شهد النزاع الليبي الجمعة تطورا سياسيا هاما مع قرار روسيا التخلي عن العقيد معمر القذافي واحتمال الانتقال في المستوى العسكري إلى "مرحلة جديدة" مع نشر مروحيات هجومية بريطانية إلى جانب مروحيات فرنسية. وابقى النظام الليبي على سياسة التحدي قائلا انه "غير معني" بالقرارات الصادرة عن قمة مجموعة الثماني في فرنسا ورافضا الوساطة التي اقترحتها موسكو لاخراج البلاد من نزاع اودى بالاف القتلى خلال ثلاثة اشهر. ومع ذلك فان النظام الليبي بدا ميدانيا غير مستعد لأي تنازل. واتهمه الحلف الاطلسي بزرع الغام حول مدينة مصراتة التي يسعى النظام لاستعادة السيطرة عليها. وقال أحمد عمر باني المتحدث العسكري باسم الثوار في بنغازي ان قوات القذافي زرعت الغاما قبيل انسحابها منتصف ايار/ مايو "عندما شعرت انها تخسر" المعركة. وأعلن القائد العام للعملية العسكرية التي يقودها الحلف الاطلسي في ليبيا الجنرال شارلز بوشار الجمعة من جهته ان القوات الموالية للعقيد معمر القذافي زرعت المنطقة المحيطة بمصراتة بالالغام معتبرا أن هدف قوات القذافي من زرع هذه الالغام هو "منع السكان من المرور" واستعادة السيطرة على المدينة. وتواصل القوات الحكومية الضغط على مصراتة ومهاجمتها بصواريخ غراد. وبحسب خالد ابوفالغة رئيس لجنة الصحة في المدينة فقد قتل ثلاثة اشخاص الخميس في هذه الهجمات بالدفنية غرب مصراتة واصيب 20 آخرون بينهم طفل. لكن مصير القذافي كان على بساط البحث الجمعة، وقد يأخذ النزاع ربما منعطفا جديدا بعيدا عن الجبهة. ففي دوفيل شمال غرب فرنسا حيث عقدت قمة مجموعة الثماني خسر الزعيم الليبي حليفا هاما حين انضم الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الى موقف الغربيين المطالبين برحيله. وقال الرئيس الروسي "العالم لم يعد يعتبره (القذافي) زعيم ليبيا". وكانت روسيا امتنعت عن التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 الذي اجاز الضربات الدولية على طرابلس غير انه كان يرفض دعم دعوات الولاياتالمتحدةوفرنسا لرحيل القذافي. وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما الجمعة بدوفيل إن التحالف "سينجز العمل" في ليبيا في حين قبلت روسيا توقيع البيان الختامي لقمة مجموعة الثماني الذي اكد ان القذافي "فقد كل شرعية" وانه "لا مستقبل له في ليبيا حرة وديموقراطية وعليه ان يرحل". بالمقابل أكد الرئيس الروسي انه عرض على شركائه في مجموعة الثماني "وساطته" في النزاع الليبي وأعلن انه أرسل مبعوثا إلى بنغازي معقل المعارضة الليبية. وفي طرابلس، قال مساعد وزير الخارجية الليبي خالد الكعيم بعدما انضمت روسيا إلى الدعوات لتنحي القذافي في ختام قمة مجموعة الثماني الجمعة في فرنسا، إن الاخيرة "قمة اقتصادية، نحن غير معنيين بقراراتها". وعن عرض الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف القيام بوساطة في النزاع الليبي، اضاف الكعيم "نحن لم نطلع على الموقف الروسي بشكل رسمي، نحن بصدد الاتصال بالحكومة الروسية للاستفسار عن المعلومات التي رأيناها في الصحافة". وميدانيا هزت خمسة انفجارات مساء الخميس مقر العقيد معمر القذافي بالقرب من وسط العاصمة طرابلس. وكثف الحلف الاطلسي منذ أيام غاراته على العاصمة الليبية. وفي مؤشر على الرغبة في تسريع العملية والاقتراب من الارض سترسل بريطانيا وفرنسا مروحيات قتال قادرة على ضرب قوات القذافي في الاماكن الحضرية بدقة أكثر. ومن جهته قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن عمليات الحلف الاطلسي في ليبيا تدخل "مرحلة جديدة". وأعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي انه ينوي زيارة بنغازي مع كاميرون "في الوقت المناسب". ويتعرض النظام الليبي الذي يواجه ثورة لا سابق لها منذ اواسط شباط/ فبراير، لقصف تحالف دولي منذ 19 اذار/ مارس بتفويض من الاممالمتحدة لحماية المدنيين. واجبرت الأزمة الليبية نحو 750 ألف شخص على الفرار من ليبيا، بحسب الاممالمتحدة كما سقط فيها آلاف القتلى بحسب مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو الذي يسعى الى ملاحقة القذافي بتهمة جرائم ضد الانسانية. لكن القذافي الذي يدفع منذ اسابيع للرحيل والخاضع لعقوبات واضعفته الانشقاقات، لا يبدو انه مستعد للتخلي عن السلطة بعد 42 عاما من الحكم. وقال امين عام الجامعة العربية عمرو موسى الجمعة في دوفيل "بحكم معرفتي بهذا الرجل لا اعتقد انه سيرحل". وفي ظهور اعلامي نادر، انتقدت صوفيا القذافي زوجة الزعيم الليبي معمر القذافي الجمعة الضربات الجوية التي ادت الى مقتل ابنها سيف العرب، واتهمت الحلف الاطلسي بارتكاب "جرائم حرب". وقالت لشبكة (سي ان ان) في تصريحات عبر الهاتف "لم أكن هناك. لكنني كنت ارغب في ان اكون لأنني كنت لاموت معه".