الجزء الثاني تهميش الرجال ...تقزيم الارض....الانهيار المحتوم إن التهميش الممنهج للكفاءات في كل المجالات و على جميع الاصعدة و الذي لم يتوقف منذ عقود هو الذي ساهم بشكل خطير في تقوية الاعداء و تقزيم رقعة الدولة المغربية الشريفة. يكفينا أن نذكر لمن يعتبر أن التهميش الذي طال رجالات المغرب الاكفاء و الاوفياء هو الذي أبعدنا لمئات الكيلومترات عن حدودنا الطبيعية التاريخية المتمثلة إلى غاية الامس القريب في نهر السنغال جنوبا وحال دون استرجاعنا لالاف الكيلومترات المربعة أي "الصحراء الشرقية" التي اقتطعها الاستعمار الفرنسي ليضمها غصبا إلى الجزائر الشقيقة وهو الذي لم يمكنا إلى غاية اليوم من استكمال استقلالنا واسترجاع ما اغتصبه الاسبان ، أقصد: سبتة، مليلية، الجزر الجعفرية، جزر الخالدات، جزر الكناريا... ألم يدفع تهميش الميديوكريتان بفئة مهمة من الشباب المستوطن للجنوب المغربي وغالبيتهم من أبناء المقاومين وجيش التحرير الاشاوس إلى الانتفاضة التي وصلت إلى درجة المطالبة بالانفصال عن الوطن الام ولا أدل على هذا من القولة الشهيرة للوالي مصطفى السيد رحمه الله، أحد المؤسسين الاساسيين لما بات يعرف بجبهة "البوليساريو": (صعدنا الجبال سكنا القمم لنصبح رجالا من بعد العدم لنفضح من قال رعاة الغنم) لم تتوان جماعة الميديوكريتان في رصد كل الكفاءات في كل المجالات وجمع كل المعطيات المتعلقة بها (une véritable veille informationnelle) وفي الحرص كل الحرص على إبعادها وتهميشها ،ونذكر على سبيل المثال لا الحصر عالم المستقبليات د. المهدي المنجرة رحمه الله ، الدكتور طه عبد الرحمان أحد أكبر الفلاسفة و المناطقة في العالم (الذي تدخل جلالة الملك محمد السادس شخصيا لفك الحصار المضروب عليه)، سعيد عويطة بطل الابطال وفي كل الاوقات وسيد الحلبات بدون منازع ، د. عبد الجليل هنوش العميد السابق لكلية الآداب والعلوم الإنسانية مراكش، القائد المجاهد موحى وسعيد أويرّا (الويرّاوي) أحد الركائز الأساسية للدولة العلوية الشريفة والذي لم يتفاوض قط مع الاستعمار الاجنبي ، العالم العلامة الجليل سيدي محمد بلقزيز) الذي تم تكريمه بجائزة محمد السادس للفكر والدراسات الإسلامية (الذي أهين و طرد من كلية الآداب والعلوم الانسانية بمراكش إلخ.... بالرجوع إلى القصيبة، على غرار عدة مناطق بجهة تادلة أزيلال، نقول بأنها عانت في بعض الاحيان أكثر مما عانت منه المناطق الاخرى إذ تم تهميش الانسان والمجال واستنزفت خيراتها الطبيعية مما يؤشر على اختلالات بيئية واجتماعية عميقة بدأت تلوح في الافق والتي من شأنها أن تخل بتوازنات البلد برمته إذا ما تم السكوت على جماعة الميديوكريتان و تركت لتواصل عملها التخريبي الممنهج وانقلاباتها الخفية الخطيرة المتكتمة. سلطة الرجال ورجال السلطة لفهم خطورة الموقف وجب الوقوف على آخر فصول تهميش رجال القصيبة إذ بعد محاولات الاقصاء الممنهج الذي طال القائد التاريخي موحى وسعيد، والذي