نحو إرساء نظام فعال للتصريح بالممتلكات يتيح رصد الإثراء غير المشروع والوقاية من تضارب المصالح إحداث وكالة لمحاربة الرشوة كإطار قانوني ومؤسساتي وإرفاقه بإجراءات وإمكانيات مادية وبشرية يعد أمرا في غاية الأهمية لوضع برنامج فعال لمحاربة الرشوة والفساد، على اعتبار أن تعدد القوانين والمؤسسات لمحاربة هذه الآفة ليس كافيا، هذا فضلا عن وجود إرادة سياسية قوية لمكافحة الرشوة ومواكبة عمليات المحاربة بإجراءات للوقاية، كقانون التصريح بالممتلكات والتحسيس وعدم تركيز مجموع الجهود فقط على التحقيقات ذات الطابع السياسي... كانت هذه إحدى أهم التوصيات التي أسفرت عنها أشغال اللقاء الإقليمي حول موضوع «الآليات المؤسساتية للوقاية من الفساد: تعزيز الوقاية من الفساد». وأكد المشاركون في هذا الملتقى الذي نظمته بالرباط على مدى يومي 2 و3 دجنبر الجاري الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة وبرنامج منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ودول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيات لأجل الحكامة، على ضرورة بلورة سياسات محاربة الفساد تعتمد بالأساس على معطيات موضوعية تتيح قياس حجم التقدم الذي تم تحقيقه وتقويم هذه السياسات، وذلك من خلال تحديد الأهداف وراء تجميع هذه المعطيات والإحاطة بشكل جيد بأنماط ووسائل تجميع المعلومات وأنواع مصادرها. وأبرزوا أهمية العمل على تقوية التعاون والشراكة سواء على المستوى الوطني بين الوكالات المكلفة بمحاربة الرشوة، ومختلف القطاعات الوزارية والمؤسسات المعنية، أو على المستوى الدولي بين مختلف الشبكات الإقليمية والدولية للتعاون خاصة في مجال المساعدة التقنية والقانونية. وأوصوا في هذا الصدد على إشراك المجتمع المدني في إعداد سياسات محاربة الرشوة، كما أكدت على ذلك التوصيات الصادرة عن المؤتمر الوزاري المنعقد بالبندقية بتاريخ 15و16 نونبر الماضي مبرزين التكامل بين دور الحكومة والمجتمع المدني في الوقاية من الفساد، معتبرين «أن المجتمع المدني، كما هو الشأن بالنسبة للحكومة، يتحمل المسؤولية اتجاه المواطنين فيما يتعلق بالنزاهة والكشف عن المعلومات. ودعوا إلى إرساء نظام فعال للتصريح بالممتلكات، يتيح رصد الإثراء غير المشروع والوقاية من تضارب المصالح، وتحديد مجال تنفيذه مع تفادي تضمين قانون التصريح بالممتلكات عدد من الاستثناءات. وركز المشاركون على محور تطوير الأنظمة الإلكترونية لتمرير الصفقات العمومية بشكل يضمن الشفافية وقانونية هذه العمليات، مبرزين في هذا الصدد على ضرورة مواكبة هذه الأنظمة بإطار تشريعي متجانس ويتوفر على الإمكانيات المالية والبشرية والتقنية الكافية، هذا مع ضرورة انخراط جميع الأطراف المعنية به سواء على مستوى القطاع العمومي أو القطاع الخاص والمجتمع المدني. وشددوا في هذا الصدد على تطوير إمكانيات قياس فعالية هذه الأنظمة الإلكترونية لتمرير الصفقات العمومية. واعتبر المشاركون أن التوصيات والخلاصات التي أسفرت عنها أشغال هذا الملتقى الهام ستساهم بشكل حثيث في إغناء النقاش العام حول الوقاية ومحاربة الرشوة، خاصة خلال المؤتمرات التي سيحتضنها المغرب مستقبلا، والمتمثلة في المؤتمر الوزاري حول مكافحة الفساد والنزاهة ودولة القانون المقرر عقده بين 8 و10 يونيو 2011، والمؤتمر السنوي والجمع العام للجمعية الدولية لسلطات مكافحة الرشوة في أكتوبر 2011، ومؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد ما بين 24 و28 أكتوبر من نفس السنة.