ترتفع عدد المصابين بحوادث الشغل في المغرب الى حوالي 36 ألف حالة من أصل كل 100 ألف ناشط، ومن هذا المجموع يصل عدد القتلى الى 50 بينما لايتعدى 25 في تونس و15 في مصر و4 في فرنسا و1 في انجلترا، ومع ذلك فإن الارقام المتوفرة عن أمراض وحوادث الشغل غير كافية لرسم صورة تقربنا من الواقع. هذه الارقام التي جاءت على لسان ممثلة شركة «سنيا السعادة» للتأمين استفزت شريحة واسعة من الذين ساهموا في الملتقى الدولي المنعقد يوم الجمعة 27 ماي 2010 بالدارالبيضاء حول موضوع: «المغرب في مواجهة تحديات الصحة والسلامة في الشغل». فمنهم من طعن في هذه الاحصائيات جملة وتفصيلا من منطلق أن التعميم على مجموع النشيطين في المغرب يعني أن عدد القتلى يرتفع الى 5000 في السنة ومعناه ان كل 25 مقاولة مغربية تخلف قتيلا واحدا في السنة ومعناه كذلك ان حوادث الشغل تودي بسبعة أرواح في اليوم، ومنهم من ذهب الى أبعد من ذلك اذ اعتبر ان مجرد الاعتراف بأن هذه الشركة هي التي كانت تؤمن مقاولة «روزامورا» (التي خلف حريقها العديد من القتلى) يعني انها لم تحترم الشروط الوقائية المفروض توفرها في المقاولة قبل الاستفادة من الحق في التأمين. الندوة التي نظمها «المرصد الاجتماعي الدولي» لدراسة محور «أية استراتيجيات للخروج من الطريق المسدود؟» نجحت في استقطاب مختلف الاطراف المعنية اذ شارك فيها كل من وزير الصناعة والتجارة احمد رضا الشامي ووزير التشغيل جمال اغماني ومحمد حوراني رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب بالاضافة الى ممثلي العديد من كبريات المقاولات المغربية وأطباء الشغل ومفتشي الشغل وغيرهم من المهتمين بواقع الامراض المهنية وحوادث الشغل، كما أنها نجحت في الدفع بالمقاولات الى التطرق بشكل علني الى خياراتها واستراتيجياتها وسياساتها في مجال اعتماد الوقاية من حوادث الشغل وطب الشغل كدعامات حقيقية لتسخير الموارد البشرية في خدمة التنمية المستدامة ولعل أهم نجاح حققته هو الاعتراف المبذول من طرف الوزارتين السالفتي الذكر في مجال تحديث القوانين وملاءمتها مع متطلبات النسيج الاقتصادي المغربي والتأكيد على توجه وزارة التشغيل نحو توحيد كل المجهودات ليتم التوصل مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب وباقي الاطراف المعنية وخاصة منها النقابات الى مشروع قابل للتنفيذ، لكن هذا الاعتراف لم يثن عن التركيز على مراكز الخلل، فبينما تم التأكيد على التوجه تحو تحسيس المقاولات التي تشغل أقل من 50 مستخدما بأهمية الانخراط في الاستراتيجية الحكومية المرتبطة بطلب الشغل وحوادث الشغل وبينما أبرزت بعض كبريات المقاولات الجوانب الايجابية في تعاملها مع هذا الملف تهاطلت التساؤلات المصحوبة بانتقادات بشكل خاص على ممثل «سيتا البيضا» لجمع الازبال بالدارالبيضاء حيث لاحظ المتدخلون ان وسائل الوقاية غير معممة على العمال رغم أنهم يواجهون مخاطر الاصابة بمختلف الامراض، اما تدخل محمد بودا الرئيس المدير العام لشركة «ستيام - الخطوط - الوطنية» فلم يتعرض لانتقادات لأن واقع هذه الشركة لايعكس واقع النقل الطرقي العمومي للمسافرين والبضائع الذي يعتبر أحد الاسباب الرئيسية في ارتفاع عدد ضحايا حوادث السير. الملتقى كان مناسبة أعلنت فيها شركة سيتا البيضاء عن تجديد شاحناتها العاملة في الدارالبيضاء ملاحظة بأن حالة الطرق في العاصمة الاقتصادية فرضت التجديد بعد 7 سنوات فقط عوض 10 سنوات المعمول بها في فرنسا ولكنه كان مناسبة كذلك أعلن فيها بعض الحاضرين بأن المناقشة لم تكن هامة لأنها لم تتناول القضايا الكبرى خاصة أن %5 فقط من حوالي 11 مليون نشيط هم الذين يستفيدون من التأمين لكن البعض الآخر اعتبر أن قانون الشغل جيد ولكنه لايطبق ولذلك فإن الوضع يقتضي تحسيس المقررين العموميين والخواص بالمخاطر التي تواجه المستخدمين كما يقتضي مواجهة الاشكالية الممثلة في توفير الميزانية التي يتطلبها التطبيق ويقتضي أكثر من هذا مراجعة الوضعية القانونية لاطباء الشغل علما بأن الممارسة الجيدة لطب الشغل غالبا ما تدفع بأرباب المقاولات إلى فسخ العقد المبرمة مع أطباء الشغل. في خضم هذه المعطيات المتضاربة اعتبر ممثل المرصد الاجتماعي الدولي بالمغرب عبد الحق اقلال ان كل الارقام المدلى بها مهم ة والاهم منها هو العمل على تفادي التساهل والتسامح في تطبيق قانون الشغل ومواصلة توحيد الجهود من أجل علاقات شغل تخرج المغرب من الطريق المسدود الذي يوجد فيه.