في مفاجأة سياسية من العيار الثقيل، كشفت تقارير إسرائيلية يوم أمس عن اقتراح عرضه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على نظيره الفلسطيني محمود عباس، يقضي بإقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة، وجزء من صحراء سيناء المصرية، على أن تكون منزوعة السلاح. ونفت السلطة الفلسطينية والخارجية المصرية نفيا قاطعا صحة ما نشر، في الوقت الذي أعلنت فيه تل أبيب معارضة المستوى الأمني نشر قوات دولية على حدود غزة. وحسب ما قالت الإذاعة الإسرائيلية فإن الرئيس عباس رفض اقتراحا طرحه عليه الرئيس السيسي، ينص على إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة، بعد أن يتم توسيع مساحة القطاع بألف وستمائة كيلو متر مربع من أراضي منطقة شبه جزيرة سيناء المصرية. الاقتراح الذي كشفت عنه إسرائيل يقضي أيضا بمنح السلطة الفلسطينية «حكما ذاتيا تاما» في المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية، مقابل أن يتنازل الرئيس عباس عن مطالبه بخصوص العودة إلى حدود عام 1967، لأنه سيكون بذلك حصل على تعويض إقليمي كامل، وحتى أكثر من ذلك، من تخوم سيناء، وهذا الأمر سيسهل التوصل إلى حل لموضوع الحدود كله بين إسرائيل والسلطة. وحسب ما نشر في التقارير الإسرائيلية عن مصادر لم يكشف عن هويتها، فإن السيسي قدم هذا المقترح في اللقاء الذي عقد بينه وبين عباس أول أمس، وأنه حاول التوجه إلى عباس والقول له إنه إذا لم يأخذ هذا الاقتراح وهو في سن 80 عاما، فإن من سيأتي بعده سيأخذها، غير أن الرئيس الفلسطيني لم يقتنع ورفض الاقتراح المصري. وكشف ايضا أنه سبق خطة إبلاغ الرئيس عباس بالمخطط أن جرى إطلاع كل من الولاياتالمتحدة وكذلك إسرائيل عليه. واتصلت «القدس العربي» بأكثر من مسؤول فلسطيني، للحديث حول الأمر، وأكد عضو في اللجنة التنفيذية أن ما نشر في الإعلام الإسرائيلي «مجرد فبركات» وأن شيئا من هذا القبيل لم يعرض على القيادة، وتلا ذلك نفي من الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة « لما أوردته وسائل إعلام إسرائيلية وتناقلته وسائل إعلام فلسطينية وعربية حول عرض الرئيس السيسي للرئيس عباس، يقضي بتوسيع قطاع غزة من أراضي سيناء مقابل التنازل عن حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967. وقال «إن الرئيس المصري لم يعرض ولم يتطرق لمثل هذا الموضوع المرفوض اصلا فلسطينيا ومصريا وعربيا لا من قريب ولا من بعيد». وأوضح الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، أن الجانب الفلسطيني لن يقبل أي عرض «لا يلبي طموحات وأهداف شعبنا الفلسطيني بالحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران/ يوينو عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف»، مشيرا إلى أن هذا «المشروع وغيره من المشاريع الإسرائيلية القديمة الجديدة معروفة لدينا ولدى الشعب الفلسطيني»، داعيا وسائل الإعلام إلى توخي الدقة عند نقل الأخبار. القاهرة من جهتها نفت ما نشر، وأكدت وزارة الخارجية على لسان مصدر مسؤول في بيان لها أن ما نشر مجرد مزاعم، وأكد أن هذه الأنباء «عارية عن الصحة جملة وتفصيلا». وقال المصدر إن هذا الأمر «كان قد تم طرحه إبان حكم الرئيس الإخواني السابق محمد مرسي حينما وعد بمنح الفلسطينيين جزءا من سيناء لإقامة دولة فلسطينية، وذلك في إطار المخططات الخبيثة للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين في تخلّ صريح عن