لا يزال ساري المفعول، ومن خلاله كل قبائل الاطلس المتوسط الجنوبي، عمد الميديوكريتان إلى تطبيق كل البنود التي تضمنها دليلهم وأوصت بها "قوانينهم"، وخاصة البند الرابع الذي يختص بتوريث الابناء والاحفاد اللعنة التي طالت الاباء والاجداد والذي بموجبه تم تسليط الضوء على أول أحفاد موحى وسعيد وحامل سره واسمه " القائد محمد" بن علي بن موحى وسعيد الذي تحمل مسؤولية الارث التاريخي الجسيمة ( il en était le véritable et principal dépositaire)، والمتمثل في الذود اللامشروط عن الوطن والهوية ورعاية عقد البيعة التي تجمع آل موحى وسعيد وكل قبائل دائرة القصيبة بالعرش العلوي الشريف منذ 1880 م وبصفة رسمية منذ 1888م. بدون الخوض في تاريخ الرجل الذي يعتبر من أبرز شخصيات "القصيبة" في الخمسين سنة الماضية إن لم يكن أبرزها على الاطلاق يكفينا القول بأنه يعتبر بشهادة الجميع، بدءا بالميديوكريتان أنفسهم، الوجه الوضاء لوزارة الداخلية ومن أنظف رجالات الادارة المغربية على الاطلاق. ما كانت سلطة الرجل ليحتويها القالب الضيق الذي ابتكرته الوزارة المذكورة وفرضته إلى عهد قريب على غالبية رجال السلطة. فبالاضافة إلى كفاءته المهنية وحرصه الشديد على تشريف الظهير الملكي الذي يحمله، لم يذخر جهدا في محاربة الفساد والرشوة والاقطاعية (بدءا بمحيطه القريب ! ) والتزوير والزبونية والمحسوبية، بل تعدى الاختصاصات التي خولت له كعضو في الجهاز التنفيذي للدولة ليضع في صلب اهتماماته مبادرات جعلت منه أسطورة عصره نذكر منها: تشجيعه للمشاريع المذرة للدخل، تسهيل هجرة المواطنين الراغبين في تحسين ظروف معيشتهم خارج الوطن، إقامة مشاريع سياحية تتلاءم والمكانة التاريخية للقصيبة، تأسيس أولى الفرق الرياضية بكل من زاوية الشيخ، و أغبالة والقصيبة والتي عرفت نوعا من الاحتراف خلال الستينيات مكنها من جلب لاعبين محترفين (أمثال مصطيفة، الحارس سطوني الخ.( ومن الاحتكاك بكبريات الفرق الوطنية آنذاك (كرجاء بني ملال التاريخي، ، شباب خنيفرة الكبير، الجيش الملكي العريق بقيادة كليزو والمولودية الوجدية تحت قيادة الرئيس بلهاشمي رحمه الله والدولي السابق الفيلالي التي اتخذت من القصيبة مركز لتربصاتها( وكذلك من تطعيم فرق وطنية أخرى بلاعبين قصباويين (نسبة إلى دائرة القصيبة) أكفاء نذكر منهم على الخصوص أحمد لمان رحمه الله، العميد السابق للفريق الوطني المغربي الذي يعتبر صنعا محليا قصباويا صرفا، المايسترو الموهبة بوهادي صالح رحمه الله، مصطفى بلعبيد، جحيد، اسّو، حوباين، بيدوش، علمي/أجديعا، الخ... بدأت مضايقات الرجل منذ أن كان تلميذا في القصيبة، ثم بثانوية طارق بن زياد بازرو وثانوية ليوطي بالبيضاء، (حيث كان ولي أمره آنذاك الوطني الكبير ابراهيم الروداني رحمه الله)، ثم انتهت بالنفي إلى تولوز الفرنسية - بإيعاز من النقيب فالاش(le Capitaine Valache) وتحت المراقبة اللصيقة للاستعمار -التي استقر بها كطالب لبضع سنوات