نظمت المحكمة الإبتدائية ببني ملال بتاريخ 8 أبريل 2011 ندوة حول الإشكاليات العملية المرتبطة بمدونة السير بقاعة قسم قضاء الأسرة التابع لها . و قد تم افتتاح الندوة بكلمة السيد محمد الضاوي رئيس المحكمة الإبتدائية بني ملال, رحب فيها بالحضور و تطرق فيها إلى أهمية التواصل بين جميع المهتمين بقضايا مدونة السير كما نوه بتلك المدونة لكونها عبارة عن ترسانة قانونية شاملة و جامعة لمختلف النصوص , و ما تبعها من إصدار لمراسيم أو قرارات تنظيمية تكفلت بمعالجة كل الجوانب الجزئية التي تطرقت لها المدونة في كتبها الخمس. كما عرض السيد الرئيس أهم الإشكاليات و الصعوبات التي رافقت تنفيذ مقتضيات هاته المدونة منذ دخولها حيز التنفيذ بتاريخ فاتح أكتوبر 2010 الماضي, و التي تم تداولها في تلك الندوة من طرف السادة القضاة و المنتدبين القضائيين و عمداء الشرطة و الملحقين القضائيين و مندوب و موظفي وزارة التجهيز و النقل و ذلك بغية مناقشتها و بسط الحلول التي اهتدوا إليها. و ذكر السيد محمد الصياح نائب وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية ببني ملال نيابة عن السيد عبد العزيز العلوي وكيل الملك لديها بالدور الوقائي الذي أفرزته تلك المدونة بغية الحفاظ على حياة الإنسان و كذا تكريس الفضاء المعقلن للسير. و في نفس السياق جاءت كلمة السيد فاتح كمال نائب وكيل الملك لدى ابتدائية بني ملال عن لجنة التنظيم حيث رحب بالحضور و أبدى أسفه لكون جمهور المهتمين بمدونة السير ركزوا اهتمامهم على الطابع السياسوي الذي رافق الجدل حول مشروع ذلك قانون و أغفلوا مناقشته مناقشة أكاديمية حقوقية و قضائية. من خلال العرض الأول الذي ألقاه السيد سعيد الصراخ قاضي التحقيق لدى المحكمة الإبتدائية بني ملال، الذي حاول رصد بعض الإشكاليات العملية و التي تطرحها المدونة من خلال صلاحيات قاضي التحقيق و ما قد يعترضه في عمله من صعوبات العملية راجعة إلى قانون مدونة السير حيث قام بالتعريف بمفهومي قاضي التحقيق و بالتحقيق الإعدادي داخل المحاكم الإبتدائية و أشار إلى اختصاصاته النوعية و المحلية وفق مدونة السير و حدودها المرتبطة بمدى جدوى إلزامية التحقيق و تداخلات صلاحيات قاضي التحقيق مع قضاء الحكم. و ألقي العرض الثاني من طرف السيد الميلودي شكري ,عميد الشرطة بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية ببني ملال حيث تناول فيه علاقة النيابة العامة بالشرطة القضائية على ضوء مدونة السير الجديدة واصفا هاته الأخيرة بمثابة نص جنائي خاص مركزا على وجوب بقاء مضامينها ضمن الإطار العام للقواعد الجنائية العامة. و قد حصر عرضه في مطلبين أولهما يتعلق بجديد مساطر البحث في حين تناول في المطلب الثاني حدود سلطة النيابة العامة في الأمر بالإجراءات المقيدة للحقوق و الحريات من خلال تلك المدونة. إثر ذلك أعطيت الكلمة للسيد عبد العزيز عوادي ملحق قضائي بالمعهد العالي للقضاء تناول فيها موضوع إشكاليات التبليغ و التنفيذ في مدونة السير في إطار محاولته إلقاء الضوء على بعض النقط من أجل نشر و تعميم المعرفة القانونية و من أجل فتح مواضيع للنقاش مبرزا أهمية الموضوع لا سيما و أن الدراسات القانونية