ضرب محسن موعدا لصديقته نشوى خلال أحد أيام الأسبوع المنصرم، للقائها والخروج معها، بهدف قضاء بعض اللحظات الممتعة مع الشابة المولوع بها، والتي ينتظر الفرصة «السانحة» من أجل التقدم لطلب يدها وخطبتها من والديها، وهو الأمر الذي يبدو له بعيد المنال وصعب التحقق حاليا على الأقل، بالنظر للإكراهات المادية وللظروف الاجتماعية الصعبة، مما جعلهما يكتفيان/يتفقان على «مناجاة» بعضهما البعض وتقاسم مشاعرهما فيما بينهما عند كل لقاء من خلال التجول بأنحاء وشوارع المدينة، أو الجلوس بإحدى المقاهي ونسج أحلامهما سوية! وقف محسن قرب ساحة « كراج علال» بشارع محمد السادس «طريق مديونة سابقا»، يترقب بين الفينة والأخرى ظهور صديقته، قادمة من منطقة سكناها باسباتة، ومن ثم الاتفاق على الوجهة التي سيسلكانها، فهما قررا منذ اليوم الأول على نسج علاقتهما، الالتقاء بعيدا عن أنظار ساكنة الحي والأقارب، لتفادي القيل والقال! كانت الساعة تشير إلى حوالي الخامسة مساء، وكانت عينا محسن تدوران في مقلتيهما مجزيتين الوقت بالتطلع إلى المارة والباعة، والتأمل في الحركية التي تعج بها المنطقة، كما كان يتحرك بضع خطوات هنا أوهناك متقدما إلى الأمام أو متراجعا إلى الخلف حتى لايدب العياء إلى قدميه. قبل أن يثير انتباهه منظر شاب تبدو على محياه وقسمات وجهه أنه من مواليد الثمانينات، وهو يترنح ذات اليمين وذات الشمال، وعلامات السكر الطافح بادية عليه، ويحمل سكينا في يده يعمل على تهديد المارة به! كان الشاب «المعربط» يتلفظ بكلمات نابية ومصطلحات سوقية، موجها سبابه إلى الجميع، بينما كانت عدد من النسوة تسرعن الخطى وأخريات تجرين، تجنبا لكل ما يمكن أن يقع وألا تحمد عقباه، فكل المؤشرات تدل على أن الشاب ليس في حالة طبيعية قد لايقتصر سببها على الخمر فقط، سيما وأنه كان يحاول إيقاف كل من مرّ أمامه من أجل سلبه ما بحوزته من أموال أو أغراض مختلفة..! هذا المشهد الذي خلق جوا من الفزع والهلع، سيدفع رجل أمن لمحاولة التدخل بهدف ثني الشاب عن أفعاله ووقف اعتداءاته على المواطنين، عبر القيام بشل حركته واقتياده إلى مخفر الشرطة المتواجد بالمنطقة، إلا أن تدخله لم يُجد نفعا ، حيث تعرض للاعتداء بالضرب من قِبل المنحرف الذي عالجه بلكمة على مستوى الوجه، قبل أن يتم شل حركته واعتقاله! تدخل رجل الأمن بقدر ما كان محمودا ، نظير شجاعته وتفانيه في القيام بواجبه المتمثل في العمل على الحفاظ على الأمن العام، فإنه خلف إحساسا بالألم في دواخل المارة، بالنظر للاعتداء الذي طاله هو أيضا! ليتأكد مرة أخرى أن المنحرفين والمعربدين وشتى المجرمين لم يعودوا يميزون بين أحد وأصبحت اعتداءاتهم تطال الجميع دون تمييز!