قبل الرجوع إلى المغرب وولوج وزارة الداخلية سنة 1961 م والتي أبان فيها عن اجتهاد ومثابرة وصبر منقطع النظير. لقد حرص الميديوكريتان على تهميش الرجل وجعله لا يبرح مكانه في نفس المنصب لاكثر من 34 سنة. هذه الوضعية التي زادت من تشبث الرجل بمبادئه عوض الانهزام والانصياع جعلت منه أسطورة حية يحترمها الجميع خاصة وأنه كان يبيع إرثه (أو الفتات الذي ورثه بصعوبة بعد عقود عرف فيها اليتم ،والمعاناة و الحرمان، و الحصار، والترقب، و النفي وظلم ذوي القربى) لكي لا يمد يده إلى ميزانية الدولة أو جيب المواطن. لم يكن هذا كافيا لثني الميديوكريتان عن غيهم إذ بلغت بهم الوقاحة إلى محاولة إهانته وهو على فراش الموت –يعاني من مرض عضال-، هذه المحاولة باءت بالفشل بفضل تدخل شخصية سامية استطاعت بتبصرها وحنكتها وحلمها وسعة صدرها أن تحتوي الموقف وأن ترد الاعتبار للرجل ومن خلاله لكل قبائل آيت سري و آيت سخمان. وسرعان ما انتهينا من هذه الحادثة المؤلمة، حتى عاود الميديوكريتان الكرة إثر وفاة رجل القصيبة الاول بتاريخ 30 يونيو 2010 ففي فاتح يوليوز 2010، أفاقت قصيبة موحى وسعيد ومعها قبائل الاطلس المتوسط الجنوبي على نبأ وفاة القائد واسو محمد بن علي بن موحى وسعيد وما كاد الناس يصدقون الخبر حتى أطل عليهم الموكب الجنائزي القادم من مراكش فاستيقنوا أخيرا بأن صفحة كبيرة من تاريخهم المشترك المجيد قد طويت وفهموا أن دائرة القصيبة وجهة تادلة أزيلال فقدتا بالفعل أحد أبرز المدافعين عنهما. لقد عمد الميديوكريتان إلى تعتيم المعلومة وجعل الامور تمر في صمت، فعطلت شبكات الاتصالات "بقدرة قادر" طيلة ذلك اليوم (أي فاتح يوليوز2010)، ولكن هذا لم يثن كل القبائل عن التوافد فرادى وجماعات على بيت الفقيد بتاغبالوت نوحليمة يتزعمها أحباؤنا من كبراء آيت سخمان الاحرار أولئك الذين كرموه بصفة رسمية في ذلك اليوم المشهود من 3 شتنبر 2006 م الموافق للتاسع من شعبان 1427 ه ، وكل المكونات لقبائل آيت سري. بعد صلاة الجنازة بتاغبالوت، اتجه الموكب الجنائزي المهيب، يتقدمه رئيس المجلس البلدي السيد مصطفى مشهوري (ابن المجاهد والوطني الكبير سيدي أحمد والحسين رحمه الله) وشباب القصيبة، إلى مقبرة الاجداد بساريف، الذي غاب عنه والي جهة تادلة آنذاك بالاضافة إلى كل العمال والولاة المنحدرين من دائرة القصيبة والمحسوبين في خانة الاصدقاء ، كما غاب ممثلوا وزارة الداخلية عدا باشا القصيبة آنذاك والسلطات العمومية ورجال الدرك الملكي الذين جاؤوا للتحقق من هوية الفقيد وإعطائنا الاذن ببدء عملية الدفن مؤكدين بذلك أن القائد محمد واسو طبق القانون وطبق عليه منذ أن ولد ببويصعان سنة 1934 م حتى لحظة دفنه بارض ساريف الطاهرة في الفاتح من يوليوز 2010 م بعيد صلاة الظهر. بعد الانتهاء من مراسيم الدفن بدأ الجميع يتساءل عن سبب هذه الغيابات فجاءت بعض التوضيحات أسبوعا بعد ذلك إذ في التاسع من يوليوز 2010 م حضر وفد هام يضم بعض مستشاري