2010، سنة الدوران في الحلقة المفرغة يشكل اليوم العالمي لحقوق الإنسان مناسبة للعالم بأسره من أجل التوقف لحظة عند موضوع إنساني ذي أهمية، هو موضوع حقوق الإنسان في تجلياته المختلفة سواء على المستوى الدولي أو المحلي أو الإقليمي، وتخليد هذا اليوم يُعتبر محطة لتقييم أفكار وإعمال آليات وتطبيق واحترام المواثيق، ومناسبة لاستحضار أهمية إحداث هيئة مستقلة لحقوق الإنسان ومدى تأثيرها في المسار الذي عرفه المغرب على مستوى تحقيق مكتسبات في مجال حقوق الإنسان. يمكن لي أن أقول إن المنظمة بصمت المسار الذي انخرط فيه المغرب على صعيد حقوق الإنسان، على اعتبار أنها تبنت مقاربة أخرجت النقاش الحقوقي من المجال السياسي إلى مجال يحيط به ويدعمه كافة المواطنين بمختلف آرائهم ومواقفهم ومشاربهم، وبالتالي، نرى، اليوم، أن كل المواطنين أصبحوا يتابعون الملف الحقوقي وأصبحوا مقتنعين بشكل كبير بمجال حقوق الإنسان، أكثر من المجالات الأخرى. بالنسبة لحصيلة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، خلال السنة التي سنودعها قريبا، يمكن القول إنها جيدة، بالنظر إلى العدد الوافر من الأنشطة التي قامت بها المنظمة على مستوى فروعها. وقد اختارت المنظمة بالنسبة للسنة الحالية شعار «مناهضة الإفلات من العقاب» على اعتبار أن الثقافة هي العنصر الأساسي للتحول الفكري الذي يمكن من ملامسة فكرة حقوق الإنسان. أما بخصوص تقييم حقوق الإنسان خلال سنة 2010، يمكن القول، دون تردد، إننا نعيش نوعا من «مراوحة المكان» أو الدوران في الحلقة المفرغة. عشنا هذه السنة إشكاليات متنوعة تتعلق بالصحافة وبالقضاء والعدالة وبحرية التعبير عموما. وهي إشكاليات أخذت مسارا إيجابيا. لكننا عشنا أيضا سنة الاحتجاجات الاجتماعية. هناك إذن مكتسبات لكن هناك أيضا ثغرات تفسر وصفنا لسنة 2010 بسنة «مراوحة المكان». فقد تميز الموقف الرسمي في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة بنوع من التذبذب. هناك قوانين تحدد معالم الحريات العامة، لكن التطبيق لا يستقر على حال. أحيانا نسجل تدخلات أمنية غير مناسبة، وأحيانا أخرى تدخلات عنيفة، ولا نفهم بالذات ما السبب في هذا التذبذب وهذا الخلل في احترام مبدأ أساسي وقانون هو ساري المفعول كما هو الشأن بالنسبة إلى القوانين الأخرى. وهذا ما يجعلنا أحيانا نتساءل: هل الإشكال يتجلى في تطبيق القانون أم أن الإشكال في بنيات لم تتمكن بعد من أن تستوعب جيدا القانون. لكن عموما، يمكن القول أن السلطات غيرت مقاربتها في التصدي للاحتجاجات من مقاربة أمنية صرفة إلى مقاربة جديدة. ولعل ما وقع خلال أحداث مخيم «أكديم ايرزيك» بالعيون يوضح بجلاء هذا التغير. ففي الماضي القريب، كانت الاحتجاجات الجماعية للمواطنين تُقابل بتدخلات عنيفة أحيانا، الشيء نفسه بالنسبة إلى التظاهرات الاحتجاجية للعاطلين. حيث كان يجرى اعتقال ومحاكمة مواطنين لأنهم خرجوا في تظاهرة جماعية للمطالبة بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية. فقانون الحريات العامة كان لا يطبق في هذه الحالة، بحكم أن التهمة التي توجه لهؤلاء المتظاهرين هي المس بالنظام العام، في الوقت الذي نجد فيه أن هذه التظاهرة كانت سلمية ولم يكن فيها مس بالنظام العام. وأعتقد أنه في الوقت الذي نلاحظ فيه تذبذبا في احترام الحريات العامة، فإن المجال المتعلق بالحريات العامة يعكس تجليات التمتع بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية، على اعتبار أن المواطنين ينخرطون في احتجاجات للمطالبة بحقوقهم الأساسية كالحق في الماء والسكن والصحة والتنقل وغير ذلك من الحقوق الأساسية للمواطن، وأظن أن هذا المجال سيأخذ جهدنا خلال السنوات المقبلة، على اعتبار أن صياغة المقاربة لقياس مدى التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ورصد الخروقات وتحديد أشكال ردود الفعل يتطلب جهدا، خاصة وأن أشكال التدخل ليست مشابهة للتدخلات المسجلة على مستوى احترام الحقوق السياسية والمدنية.