مصادقة مجلس الأمن، يوم 28 أبريل المنصرم، وبإجماع أعضائه على القرار 2351 المتعلق بقضية الصحراء المغربية، بقدرما أنها حملت ضربة جديدة للجبهة الانفصالية وهزيمة أخرى لأسيادها في قصر المرادية بالجزائر، فهي، فضلا عن ذلك، تفتح اليوم مرحلة أخرى في مسار هذا الملف المفتعل حول وحدتنا الترابية. لن تنجح ماكينة بروباغاندا العسكر في الجزائر في تغليط الجميع بكون القرار الأممي الأخير ليس هزيمة لها ولمناوراتها، وحتى عندما لجأت ديبلوماسيتها إلى إسقاط تأويلات وتفسيرات متوهمة على بنود ومقتضيات وأعراف، وألصقت للأحكام والنصوص الفهم الذي تشاء، فكل ذلك لم يقنع أحدا، وأدرك الجميع أن الانتصار بين، وأيضا الهزيمة وتوالي الصفعات. لقد مدد قرار مجلس الأمن لبعثة مينورسو لسنة، وذلك من دون أي توسيع لصلاحياتها لكي تشمل مراقبة حقوق الإنسان… وفي القرار كذلك لم يرد الحديث مرتكزا إلى معنى واحد وأحادي بالنسبة لمسألة تقرير المصير، أي بربطه بالاستقلال والانفصال، وإنما جاء المضمون متسقا مع الأفق الذي كرسه الأمين العام الجديد عبر توصياته وتقريره، وأيضا ضمن الحرص الأممي العام على الحل السياسي المقبول والمتوافق عليه بين الطرفين، وكذلك في إطار الجدية والواقعية وروح التوافق. وإذا استحضرنا ما سلف، وأضفنا أيضا التقدير الذي يحظى به الجهد المغربي المبذول بغاية صنع الحل، وكل الدينامية المغربية التي ما فتئ المجتمع الدولي يصفها، طيلة السنوات الأخيرة، بذات الجدية والمصداقية، فإن السؤال المطروح على الطرف الآخر، يتعلق بالمعنى الذي يمنحه هو للانتصار وللهزيمة. قرار مجلس الأمن صدر متلازما مع انتهاء ملف الكركرات وانسحاب مقاتلي الجبهة الانفصالية من المنطقة العازلة، بل إن المداولات التي سبقت ورافقت صياغة القرار فرضت الانسحاب واشترطته، وبالتالي الانفصاليون رضخوا لذلك. إذن، فقراءة القرار الجديد لمجلس الأمن يجب أن تأخذ كذلك بعين الاعتبار كامل الظرفية التي أحاطت به، والمتسمة بتعيين مبعوث أممي جديد، وأيضا بانتهاء الأزمة مع كريستوفر روس وعودة المكون المدني للمينورسو، فضلا بالطبع عن انتهاء أزمة الكركرات… ثم هناك أيضا ما تشهده تركيبة مجلس الأمن نفسه من تحولات طيلة العامين القادمين، وانضمام بلدان حليفة للمغرب إلى عضويته، وأيضا وجود أمين عام جديد على رأس الأممالمتحدة، علاوة على إدراكه لتفاصيل الملف، هو يجسد بروفيلا سياسيا وفكريا يختلف جذريا عن سلفه الكوري بان كي مون. كل هذا يعني أن قرار مجلس الأمن، من دون شك، سيفتح مرحلة جديدة في تعاطي الأممالمتحدة مع الملف، وذلك ضمن تطلع عام يرى أن "التوصل إلى حل سياسي لهذا النزاع الذي طال أمده، وتعزيز التعاون بين دول اتحاد المغرب العربي، سيساهمان في تحقيق الاستقرار والأمن بمنطقة الساحل". يعني هذا، أن الأمر منفتح كذلك على بعد إستراتيجي إقليمي ودولي له صلة بالتصدي للإرهاب، وحماية الأمن والاستقرار بمنطقة الساحل الإفريقي، وتأكد مصداقية وقوة الأدوار التنموية والسياسية والإستراتيجية للمغرب في إفريقيا، ومن ثم، فإذا أضفنا إلى كل ما سبق وجود رئيس أمريكي جديد، وما يتوقع أن تفرزه انتخابات الدور الثاني من رئاسيات فرنسا بعد أيام قليلة، وباقي تحولات السياسة والجيو بوليتيك في أوروبا بالخصوص، فإنه بالنسبة لبلادنا، كل ما ذكر أعلاه يفرض شيئا أساسيا، وهو ضرورة اليقظة، واستمرار التعبئة الوطنية لإفشال أي مناورة جديدة للخصوم، ولمواصلة تفعيل ديبلوماسية هجومية في كل العالم، وتكثيف المنجز التنموي والديمقراطي بشكل ملموس على أرض الواقع في أقاليمنا الجنوبية. وعلى ضوء القرار الأخير لمجلس الأمن، فبإمكان ديبلوماسيتنا أن ترفع التحدي في وجه خصوم الوحدة الترابية، وخصوصا النظام الجزائري، وأن تُلِح على معركة ("تسجيل" سكان مخيمات تيندوف، جنوب غرب الجزائر)، وذلك ترتيبا على ما ورد أيضا ضمن هذا القرار الأممي نفسه، واستحضارا لمعرفة وعلاقة غوتيريس أساسا بهذا الملف المحوري، والذي من شأنه كذلك فضح الواقع في المخيمات وإسقاط مغالطات تروجها الماكينة الدعائية الانفصالية والجزائرية. إن ملف الإحصاء هذا، وأيضا ما ترتكبه القيادة الانفصالية من انتهاكات حقوقية وإنسانية داخل المخيمات، علاوة على المناورات الجزائرية المتعددة، هي ملفات يجب أن تنتبه إليها ديبلوماسيتنا وتستثمرها في كل المحافل ذات الصلة، وأن تستحضرها ضمن منظومتها الهجومية والاستباقية. محتات الرقاص