جلالة الملك ووزير الداخلية وعدة شخصيات مدنية وعسكرية لتشييع جنازة الراحل واسو سعيد بن حمو بن رحو تغمده الله بواسع رحمته بنفس المقبرة أي بساريف. وقف الجميع للترحم على روح المفتش العام السابق لوزارة الداخلية وهذا أمر محمود ومشكور يستحق كل التقدير والامتنان ولكن المؤسف هو أن والي جهة تادلة أزيلال لم يتدارك هفوته السابقة ولم ينبه أحدا من هؤلاء المسؤولين الافاضل أنه على بضعة أمتار يرقد واسو محمد بن علي بن موحى وسعيد، أسد من أسود الاطلس الذين خدموا الوطن والعرش منذ ما يقرب من 130 سنة. السيد الوالي لم يخبر أحدا أن المجال الترابي لقبائل آيت سري،و آيت سخمان تحول إلى بيوت عزاء وأن غض الطرف عن وفاة أحد أكبر زعمائهم هو بمثابة تهميش وتحقير لهذه القبائل برمتها بل ذهب البعض إلى حد القول بأن هذه الهفوة المقصودة أو غير المقصودة تعد محاولة يائسة وميؤوسة للمساس بالبيعة وأن المسؤول الاول عن هذه النازلة هو الوالي السابق لجهة تادلة أزيلال. وننتهز هذه المناسبة لنقول للرجل: - أما عن مراسيم تشييع الجنازة، وفق الطقوس والتعاليم الاسلامية، فالراحل شيع من طرف المستضعفين والبسطاء والمساكين وحملة كتاب الله، وهذه هي زمرة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم. فهل هناك أعظم من زمرة رسول الله أيها الوالي المحترم ؟ - نقول لك بكل احترام سيدي الوالي، لست أنت من يقوم بتعيين أو اختيار أو تسمية الاعيان، فهذا من اختصاص الامة والتاريخ ونحن في القصيبة رغم بساطتنا وكون منطقتنا تشكل نقطة صغيرة في الخريطة الجغرافية واستصغاركم لنا سوف نظل دائما وأبدا طرفا رئيسيا في صناعة هذا التاريخ ولقد فوت على نفسك، سيدي الوالي، فرصة لا تعوض ألا وهي التقاء غالبية أعيان قبائل آيت اسري،و آيت سخمان، وآخرين ما كانوا ليلتقوا إلا بمشيئة الله ولامر جامع يستحق الملاقاة. - أحيطكم علما سيدي الوالي أنه بالاضافة إلى خيرة شباب القصيبة وأعيانها حضر أناس أخيار ممن يعظمون الدولة العلوية الشريفة وركائزها من قبيل سليل الشرفاء العروسيين والركيبات السيد الكنتوري سعيد بن الناجم بن المهدي بن محمد بن حماد أحد أحفاد الشهيد والشيخ المجاهد البخاري بوكجة كبير شيوخ الركيبات، وعدة أعيان من احواز مراكش وآيت اورير وتاحناوت الخ أتدري سيدي الوالي أنه فور وفاة الرجل بمراكش تلقينا مساندة ومواساة كل جهة تادلة أزيلال المجسدة في شخص رجل الاخلاق والمبادئ الرجل التقي النقي والعصامي السيد عمر اضريس ونجليه احمد نعمان ويحيى بالاضافة إلى المؤازرة الفعلية لخيرة شباب القصيبة كالحاج محمد صدقي، وكذلك الاستاذ عبد الجليل هنوش سليل مجاهدي آيت باعمران البواسل وآخرون لا تسعهم هذه الاوراق. إن ما يمكن أن تعاتبوا عليه، سيدي الوالي، هو رمزية غيابكم إذ ترتب عنه عدة أشياء نصفها بالخطيرة: - بدأ الناس يؤولون ويتساءلون : إذا كان هذا هو مصير الشرفاء المخلصين الاوفياء فما جدوى الاخلاص والوفاء والاجتهاد ؟ - هل هذا الغياب مجرد هفوة أم يحمل في طياته أمورا أو خطابات سيكشف عن فحواها فيما بعد ؟ - على كل حال اعتبر الميديوكريتان غيابكم كممثل أول لجلالة الملك وللحكومة في المجال الترابي الذي وكل إليكم، ضوءا أخضرا يسمح لهم بالسطو على ممتلكات طالتها أيادي الاستعمار الغاشم وانتظر أصحابها ) نذكر منهم على الخصوص آيت با (أو آيت فرتاحي)، آيت توحليمات وآيت واغاظ (طويلا تصفية منصفة تقوم على أساس مقاربة تشاركية عادلة. إن إعادة هيكلة هذه الممتلكات المكونة أساسا لمصطاف تاغبلوت نوحليمة دون إشراك مالكيها وممثلي المجتمع المدني شجع الميديوكريتان على القيام بخطوات أكثر خطورة وغير محمودة النتائج والعواقب إذ تابع هؤلاء سطوهم الرمزي والفعلي الممنهج على ما تبقى من ملك القائد الراحل واسو محمد الكائن بتاغبلوت متبعين في ذلك سياسة الاحتلال الصهيوني للاراضي المحتلة. فهناك من صادر مساحات هامة وحول طريقا رئيسية، الطريق المسماة "تارقاست" التي تربط بين ساريف وتاغبالوت من أجل التمويه وإحكام الطوق، وهناك من ترامى على قطعة أخرى وبنى وشيد على مرئ ومسمع الجميع في تحد سافر للقانون والشرعية وهناك من غير مجرى الساقية بغية حرمان بستان الراحل من مصدره الوحيد لسقي النبات والاشجار آملين أن تدفعنا هذه المضايقات إلى الرحيل وأن تثني المالكين الاخرين عن الدفاع عن حقوقهم المشروعة والطامة الكبرى هو أن كل هذا تم ومازال ساري المفعول حتى تاريخ 20 غشت 2014 بمباركة من السلطات المحلية التي ظل ممثلها -أي باشا القصيبة المنتهية ولايته- يراوغنا قرابة السنتين متذرعا بأنه في مهمة "دائمة" وأنه على كل حال لا ولن يستطيع فعل أي شيء بدعوى أن أحد المترامين –وهو إقطاعي معروف- من "الاعيان" وأن الاخر" قريب من القصر" على حد قوله المشاع في كل أرجاء مدينة القصيبة. إن غيابكم سيدي الوالي، له أكثر من دلالة ويصب في مصلحة الميديوكريتان الذين أبدعوا في خلخلة التوازنات وقد بدا واضحا للعيان أنهم، بالاضافة إلى ما ذكر، يخدمون أجندات أجنبية تعمل على زعزعة النظام الداخلي وفي هذا الصدد لن يفوتني استحضار إرهاصات وخلاصات أستاذي وشيخي (l'un de mes Maîtres à Penser) الدكتور المهدي المنجرة رحمه الله، الذي قال نقلا عن أحد المستشرقين: "من أراد هدم حضارة أمة فهناك وسائل ثلاث، (وهذا بالفعل ما اجتهدت فيه جماعة الميديوكريتان): 1- هدم الاسرة: وذلك بتغييب الام وجعلها تخجل من وصفها كربة بيت. للوقوف على هذا التهميش تكفينا الاشارة إلى أن بطاقة التعريف الوطنية ما قبل البيومترية عوضت أحسن مهنة في الوجود "ربة بيت" بعبارة مستفزة دنيئة و رديئة "بدون". 