الصين وتركيا ترفضان التدخل في شؤون الجماهيرية أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن أمس الخميس أن الحلف لا ينوي التدخل في ليبيا لكنه يستعد «لكل احتمال». وصرح راسموسن أمام صحافيين في مقر الحلف ببروكسل «لا نية للحلف للتدخل لكننا نستعد بشكل مدروس لكل احتمال». وأضاف أن الحلف يتابع الوضع الميداني «عن كثب» و»اخذ علما» بطلب المعارضة الليبية في بنغازي من الدول الغربية تنفيذ ضربات جوية ضد مواقع القوات الموالية للنظام. وشدد راسموسن على أن مجلس الأمن الدولي لم يجز في هذه المرحلة اللجوء إلى القوة. ومن جانبها، شددت الصين أمس الخميس على ضرورة احترام وحدة الأراضي الليبية مؤكدة أن كل المبادرات الدولية المتعلقة بهذا البلد يجب أن يقررها مجلس الأمن الدولي. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية جيانغ يو «علينا احترام سيادة ليبيا ووحدة أراضيها»، وذلك في الوقت الذي بدت فيه الولاياتالمتحدة حذرة أول أمس الأربعاء حيال احتمال التدخل عسكريا في ليبيا للإطاحة بالعقيد معمر القذافي. وأضافت جيانغ «في ما خص الوضع في ليبيا، نعتقد أن المشاورات في الهيئات المعنية في الأممالمتحدة كفيلة بإعادة الاستقرار إلى ليبيا». و»تسري» في أروقة مجلس الأمن الدولي فكرة فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا ولكن حتى الساعة لم يتم رسميا تقديم أي طلب لدرس هذه الفكرة، كما أعلن الأربعاء المندوب الصيني في الأممالمتحدة الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن.وقال المندوب الصيني لي باودونغ إن فكرة فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا التي تداولها بعض الدول هي حاليا مجرد «مصطلح يسري في أروقة» مجلس الأمن. ودعمت الجامعة العربية فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا، وهي فكرة تباحثت فيها الولاياتالمتحدة والحلف الأطلسي الأسبوع الماضي. ودعا أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي في طليعتهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية الديمقراطي جون كيري إلى فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا. يثير خيار التدخل العسكري للحلف الأطلسي في ليبيا انقسامات في صفوف دوله الأعضاء بسبب المخاوف من ردود فعل العالم العربي والتردد في توسيع رقعة عمليات الحلف والتعقيدات التي تطرحها عملية كهذه. وعقد أول أمس الأربعاء في بروكسل اجتماع مقرر منذ مدة طويلة لسفراء الدول الأعضاء ال28 في المنظمة الأطلسية. وبدورها ترفض تركيا العضو أيضا في الحلف الأطلسي هذه الفكرة. وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان كما نقلت عنه وكالة أنباء الأناضول محذرا «هل يتوجب على الحلف أن يتدخل في ليبيا؟ أن ذلك سيكون مخالفا للصواب. أن الحلف ليس لديه أي شيء هناك. أن الحلف لا يمكن أن يتدخل عسكريا إلا عندما يتعرض بلد حليف لهجوم». وموسكو التي تتعاون مع الحلف الأطلسي متيقظة أيضا للأمر. وقال مندوبها الدائم لدى الحلف الأطلسي ديمتري روغوزين «أن الأحداث الأخيرة تعطي ذريعة للحلف الأطلسي ليحاول الانغراس في هذه المنطقة بحجة انه يريد تأمين الوضع في إفريقيا الشمالية». وعلى الصعيد العملي فان الحلف الذي يضم 28 دولة يملك الوسائل لفرض منطقة حظر جوي بالرغم من تعقيد هذه العملية وحجم الوسائل الواجب استخدامها لتحقيق ذلك. فذلك سيتطلب نشر طائرات مراقبة من نوع اواكس التي يتمركز أسطول منها للحلف في ألمانيا والتي تملكها انفراديا الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، وأيضا طائرات مطاردة لرصد أي تحليق مشبوه والقيام بعمليات اعتراض، وطائرات تموين وردارات وغيرها. وسيتعين على الحلف في إطار هذا السيناريو أن يعتمد على القواعد العسكرية الأميركية في ايطاليا كمركز انطلاق.وهذا ما سبق وفعله في البلقان وفي البوسنة والهرسك اعتبارا من العام 1992. لكنه قام بذلك بتفويض من الأممالمتحدة ولا يمكنه القيام بذلك في ليبيا إلا في هذا الإطار. وهو أمر يبدو معقدا نظرا إلى الانقسامات داخل مجلس الأمن الدولي.فأثناء اجتماع هذا الأسبوع مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي حذر الأمين العام للحلف الأطلسي أندرس فوغ راسموسن من أن إقامة مثل هذه المنطقة في ليبيا سيكون «معقدا بسبب العمليات الإنسانية» الجارية في ليبيا بحسب دبلوماسي أوروبي. لكن إزاء تدهور الوضع في ليبيا وصدور مواقف عربية رافضة لأي تدخل عسكري غربي في ليبيا أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الأربعاء أن الولاياتالمتحدة «لا تزال بعيدة عن (اتخاذ) قرار» بشأن إقامة منطقة حظر جوي في ليبيا داعية إلى توخي الحذر في هذا الخصوص.