المعقمة لا زالت منعدمة بالنظر إلى حداثة ذلك القانون و موضحا أن نجاح مدونة السير يتوقف على حسن التطبيق القضائي لنصوصها و نصوص المراسيم التطبيقية لها. كما تطرق إلى الدور المنوط بالنيابة العامة باعتبارها الجهاز المكلف بتسيير أعمال البحث و تنفيذ المقررات القضائية و الإجراءات القانونية المرتبطة أغلبها بالسلطة الحكومية المكلفة بالنقل. و في إطار مداخلته أشار السيد عوادي إلى الجديد الذي أفرزته مدونة السير في الشق المتعلق بالتبليغ حيث نصت على ضرورة إشعار النيابة العامة للإدارة بجميع المقررات القضائية الصادرة في قضايا السير . كما أوجبت في مجموعة من المواد ضرورة تبليغ المخالف بموضوع المخالفة و أشار إلى كون المشرع المغربي قد خرج عن مبدأ التواجهية القائم على شكلية التبليغ في المادة 20 من نفس المدونة متسائلا عن سر ذلك الإستثناء. أما في الشق المتعلق بالتنفيذ، فقد ركز المتدخل على أهميته في تجسيد منطوق المقررات و الأوامر القضائية على أرض الواقع حيث تقوم النيابة العامة و الطرف المدني بتتبع تنفيذ المقررات بالإدانة و التعويض وفق الأحكام و الضمانات المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية. و ختم مداخلته بالإشارة إلى ما جاءت به المدونة من طرق أخرى للتنفيذ، بغية تقليص وقت البت في المخالفات و اختزال المجهوادت البشرية و تخفيف العبء عن المحاكم بخصوص مخالفات السير . و قد قسم طرق التنفيذ إلى إدارية و قضائية منصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية، و أبرز مجموعة من التعقيدات فيما يخص آليات تنفيذ مختلف مقتضيات مدونة السير. ثم تقدم السيد صالح المحفوضي قاض بالمحكمة الإبتدائية بني ملال بمداخلة تحت عنوان مستجدات إيقاف و سحب رخصة السياقة من خلال مدونة السير الجديدة، حيث تطرق إلى الحق في السياقة و تقييده من طرف المشرع في حالات متعددة سواء في إطار النصوص المنظمة للسير و الجولان القديمة أو في إطار القانون الجديد رقم 05-52 المتعلق بمدونة السير الجديدة و بإمكانية الإيقاف الإداري أو القضائي أو السحب أو الإلغاء أحيانا بل إلزامية السحب أو الإلغاء مع الحرمان من الحق في السياقة و في الحصول على رخصة جديدة أحيانا أخرى مؤكدا أن الحق في السياقة الذي تخوله الرخصة لصاحبها ليس حقا مطلقا بل هو حق مؤقت. و ألقى السيد عبد الكبير الخرواعي منتدب قضائي لدى ابتدائية بني ملال عرضا تناول فيه موضوع العقوبات الجديدة في مدونة السير، حيث تطرق إلى مجمل العقوبات الإدارية و الزجرية، مضيفا أن موضوع مداخلته يتميز بمجموعة من الخصوصيات عما جاءت به المادة الجنائية من عقوبات، حيث يحظى بأهمية نظرية بالغة نظرا لراهنيته كما أن له أهمية عملية بالغة بالنسبة لعموم المهتمين بشؤون السلامة الطرقية و تطبيق مدونة السير. تم تناول السيد فاتح كمال نائب وكيل الملك لدى ابتدائية بني ملال الكلمة حيث تطرق إلى المستجدات الإلكترونية في ظل هاته المدونة و أشاد بالدور المحوري التي تقوم به تقنية المعلوميات بفضل تطويعها لعلم الإلكترونيك حيث مكنت من ضبط و توجيه و استغلال المعلومة . كما أوضح إلى أن إقرار مشروع مدونة السير لمجموعة من المستجدات