ينجم عن إنجاز الشغل العديد من المخاطر، ومن أهم هذه المخاطر نجد حوادث الشغل بالإضافة إلى الأمراض المهنية. وما يميز حوادث الشغل عن الأمراض المهنية، هو أن حوادث الشغل تقع فجأة وتبرز بصورة مهولة، هذا ما استدعى تنظيمها قانونيا بالدرجة الأولى. الأستاذة نورة بوطاهر وقفت في بعض أبحاثها على موضوع حوادث الشغل في القانون المغربي، وندرج بعض ما جاء في بحثها:قبل الحماية لم يكن في المغرب أي نص خاص بهذه المخاطر. أما في عهد الحماية فقد بدأت النصوص الحمائية الحديثة بالظهور على مراحل: - في البداية لم تكن توجد إلا مقتضيات الفصل 750 ق ل ع وما بعده، حيث كانت مسؤولية المشغل لا تقوم إلا إذا استطاع الأجير إثبات الخطأ، وهو أمر كان عسير المنال.- ومع نمو الصناعة بمجيء الآلة ومخاطرها، صدر ظهير 25 يونيو 1927 بشأن التعويض عن حوادث الشغل الذي اعتبر المشغل مسؤول عن الضرر الناجم عن حادثة الشغل دون حاجة إلى إثبات الخطأ من طرف الأجير.- وبعد الحصول على الاستقلال تم تغير ظهير 1927 بمقتضى ظهير 6 فبراير 1963.بداية نشير إلى أن الظهير المنظم لحوادث الشغل (ظهير 1963)، لم يضع تعريفا محددا لحادثة الشغل، بحيث نص الفصل 3 من الظهير أعلاه على أنه: «تعتبر بمثابة حادثة الشغل، الحادثة كيفما كان نوعها التي تصيب من جراء الشغل أو عند القيام به، كل شخص سواء كان أجير أو يعمل بأي صفة كانت و بأي محل كان لحساب مؤاجر أو عدة مؤاجرين». هذا ما دفع الفقه المغربي إلى البحث عن تعريف لحادثة شغل، وهكذا عرف الأستاذ أمال جلال حادثة الشغل بأنها: «الحادث الذي يصيب جسم الإنسان فجأة بفعل عنيف وبسبب خارجي». فحسب هذا التعريف، فإن حادثة الشغل تشمل كل الحوادث المهنية والعوارض الصحية التي تصيب الأجير أثناء قيامه بعمله أو بمناسبته، حتى لو كانت الحادثة ترجع إلى القوة القاهرة، فقد اعتبر القضاء أن وفاة أجير بسبب زلزال مدينة أكادير بمثابة حادثة شغل، وبالتالي فإن المشغل يتحمل المسؤولية حتى وإن كانت الحادثة ناتجة عن نزيف دموي، إلا إذا أثبت المشغل أن المصاب بالحادثة عرضة سهلة لأمراض. ويتوقف تواجد حادثة الشغل على ثلاثة شروط هي: 1 - وقوع الحادثة: بحيث ينبغي وقوع الحادثة أيا كان نوعها وسببها وأثرها، سواء كانت راجعة إلى القوة القاهرة أو إلى فعل الإنسان، وكل ما يشترط فيها هو أن تكون مفاجئة وعنيفة، وأن تصيب جسم الأجير، وأن تنشأ عن فعل خارجي. 2 - وجود رابطة سببية بين الحادثة والإصابة: بمعنى أن تكون الحادثة الواقعة هي السبب في إصابة الأجير بالعجز الصحي أو الوفاة. 3 - وجود الأجير في حالة تبعية للمشغل.وبجانب المفهوم الأول لحادثة الشغل، والذي يقتصر على الحادثة الواقعة داخل مؤسسة الشغل، هناك مفهوم واسع يشمل حتى الحادثة الواقعة في الطريق، التي يتعرض لها الأجير أثناء تنقله من محل إقامته إلى مقر عمله. وقد حدد الفصل 6 من الظهير المذكور مكان وقوع هذه الحادثة في الحالات التالية: 1- بين محل الشغل ومحل إقامة الأجير: وذلك سواء تعلق الأمر بمحل إقامة رسمي أو ثانوي أو أي محل أخر يتوجه إليه الأجير لأسباب عائلية كأن يكون مقيما عند أبويه أو أصهاره. وفي هذا الإطار اعتبر القضاء أن الحادثة الواقعة أثناء نقل العمال على ظهر القارب بسبب انقطاع الطريق، حادثة شغل. 2- بين محل الشغل والمحل الذي يتناول فيه الأجير طعامه اعتياديا: وذلك سواء تعلق الأمر بطعام الفطور أو الغداء أو العشاء، ولا يشترط أن يكون هذا المحل بالضرورة مطعما أو مقهى، بل يكفي تناول الطعام عند أحد الأقارب أو الأصدقاء. 3 - بين محل تناول الطعام اعتياديا ومحل إقامة الأجير. وهناك شرط أساسي لاعتبار حادثة الطريق بمثابة حادثة شغل، وهو أنه يجب ألا ينقطع الأجير عن المرور أو ينحرف عن الطريق العادي لسبب شخصي لا علاقة له بالشغل، وتبقى المسألة خاضعة للسلطة التقديرية للقضاء.لقد حدد الظهير الشريف رقم 1.60.223، الصادر بتاريخ 6 فبراير 1963، الذي تم بمقتضاه تغير الظهير الشريف الصادر بتاريخ 25 يونيو 1927 الخاص بالتعويض عن حوادث الشغل، الأشخاص المستفيدين من نظام حوادث الشغل من خلال الفصل 7 والفصل 8.وتم تمديد الاستفادة إلى الطلبة الخارجيين والداخليين والمقيمين بالمراكز الاستشفائية، بحيث تنص المادة 33 من مرسوم رقم2.91.527 صادر في 21 من ذي القعدة 1413(13ماي 1993) كما تم تمديد حماية هذا الظهير إلى الفنانين، وذلك بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.03.113 صادر في 18 من ربيع الأخر 1424(19يونيو2003)، بتنفيذ القانون رقم 99-41 المتعلق بالفنان. بحيث تنص المادة 13 منه على ما يلي: «يستفيد الفنان الذي تطبق عليه أحكام هذا القانون من التشريع المتعلق بحوادث الشغل...».