الالتزام بمبدأ قدسية التراب الوطني، لا سيما في هذه البقعة الغالية من أرض الوطن التي دفع الآلاف من المصريين دماءهم ثمنا لاستردادها». وحسب ما نشر في تقرير الإذاعة فإن جهات في إسرائيل اقترحت خطة مشابهة في الماضي. وكان الرئيس عباس قال الشهر الماضي خلال زيارته للقاهرة، وأثناء مقابلة تلفزيونية إن الاتفاق المصري للتهدئة مع إسرائيل الذي تم إبرامه في عام 2012 تحت رعاية الرئيس السابق محمد مرسي، كان ينص على منح غزة 1600 كيلو من الأراضي المصرية في سيناء. وأضاف «وهذا معروف بمخطط إيجورا إيلاند الإسرائيلي، ورفضناه». والرئيس مرسي معتقل في مصر بعد الإطاحة بحكمه في حزيران/ يوينو من العام الماضي، ولم يصدر تعقيب منه على ما نشر. لكن يبدو أيضا أن المخطط المصري الجديد وإن صح الحديث الإسرائيلي، تم الاستغناء عنه، خاصة في ظل تقديم الرئيس عباس مخططه السياسي الذي حظي بدعم عربي، رغم رفض من واشنطن، ويدعو إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. وكان وزراء الخارجية العرب الذين أنهوا أول من أمس اجتماعا لهم أكدوا خلاله دعم خطة الرئيس الفلسطيني السياسية، والقائمة على وضع جدول زمني عبر الأممالمتحدة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وتتضمن الخطة السياسية الفلسطينيةالجديدة عدة مراحل، وتنفذ في غضون ثلاث سنوات، تشمل مفاوضات جادة محكومة بسقف زمني مع إسرائيل. ودعا الوزراء العرب في ختام اجتماعهم الولاياتالمتحدة واللجنة الرباعية الدولية للسلام بالشرق الأوسط إلى إلزام إسرائيل ب «احترام تعهداتها السابقة وتوفير الشروط التي تسمح باستئناف تفاوضي جاد يؤدي إلى إنهاء الاحتلال». وأكدوا دعمهم لانضمام فلسطين لكل المواثيق والوكالات الدولية، وحثوا جميع الدول على تقديم كل أشكال الدعم العاجل إلى دولة فلسطين لمساعدتها على مواجهة المتطلبات الطارئة للشعب الفلسطيني، لإعادة إعمار قطاع غزة جراء الحصار والعدوان الإسرائيلي والوفاء بالالتزامات المالية بهذا الشأن. إلى ذلك ذكر التقرير الإسرائيلي أن هناك معلومات لدى المستوى السياسي تشير إلى أن الرئيس الفلسطيني «ليس معنيا بالعودة إلى قطاع غزة، ولا يعمل من أجل بلورة قرار دولي يفرض عليه العودة إلى مراكز مختلفة في القطاع». ويقول مسؤولون إسرائيليون إنه يوجد في الدول الغربية «انعدام حافز أو اهتمام لبلورة قرار دولي بشأن غزة»، وإن سبب ذلك هو «الأزمة في العلاقات بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية واستياء الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي في أعقاب إعلان إسرائيل عن مصادرة نحو أربعة آلاف دونم في منطقة بيت لحم». وفي سياق متصل أعربت محافل أمنية في تل أبيب عن معارضتها لفكرة نشر قوات دولية على المعابر الحدودية مع قطاع غزة. وقال مصدر أمني إن هذه المعارضة مردها «تجربة الماضي السيئة مع نشر مثل هذه القوات في منطقة الشرق الأوسط». وجاء الرفض الإسرائيلي في أعقاب ما تسرب عن وثيقة للخارجية الإسرائيلية، تدعم نشر قوات دولية على حدود غزة، للإشراف على إعادة الإعمار ومنع تسلح فصائل المقاومة الفلسطينية، وحسب ما جاء في الوثيقة فإن هذه القوة ستخدم المصالح الأمنية الإسرائيلية. وتلى الكشف عن المقترح معارضة حركة حماس، التي أكدت على لسان الدكتور إسماعيل رضوان أحد قادتها أنها ستتعامل مع هذه القوات ك»احتلال جديد»، وطالبت الجهات الدولية بإزالة الاحتلال ورفع الحصار، بدلاً عن الحديث عن سلاح المقاومة.