات ونساء من مختلف الأعمار والأشكال. كل واحدة منهن تتسابق لتبدو الأجمل في أعين الزبناء، زبناء يبحثون عن المتعة السريعة، بأقل ثمن ممكن.. عند البحث بين هؤلاء النساء اللواتي امتهن دعارة الرصيف، لا بد أن يفاجئك وجود نساء.. لا عذرا رجال.. عفوا إنهم مثليو الجنس، رجال بملابس نسوية، شعر منسدل، مكياج ثقيل، مشية متمايلة، يبدو أنهم يبحثون أيضا عن زبائن.. عن صيد ثمين يوفر لهم المال، ويشبع رغباتهم الجنسية.. وبين هؤلاء كان يقف أنور نسيم (اسم مستعار) أو كما يسمي نفسه: “شهرزاد”. “شهرزاد” 20 سنة (من مواليد 1993). مكياج خفيف على الوجه، شعر ناعم، سروال ضيق ومشية متمايلة. يقول شهرزاد، الذي أصر أن نناديه ونعامله على أنه أنثى، منذ صغري كنت أميل إلى اللعب مع الفتيات، لم أشعر يوما بأنني صبي، “مكنتش كنحمل نلعب مع الدراري”، كنت ألعب “لاستيك وكاري” مع الفتيات. في عاشوراء كنت أطلب من والدتي أن تشتري لي “التعريجة” وكنت أقضي أنا وصديقاتي أوقاتا رائعة في “الشطيح والتطبال”، يضيف: في صغري كنت أحب شعري كثيرا، ولم أكن أقصه “كان كيجي معايا الشعر”، لكن والدي، كان يكره شعري “كان كيغوت عليا” ويقصه لي، ومع ذلك كنت أتركه ليطول مجددا، في المدرسة كنت أميل إلى الجلوس وسط الفتيات”صحاباتي”، أساتذتي كانوا دائما يقولون لي “علاش أنت بحال هكذا؟ وكنقول ليهم أنا هكذا” في تلك الفترة كانت لي أسماء كثيرة، وكل شخص كان يناديني باسم “سعيدة، زبيدة، آسية..” كنت أحب مناداتي بتلك الأسماء. يقول شهرزاد، منذ صغري وأنا أنجذب نحو الصبية الذين كانوا يسكنون بجوارنا، أو يدرسون في مدرستي. عندما كنت في القسم الثاني ابتدائي، أحببت ولدا كان يكبرني ببضع سنوات، وكان هذا الشخص أول من مارست معه الجنس، ومن حينها تولد بداخلي حب كبير للجنس وكنت أرغب في ممارسته باستمرار. في ذلك العمر، تعرضت لاعتداءات جنسية كثيرة، لأن الكل كان يعرف أنني “درية نص نص” وكانوا يجدون أنني فريسة سهلة لممارسة الجنس عليها، في أي مكان وأي زمان. دعارة الرصيف.. في سن 15 سنة، كنت في حاجة ماسة إلى المال لأعيش، فبعد وفاة الوالد الذي كان يعيلنا أنا وعائلتي، وجدنا أنفسنا في الشارع لا معيل لنا، وكان من الضروري أن أعمل لكسب المال، يضيف شهرزاد. ولأنني كنت قد اغتصبت في طفولتي «وشرفي ضاع» فكرت في الخروج إلى الشارع للبحث عن زبناء يمارسون الجنس معي مقابل المال، عوض أن أمارسه مع “مكابيت” مجانا. فكرت في أن أحول هوايتي المفضلة إلى عمل أعيش منه، بدأت بالخروج إلى الشارع والبحث عن زبناء، عن رجال يبحثون عن المتعة، يقول شهرزاد “أصبحت فتاة منحرفة، مدمنة على المخدرات والكحول، تبليت صغيرة وليت كنسهر وكنبغي الفلوس، وهذا الإدمان زاد من تعلقي بهذا العالم، لأنني كنت في حاجة ماسة إلى المال، ليس فقط لأعيش، بل لأوفر المال الكافي لشراء المخدرات والكحول، كان علي الحصول على المال بأية طريقة”، ويستطرد: “واللي شديتو مكيقدنيش” وكان هذا سببا آخر جعلني أتمسك بعملي في “التروتوار” واصطياد أكبر عدد ممكن من الرجال، أشبع رغباتهم الجنسية ويملؤون جيوبي بالمال. الانتقام من الرجال “ما تعرضت له في صغري”، يقول أو (تقول) شهرزاد بحرقة، “جعلني أكره الرجال، بالرغم من حبي للجنس، لذا كنت أرغب وبشدة في أن أنتقم منهم، لأنهم اغتصبوني مرارا وتكرارا. وكم من واحد منهم مارس علي الجنس دون إرادتي عندما أكون في حالة سكر. كنت أستغل طول شعري ومشيتي ولبسي ومكياجي للصعود إلى سيارات بعض الزبناء الذين يتهافتون علينا أنا وصديقاتي بهدف ممارسة الجنس مقابل 200 أو 300 درهم، وبمجرد صعودي إلى السيارة، أجعله يكتشف حقيقتي، وأنني “نص نص”، “إذ ليس كل الزبناء يبحثون عن الشواذ، فنحن لدينا زبناء خاصون بنا”، وآخذ ما معه من مال وهواتف محمولة. “بعض المرات كنحس براسي كنكره الرجال” وتكون رغبتي قوية في الانتقام منهم، لأنهم اغتصبوني في صغري، وجعلوني أمقت نفسي، وأحس بأنني رخيصة وموسخة، يضيف شهرزاد “الدنيا فيها الخايب وزوين، وأنا لدابا مزال ما شفت حتى حاجة زوينة. الله يعطينا ما حسن”. «أنا هكذا وغنبقى هكذا..» «لقد غيرت اسمي من أنور، إلى شهرزاد، ومكنبغيش لي يعيط ليا أنور، لأنني هكذا منذ أن وعيت على الدنيا. أنا هكذا وغادي نبقا هكذا، وأنا حتى مع دارنا هكذا». أنا لا أخفي حقيقتي على أحد، أمي حاولت معي كثيرا، ودائما ما تدعي لي بالهداية لكنني هكذا ولا يمكن أن أتغير. نظرة المجتمع لي ولأمثالي تختلف من شخص لآخر. واحد يقوليك زوينة، واحد يقوليك الله ينزل عليك اللعنة، واحد يقوليك الله يعفو عليك. الكثيرون ينصحونني بزيارة طبيب نفسي، لكن ماذا للطبيب النفسي أن يغير؟»