هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاتحاد الأوروبي بقوة، مساء الإثنين، مطالباً إياه «بالاهتمام بشؤونه الخاصة» وعدم التدخل في الشأن الداخلي التركي، وذلك رداً على الانتقادات الدولية التي وجهها الاتحاد وعدد من دول العالم لحملة الاعتقالات الواسعة التي شنتها الشرطة التركية ضد عدد كبير من الصحافيين، الأحد. وقال في تصريحات صحافية، الإثنين: «فليهتم الاتحاد الأوروبي بشؤونه، ولا يبحث عن فرصة للتدخل في الخطوة التي أقدم عليها القضاء، فقواتنا الأمنية تقوم بذلك؛ في مواجهة تلك العناصر تهدد أمننا القومي». ويقصد أردوغان بذلك، ما يسميه «الكيان الموازي» وهم اتباع الداعية الإسلامي فتح الله غولن صاحب النفوذ الواسع في أجهزة الدولة التركية لاسيما الشرطة والقضاء والإعلام، والذين يتهمهم بالسعي لإسقاط الحكومة و»تلفيق تهم الفساد والرشوة» للمقربين منه العام الماضي. وكانت المفوضية الأوروبية دعت في وقت سابق أنقرة إلى إجراء تحقيق مستقل ومحايد مع الموقوفين على خلفية التحقيقات في قضية ما يعرف ب»الكيان الموازي»، في تركيا. واعتبر بيان مشترك صادر عن ممثلة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الاوروبي فريدريكا موغريني، والمبعوث الأوروبي لسياسة الجوار الأوروبية والتوسعة جوهانس هان، بأن «التوقيفات بحق بعض الصحافيين في تركيا، ومداهمة مكاتب إعلامية، لا تتناسب مع حرية الإعلام، والتي تعتبر أحد أهم أسس الديمقراطية»، داعين إلى «الاحترام الكامل لحقوق الموقوفين، وإجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة بحقهم». وجاء في البيان «أن التوقيفات المذكورة تتناقض مع قيم ومعايير الاتحاد الأوروبي، التي تريد تركيا أن تكون جزءاً منه، وأن أي خطوات ستتخذ باتجاه ضم دولة ما الاتحاد الأوروبي، مرهون بالإحترام الكامل للحقوق الأساسية وسيادة القانون»، مشيراً إلى أن الاتحاد «»يتوقع من تركيا تنفيذ تعهداتها والتزامها بهدف الانضمام للاتحاد الأوروبي، والتي حصلا عليها في زيارتهما لتركيا الأسبوع الماضي». وكانت الشرطة التركية أوقفت في مداهمات قامت بها، الأحد في 13 ولاية، 27 شخصًا بينهم شرطيون وإعلاميون، من أصل 31 شخصاً، صدر بحقهم قرار توقيف، على خلفية التحقيقات في قضية «الكيان الموازي». وشملت الاعتقالات «هداية كراجا»، مدير البث في قناة سمان يولو، التابعة لجمعة «فتح الله غولن»، ومدير عام صحيفة الزمان (التابعة للجماعة) «أكرم دومانلي»، وكاتب سيناريو المسلسل التركي «تركيا واحدة» السيناريست «علي كراجا». بالاضافة إلى ««طوفان أرغودر»، الذي شغل سابقًا منصبي مدير شعبة مكافحة الإرهاب في ولاية إسطنبول، ومدير الأمن في ولاية هكاري، وآخرين. في سياق متصل، أفاد بيان صادر عن المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين ساكي أن بلادها تتابع عن كثب أنباء المداهمات والتوقيفات في تركيا. وأضاف البيان: «اتضح أن المستهدفين في العمليات المذكورة هي وسائل إعلام تنتقد الحكومة علناً»، مشيراً إلى أن حرية الصحافة واستقلال القضاء من أهم أسس الديمقراطية السليمة وهي مكفولة في الدستور التركي». واعتبر أن «الولاياتالمتحدة بوصفها صديقة وحليفة لتركيا تدعو المسؤولين فيها إلى الحيلولة دون الإخلال بالقيم المذكورة ومنع وقوع الضرر في المؤسسات الديمقراطية التركية». يُشار إلى أن وضع الحريات السياسية والعامة في تركيا، بات تحت دائرة الضوء عالمياً، منذ احتجاجات حديقة «غيزي» منتصف 2013، وإعلان الحملة الأمنية ضد الكيان الموازي التي شملت إعفاء مديرين في الأمن والقضاء من مناصبهم، واعتقال صحافيين، ومحاكمة نشطاء على خلفية احتجاجات في الشارع. فيما ترى الحكومة التركية هذه الإجراءات مشروعة في سياق إحباط انقلاب قضائي ضدها، ومنع مسؤولين في الدولة من استغلال نفوذهم لصالح أجندات خاصة، يرى معارضون أن الحكومة جعلت من «الكيان الموازي» حجة لإخماد معارضيها، وعرقلة تحقيقات قضائية بحق مسؤولين فيها متورطين بالفساد، وهو ما تنفيه الحكومة.