2- هدم التعليم: أبدعت "الجماعة" في هذا الباب وقامت بكل ما في وسعها لاذلال المعلم (بمعناه العام) وجعله يهوي إلى الدرك الاسفل مما يسمى "السلم الاجتماعي" وذلك بالنظر إلى مدخوله الشهري الرديء وإلى نسج حكايات وطرائف مضحكة من سبيل: "كال ليك واحد لكوعليم"، "واحد المعلم مسكين"، ……ولاكتمال هذه الصورة الدرامية مكنوا أتباعهم من السطو على بعض المناصب الحساسة كرئيس جامعة، وعميدة كلية، و مدير معهد جامعي الخ. 3- إسقاط القدوات والمرجعيات: وذلك عبر التهميش، والاقصاء،و المضايقات، وتحريف وتزوير التاريخ وخلق شخصيات وأسماء و أعيان مزورين ليصبح هذا التخصص الاخير حكرا على الميديوكريتان بدون منازع. ثورة جديدة للملك والشعب القصيبة وأبنائها الابرار ماضون في خدمة الوطن والعرش رغم مكر الماكرين. لا نطلب امتيازا أو انحيازا أو منصبا أو شيئا من هذا القبيل...لا نطلب شيئا غير الانصاف، إنصاف أناس خطئهم الوحيد هو النظر دائما إلى النصف المملوء من الكأس والحرص الابدي على المشاركة في الحل وليس في المشكل. لا نهاب الموت ولكن تشل أيدينا أمام إخوتنا في الدين والوطن ونعمل كل ما في وسعنا لتجنب الفتن ما ظهر منها وما بطن. ولكن إن لم نحترس من الميديوكريتان وفلولهم، يمكن للزمن أن يغير أمورا كثيرة لن تصب لا قدر الله في صالح الامة المغربية. إذا نظرنا إلى تاريخ البشرية وحاولنا الفهم والتشخيص والتمحيص مستعينين باللجوء إلى الكتاب والسنة، ظهر جليا من خلال استشفاف قرآني يقيني أن الاجيال تتغير كل أربعين سنة. وإذا سلمنا بأن تاريخ القصيبة جزء لا يتجزأ من المسار التاريخي لدولتنا الشريفة فإن: - جيل موحى وسعيد الويراوي أي الجيل الاول، لم يعرف غير الجهاد واستمر من 1880 إلى غاية 1928. - وتلاه الجيل الثاني الذي تابع النضال من أجل الاستقلال من الفترة الممتدة من ثلاثينيات القرن الماضي إلى منتصف الستينات من نفس القرن. هذا الجيل أضحى أكثر مرونة من الجيل الاول، والدليل على هذا هو أنه لم يتمكن من استكمال استقلال البلاد إلى غاية اليوم. - أما الجيل الثالث الذي عاش فترة مفصلية، اتسمت بصراعات ما بعد "الاستقلال" وامتدت إلى حدود 2008 و 2010 فهو الذي تنتمي إليه غالبية " المثقفين" وأشباههم وهو المطالب باستدراك الهفوات وبمضاعفة الجهود قبل فوات الاوان. لقد بدأ بالفعل العد العكسي لفترة حافلة بالازمات استهلها الميديوكريتان بنهج وتشجيع سياسة ما يسمى " بالمغادرة الطوعية" التي حرمت المغرب من خيرة علمائه وأجود طاقاته، وهنا تجدر الاشارة إلى أن جلالة الملك محمد السادس ما فتئ منذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين يلفت الانتباه إلى الاعتناء بالرصيد البشري واقترح تصورات شاملة شافية وكافية بدأت بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتواصلت وتكاملت بعدة أوراش أخرى منها ما ترجم على أرض الواقع و منها ما سيأتي لاحقا في إطار عمليات التشخيص والتقييم التي أعطى العاهل الكريم انطلاقتها الفعلية في خطاب العرش ل 30 يوليوز 2014 والمتعلقة بالرأسمال غير المادي للمغرب المتمثل أساسا في ثروته البشرية أي الثروة الحقيقية التي لا تخضع لقوانين السوق المتغيرة ولا للتقلبات المناخية أو السياسية لانها بكل بساطة لا تباع ولا تشترى. لكي لا نطيل، نقول إن استمر