الإلكترونية جعلت مثلا من إثبات المخالفات المرورية تعرف نقلة نوعية من خلال تقنين وسائل حديثة لإثبات المخالفات كالحامل الإلكتروني لرخصة السياقة و شهادة تسجيل المركبة و كذا جهاز قياس السرعة و جهاز الكشف عن مستوى تشبع الهواء المنبعث من الفم بالكحول، كما أشار إلى الآثار القانونية و القضائية لهذه المستجدات سواء على سائق أو مالك المركبة. أما العرض السابع فقد تناولته السيدة ربيعة موهيم منتدبة قضائية بالمحكمة الإبتدائية بني ملال في موضوع الجديد في علاقة القضاء مع وزارة النقل - إجراءات كتابة النيابة العامة نموذجا- حيث قسمت الموضوع إلى مبحثين أولهما يتعلق بدور كتابة النيابة العامة فيما يرد عليها من محاضر و الثاني يتعلق بإجراءات كتابة النيابة العامة تجاه وزارة النقل. حيث أشارت بشكل موجز إلى الإجراءات المرتبطة بالمحاضر المحالة على كتابة النيابة العامة بالطريقة الإلكترونية وثانيا إلى المحاضر المحالة على كتابة النيابة العامة بالطريقة العادية حيث تحدثت عن آجال الإحالة و جزاء عدم الإحالة داخل الآجال و مآل محاضر المخالفات. أما في المبحث الثاني المتعلق بإجراءات كتابة النيابة العامة تجاه وزارة النقل، فقد ناقشت فيه المتدخلة الترابط بين المادة 22 من مدونة السير و المادة 217 من مدونة السير أيضا و طرحت مجموعة من الأسئلة مشيرة إلى بعض النماذج من الإرساليات المحالة على وزارة النقل. و أما المداخلة التي تقدم بها الملحق القضائي السيد الحسين زيتوني فكانت حول السند التنفيذي في مخالفات السير وفق المدونة الجديدة للسير على الطرق، حيث تطرق إلى الإشكاليات التي يثيرها تطبيق السند التنفيذي في المخالفات و مدى تأثيرها في مخالفات السير من خلال دراسة الشروط الشكلية و الجوهرية التي يجب أن تتوفر في السند التنفيذي بشأن مخالفات السير، سواء من خلال فصول المسطرة الجنائية من 375 إلى 382 أو من خلال الفصول 236 و 235 و 139 و 223 و 219 و 30 و من 184 إلى 187 و 221 من مدونة السير ليتم في الأخير الحديث عن آثار السند التنفيذي على رخصة السياقة. و ألقى السيد الرافة وتاب قاض لدى المحكمة الإبتدائية بأزيلال عرضا تعلق بتوقيف المركبات و إيداعها بالمحجز، أشاد فيه بدور المدونة في تكريس الفضاء المعقلن للسير و تأهيل القطاع و بالتالي الوصول إلى الأمن الإجتماعي و ركز في عرضه على التنظيم القانوني من حيث توقيف المركبات بمفهومها العام و كذا الحالات المرتبطة بها و أخيرا مرحلة الإيداع بالمحجز و كيفية إخراج المركبات منه. و أخيرا تناول الكلمة السيد ممثل وزارة التجهيز و النقل السيد عبد الغني علواني حيث أشاد بتدخلات المشاركين و أشار إلى أبرز الإشكاليات و النقاط المتعلقة بخصوص رخصة السياقة و سلوك السائقين و كذا المراسلات الإدارية بين الوزارة الوصية على القطاع و بين النيابة العامة لدى المحاكم. و بعد هذه المداخلة تم ختم العروض و فتح باب المناقشة و التدخلات حيث أثار المتدخلون كل العراقيل التي صاحبت تطبيق هذه المدونة سواء من حيث المنظومة الإدارية أو العملية. و اختتمت هذه الندوة بالتأكيد على ضرورة مواصلة التكوين المستمر و التأطير قصد التطبيق الفعلي و الجيد لبنود مدونة السير.