كثيرة هي الشكايات التي تتقاطر، بين الفينة والأخرى، على المصالح الأمنية بالجديدة، حول المشاكل التي تثيرها بعض حانات الخمر الليلية، حيث يتسبب زبناؤها في إزعاج السكان بعد خروجهم منها في ساعات متأخرة وهم في حالة سكر طافح يتلفظون بكلمات نابية وبأصوات عالية. وكم هي المشاجرات التي يثيرها هؤلاء مع أصحاب سيارات الأجرة الصغيرة، تصل حدة أصواتها إلى السكان ودون مراعاة لهم ولحالات الناس المرضى بينهم. لقد تطورت مشاكل إحدى الحانات المعروفة بالإقبال الكبير عليها من طرف زبنائها المدمنين على شرب الخمر كل ليلة، الى وقوع جريمة قتل ذهب ضحيتها شاب في مقتبل العمر لا يتجاوز عمره 26 سنة وهو من أبناء مدينة الدارالبيضاء. الواقعة التي اهتزت لها ساكنة الجديدة تعود وقائع هذه النازلة الى ليلة يوم السادس من شهر أكتوبر الماضي، حيث كان الزبون/ الضحية قد دخل مدينة الجديدة قادما اليها من مدينة الدارالبيضاء في مهمة تجارية خاصة. وفي هذه الليلة فضل قضاء بعض الوقت بإحدى الحانات المشهورة الكائنة وسط المدينة. ولجها الشاب كأي زبون وانزوى منفردا يحتسي الخمر كما يشاء، وبعد مرور بضعة دقائق ولسوء حظه وقع له سوء تفاهم مع أحد الزبناء، تطور بسرعة فائقة الى مشاجرة عنيفة، انتهت بتسديد طعنتين قاتلتين لهذا الشاب القادم من الدارالبيضاء، على يد الجاني الذي دخل معه في هذا الخصام. وكانت الطعنة الأولى على مستوى الرأس والثانية كانت قوية على مستوى القلب. حينها تدخل حراس الحانة وحاولوا فظ النزاع لكن الضحية سقط ارض مدرجا في الدماء، فتم إبعاده خارج الحانة كما يقع عادة في مثل هذه الحالات لأسباب معروفة... في ذلك الوقت غادر المتهم محل الحانة الى وجهة مجهولة، وتم إخبار الشرطة القضائية في تلك الساعات المتأخرة من الليل وبوقوع جريمة قتل بالقرب من هذه الحانة؟ فيما ظل الضحية ينزف دما، الى حين وصول رجال الشرطة القضائية الذين انتدبوا سيارة الإسعاف نقلت الضحية الى المستشفى الإقليمي محمد الخامس وتم الاتصال بطبيب المداومة، لكن قبل إدخال الضحية الى قسم المستعجلات، فارق الحياة متأثر بتلك الجروح الغائرة التي تسببت له في نزيف حاد عجل بوفاته. البحث عن الجاني الفعلي وإلقاء القبض عليه مباشرة بعد أن تسلم رجال الشرطة شهادة الوفاة من طبيب المستشفى، عادوا بسرعة الى مسرح الجريمة ووقفوا على بقعة من الدم كانت لاتزال بمكان وجود الجثة أمام الباب الرئيسي للحانة، واستمعوا الى الحارس الليلي حول حيثيات وقوع هذه الجريمة والى مسير الحانة. هذان الأخيران أنكرا معا أن يكون الضحية من زبناء الحانة وأنه لم يكن موجود بداخلها. بعد ذلك، طلبت الشرطة القضائية فرقة أخرى من رجال الأمن. وبعد تحديد هوية الفاعل، تشكلت مجموعة من الفرق الأمنية قصد البحث عن الجاني في تلك الليلة قبل أن يغادر المدينة في الصباح، وأخذت كل فرقة وجهة معينة في محيط الجريمة امتدت الى الأحياء البعيدة مثل درب غلف وللازهراء. استمر البحت عن المتهم عدة ساعات الى أن تم العثور عليه مختبئا تحث سيارة أمام المقر القديم لمحكمة الاستئناف بالجديدة، وتم اعتقاله بدون مقاومة لكونه كان في حالة سكر بين، كما لاحظ رجال الشرطة القضائية أثار الدم لا زالت عالقة بثيابه وعلى خذيه عضتين اثنتين. اثر مواجهته بأسئلة حول وقوع هذه الجريمة اعترف بتلقائية بوقائعها.... اعترافات المتهم تورط الحارس الليلي ومسير الحانة جاء اعترافات المتهم بارتكابه لتلك الجريمة، اثر اعتدائه على الضحية بواسطة السلاح الأبيض، متناقضة مع أقوال الحارس الليلي ومسير الحانة. لقد أكد للشرطة القضائية أن الحارس الليلي هو من تدخل لفض النزاع ونزع من بين يديه السكين بعد أن سدد للضحية طعنتين غائرتين داخل الحانة عندما كانا يحتسيان الخمر معا، وبعد وقوع سوء تفاهم بينهما تحت تأثير الخمر. أثناء جلسة مواجهة بين المتهم والحارس الليلي ثم مسير الحانة، انهارا هذان الأخيران أمام اعترافات المتهم، فلم يجدا بدا من التراجع عن سابق تصريحاتهما الأولى أمام رجال الشرطة القضائية، إذ أكدا أن الضحية كان يحتسي الخمر بالحانة مسرح الجريمة. و كانت المفاجأة عندما أضاف في تصريحاتهما للضابطة القضائية أنهما أرغما على تصريحاتهما الأولى وعلى تزييف الحقائق بالإدلاء بيانات كاذبة.... إغلاق الحانة وإيداع المشتبه بهم سجن سيدي موسى بعد استكمال البحث التمهيدي أمر الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالجديدة بإغلاق الحانة التي شهدت أطوار هذه الجريمة، حيث تم وضع الأختام على أبوابها، كما تم اعتقال المشتبه بهم الأربعة، وهم المتهم الرئيسي والحارس الليلي ومسير الحانة ثم صاحبها، وتم إيداعهم بالسجن المحلي سيدي موسى بالجديدة في إطار الاعتقال الاحتياطي، من أجل الضرب والجرح المفضي الى الوفاة داخل حانة للخمر، واهانة الضابطة القضائية بالإدلاء ببيانات كاذبة وبيع الخمور للمغاربة المسلمين والسكر العلني. تمتيع أحد المشتبه فيهم بالسراح المؤقت يوم تقديم هؤلاء المشتبه فيهم أمام النيابة العامة بمحكمة الاستئناف، توافد عدد كبير من المواطنين، فكان حضور غير عادي ذلك اليوم. ومن تطورات هذه الجريمة، التي يتابعها الرأي المحلي باهتمام كبير، متع قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف أحد المشتبه فيهم الأربعة بالسراح المؤقت على اعتبار توفره على الضمانات القانونية للحضور في جلسة يوم 15 دجنبر القادم ، لمواصلة التحقيق في ملف هذه الجريمة الشنعاء.