الميديوكريتان في تزوير التاريخ ونشر الرداءة وتشجيع الاستهلاك الجنوني القائم على الجشع، وإن واصل محاولاته اليائسة في اجتثاث النظام من جذوره الحقيقية الاصيلة سينتهي كل شيء جميل في هذا الوطن العزيز قبيل حلول 2025 أي مع الجيل الرابع الذي ولد بحلول 2010 والذي يحاول الميديوكريتان جاهدين محو ذاكرته (en le rendant amnésique) وجعله يعتقد أن لا دور له في المجتمع وأن العهود والمواثيق لا فائدة ولا جدوى منها، وان يركز كل كيانه على "الحقوق" دون الواجبات وأن يستخلص بأن الحياة الحقيقية لها مرادف واحد هو الاستهلاك ثم الاستهلاك ثم الاستهلاك دون قيد أو شرط. أما نحن وأمثالنا في القصيبة وغيرها فبالمرصاد قاعدون وعلى درب الاباء والاجداد سائرون وصابرون نحمي الحمى (nous sommes les Gardiens du Temple) نذود عن الوطن، نحرص على طاعة أولي الامر منا مع التذكير بأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، لا نساوم في المبادئ ولا نخاف في الله لومة لائم. قبل الختام، نريد أن نتوجه من هذا المنبر بخالص التشكرات إلى خديم الاعتاب الشريفة الرجل الوفي المخلص وابن جهة تادلة أزيلال الغالية السيد الشرقي اضريس على الجهود التي يقوم بها لاستباق واحتواء الازمات ورأب الصدع مطالبين إياه التدخل شخصيا وفي أقرب الاجال الممكنة لاعادة الاعتبار لقصيبة موحى وسعيد ورجالها ورفع الضرر الذي طالهم والذي لم يعد باستطاعتنا تحمله لان الميديوكريتان تجاوزوا كل الخطوط الحمراء. لقد باءت كل محاولاتنا السلمية الدفاعية المشروعة بالفشل، لقد سئمنا من التماس آلاف الاعذار لهؤلاء المتسلطين الذين لا يولون أي اعتبار لنا ولما مر ويمر به الوطن من أزمات ومصاعب ولما يحاك ضده من طرف الاعداء. لقد ظن هؤلاء أنه برحيل زعمائنا أصبحت الطريق معبدة أمامهم ليهددوا كياننا ووجودنا. ذلك ظنهم وقولهم بأفواههم يضاهون قول الذين ظلموا من قبل ولا نجد لهم ردا أعظم وأحسن من قوله تعالى:" أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا و أن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع و بيع و صلوات و مساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز" صدق الله العظيم. وفي الختام ننتهز هذه الفرصة لنتقدم بأحر التعازي لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله إثر فقدان القائد واسو محمد بن علي بن موحى وسعيد الويراوي- ومن خلاله إلى الشعب المغربي وإلى قبائل آيت اسري، و آيت سخمان ولتلك القلة القليلة التي خدمتهم بإخلاص نذكر منهم على سبيل الحصر، إلى جانب السيد الشرقي اضريس، المهندس الناجح والديبلوماسي المحنك الاستاذ العامل السابق لبني ملال السيد يحيى بن سليمان- ولنجدد له الولاء والبيعة التي تشرفنا بها وحفظناها منذ 1888 م راجين من العلي القدير أن يحفظ جلالته في أسرته الكبيرة والصغيرة وأن يقيه كل مكروه وأن يقدرنا على نصرة الحق بنصرته حتى نلتحق بدورنا بالرفيق الاعلى.