فشلت روسيا وحلف شمال الأطلسي، أول أمس الاثنين، في تقريب وجهات النظر بينهما حول العملية العسكرية، التي يقودها الحلف في ليبيا، فيما واصلت مقاتلات الحلف قصف أهداف تابعة للنظام الليبي. واتهم وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الأطلسي بتفسير القرار الدولي 1973 وفق ما يشاء، إثر محادثات أجراها في مدينة سوتشي على البحر الأسود مع الأمين العام للحلف، اندرس فوغ راسموسن، أظهرت تباينا في وجهات النظر بين الجانبين. وانضم إلى اجتماع لجنة الحلف الأطلسي وروسيا، الذي عقد في مدينة سوتشي الرئيس الجنوب إفريقي، جاكوب زوما، لكن مشاركته لم تسهم في تذليل الخلاف بين الجانبين. وقال لافروف "حتى الآن، ليس لدينا تفاهم مشترك حول كيفية تنفيذ القرار"، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن الدولي، الذي أذن بتنفيذ العمليات العسكرية. وأضاف "نريد أن ينفذ هذا القرار في شكل حرفي، دون أي تأويل". وكان لافروف والرئيس الروسي، ديمتري مدفيديف، أجريا محادثات مع راسموسن في محاولة للتوصل إلى تفاهم على حل سلمي للنزاع في ليبيا. بدوره، عقد زوما لقاء ثنائيا مع مدفيديف للغرض نفسه. وأحجمت روسيا عن التصويت على القرار 1973، لكنها أعربت منذ ذاك عن استيائها من حجم القصف الجوي، الذي يشنه الحلف الأطلسي على أهداف تابعة للنظام الليبي. وأعربت موسكو، الأسبوع الماضي، عن غضبها من قيام فرنسا بإلقاء أسلحة للثوار الليبيين بواسطة المظلات. وقال لافروف أيضا "نعتبر أن الحظر الجوي،الذي نص عليه قرار مجلس الأمن، لا ينطوي على أي التباس. إن تسليم أي أسلحة (للثوار) يعتبر انتهاكات للقرار". وأضاف أن "للحلف الأطلسي رأيا آخر مفاده أن القرار يتيح لأي كان القيام بأي شيء". في المقابل، دافع راسموسن عن تزويد الثوار الليبيين أسلحة، مؤكدا أن الأمر يتطابق مع القرار الدولي. وصرح للصحافيين أن "تسليم الأسلحة يندرج في إطار حماية المدنيين وقدرتهم على حماية أنفسهم من الهجمات". وأضاف "حتى الآن قمنا بتنفيذ القرار بنجاح". وأعلنت جنوب إفريقيا، الأحد الماضي، زيارة زوما لروسيا، بعدما تبنت قمة الاتحاد الإفريقي خارطة طريق لإنهاء النزاع الليبي، الأمر الذي يرفضه الثوار. وأبلغ زوما مدفيديف أن الاجتماع بالحلف الأطلسي "سيساعد كثيرا على تبادل وجهات النظر، لأن (ممثلي الحلف) سيطلعون على الأمور التي تقلق الاتحاد الإفريقي حاليا". وحضت روسيا الاتحاد الإفريقي على الاضطلاع بدور رئيسي في المفاوضات، وأجرى ميخائيل مارغيلوف، موفد الرئيس الروسي محادثات في ليبيا، الشهر الماضي، مع ممثلي النظام والثوار على السواء. ومن البنود الجديدة، التي تضمنتها خارطة طريق الاتحاد الإفريقي، نشر قوة متعددة الجنسية لحفظ السلام برعاية الأممالمتحدة. لكن الثوار الليبيين ما يزالون يرفضون التسوية التي تقترحها المنظمة الإفريقية، فيما أخفقت روسيا في إقناع القذافي بالتنحي. وقال مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي، أول أمس الاثنين، في بنغازي إن لا مجال لبقاء القذافي في ليبيا حاضرا ومستقبلا، رغم إقراره بأن مثل هذا العرض قد طرح عليه في السابق. من جانبه، أكد سيف الإسلام القذافي، ثاني أبناء الزعيم الليبي والناطق غير الرسمي باسم النظام، في حديث نشرته صحيفة لوموند، أنه "يستحيل" التوصل إلى حل للنزاع دون مشاركة والده. وقال سيف الإسلام إن "والدي لا يشارك في المفاوضات. إنه نزاع ليبي بين ليبيين وخونة، وميليشيات، وإرهابيين. هل تظن أننا يمكن أن نجد حلا لا يساهم فيه؟ لا هذا مستحيل". وفي السياق نفسه، دعا النظام الليبي إلى التطوع لقتال القوات "الصليبية" والمتمردين بعد ثلاثة أيام من نداء العقيد معمر القذافي إلى التجنيد. وفي طرابلس، أعلن نائب وزير الخارجية الليبي، خالد الكعيم، أن الاتصالات مع بنغازي مستمرة في عدة عواصم أوروبية، مؤكدا أن هدف حكومته هو تحاشي حمام دم وحرب أهلية في ليبيا. وقال الكعيم للصحافيين إن "الزعيم الليبي (معمر القذافي) يشجع الحوار ويشرف عليه. هدفنا هو الوصول إلى مصالحة بين الليبيين والحؤول دون حصول حمام دم". وأضاف أن "هذا الحوار" بين النظام والمتمردين يجري في عدة عواصم عربية وأوروبية، مسميا إيطاليا من بين هذه العواصم، لكنه عزا هذا الموقف إلى كون المجلس الوطني الانتقالي، الهيئة السياسية للثوار، "لا يتحدث بصوت واحد". وأوضح الكعيم أن "المجلس الوطني الانتقالي ليس هيئة متجانسة، هو يتألف من فصائل مختلفة"، مؤكدا أن جناح الإخوان المسلمين داخل المتمردين هو "الأكثر ضلوعا" في هذه المفاوضات. وفي يونيو الماضي، أعلن رئيس الحكومة الليبية، البغدادي المحمودي، أن طرابلس أقامت نوعا من "منظومة اتصال" مع المجلس الوطني الانتقالي. وقال وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، لرئيس المفوضية الإفريقية، جان بينغ، إن المنظمة القارية تلعب "دورا مهما" لحل الأزمة الليبية، خلال محادثات بينهما في لندن. وجاء في بيان لمكتب الوزير أن هيغ أعلن، خلال "محادثات مفيدة"، أن "الاتحاد الإفريقي يلعب دورا مهما لدعم عملية يتوجب على الليبيين الاستفادة منها للتوصل إلى حل سياسي". وأضاف هيغ "من المهم أن يكون الاتحاد الإفريقي أوضح أنه لا يمكن أن يكون القذافي جزءا من عملية التفاوض وأنه يجب أن يكون هناك نقل للسلطة". من جهة ثانية، أعلن الكعيم اعتراض مركبين في جنزور على بعد 30 كلم غرب طرابلس، كانا يقلان أسلحة مصدرها قطر إلى الثوار الليبيين. واستهدفت غارات الحلف الأطلسي ميناء زوارة (غرب) ونقاط مراقبة "مدنية" في هذه المدينة، التي تقع على بعد 120 كلم غرب العاصمة طرابلس، حسب ما أعلن التلفزيون العام الليبي، مشيرا إلى سقوط قتلى وجرحى. وقالت وكالة الأنباء الليبية الرسمية من جهتها إن الغارة "الصليبية" استهدفت، صباح أمس الاثنين، نقاط مراقبة في بني وليد، على بعد 180 كلم جنوب شرقي العاصمة طرابلس، ما خلف العديد من القتلى والجرحى. من جهته، أعلن الحلف الأطلسي أنه استهدف ثلاث عربات مسلحة في منطقة زوارة، كما نفذ غارات، خاصة على البريقة (800 كلم شرق طرابلس)، حيث استهدف 19 موقعا عسكريا، وأيضا في مصراتة (200 كيلومتر شرق العاصمة) وسرت (500 كيلومترا شرق طرابلس) وغريان (50 كيلومترا جنوب العاصمة الليبية). وكان الحلف أكد، السبت الماضي، أنه سيواصل تكثيف الضغط على نظام القذافي "لحماية المدنيين، حيثما كانوا مهددين بهجمات". والاثنين الماضي، قتل أربعة، من الثوار بقنابل عنقودية، وفق مصادر طبية في مصراتة، التي تبعد مائتي كيلومترا شرق طرابلس. وتعرضت أحياء سكنية في هذه المدينة لقصف صاروخي من قوات القذافي، بحسب موقع الثوار في مصراتة. وقتل شخصان ينتميان إلى إحدى قبائل مدينة سبها، معقل قبيلة القذاذفة، التي يتحدر منها الزعيم الليبي معمر القذافي في جنوب غرب البلاد، بالرصاص، خلال تظاهرة مناهضة للنظام وفق ما أكد شخص مقرب من الضحيتين.