أوساط دولية وأوروبية عديدة صارت اليوم مقتنعة بأن المساعدات الإنسانية التي يجري إرسالها إلى سكان مخيمات تيندوف لا تصل إلى مستحقيها، وبأن قياديين في الجبهة الانفصالية وعناصر أمنية وعسكرية جزائرية متورطين إلى جانب شبكات إجرامية تقوم بتهريب مواد الدعم هذه وبيعها في الأسواق الجزائرية أو الموريتانية ونهب مداخيل ذلك على حساب القاطنين في المخيمات، والذين يعانون من العوز والجوع والمرض، بالإضافة طبعا إلى الحرمان من الحرية. بعد المعطيات التي كان قد كشف عنها المكتب الأوروبي لمحاربة الغش من قبل، والجدل الذي أفضى إليه ذلك داخل البرلمانين الفرنسي والأوروبي، وفي الوسطين السياسي والإعلامي بإسبانيا وفرنسا وبلدان أوروبية أخرى، بات المراقبون اليوم يسجلون تراجعا واضحا في حجم هذه المساعدات الأجنبية الوافدة على المخيمات، علاوة على تنامي وعي كثير من الأوساط بجرائم الاختلاس والنهب وتحويل وجهة هذه المساعدات نحو الأسواق المجاورة لبيعها لفائدة العناصر المتنفذة في تيندوف وأسيادها في الجزائر. تحرص السلطات الجزائرية طبعا على التغطية على التراجع المشار إليه، وذلك بسلب الشعب الجزائري حقوقه وخيراته وعائدات ثرواته الطاقية لتوزيعها في المخيمات درءا للفضيحة، كما أن ماكينتها الدعائية تحاول أن تبرر التراجع بما تشهده بلدان أوربا من أزمات اقتصادية ومالية، لكن كل هذا لم يعد يقنع أحدا، وفرضت التغيرات الإقليمية والدولية والإستراتيجية على الجميع اليوم أن يرى الحقائق كما هي. وبالنسبة للمغرب، فهذا الملف يعتبر أساسيا، ولا بد من متابعته، ديبلوماسيا وسياسيا وأمنيا، بشكل دقيق وناجع، أولا من أجل فضح المتاجرين بمأساة مواطنينا بالمخيمات، وثانيا من أجل حث المجتمع الدولي على التدخل لرفع المعاناة وإنقاذ الساكنة هناك من المجاعة إذا توقفت المساعدات... وعلاقة بما سبق، فإن التوصية الأخيرة التي صدرت عن مجلس الأمن بشأن إحصاء ساكنة المخيمات من طرف مفوضية اللاجئين هي أيضا تعتبر أولوية مركزية لابد أن تكثف الديبلوماسية المغربية العمل بخصوصها، سواء تجاه الأممالمتحدة وكامل منظومتها أو في المحافل الحقوقية الدولية والهيئات الإنسانية والسياسية والإقليمية، وذلك بغاية فرض تطبيق هذا القرار الأممي وفضح خلفيات ومناورات الرافضين له والالتزام به. العنوانان المركزيان المشار إليهما أعلاه، أي فضح التلاعب بالمساعدات الإنسانية الأجنبية الموجهة لسكان المخيمات، والضغط لتطبيق توصية مجلس الأمن حول إحصاء اللاجئين، هما إذن واجهتان يجب أن تتجسد عبرهما الهجومية الديبلوماسية المغربية في هذه المرحلة في مختلف الأوساط الدولية، بالإضافة طبعا إلى مواصلة العمل الميداني، التنموي والديمقراطي والسياسي، في أقاليمنا الجنوبية، والتجديد المستمر للإصرار الوطني حول مقترح الحكم الذاتي والتعريف المتواصل به. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته