التقى بها خلال احدى حفلات الزواج الصيفية، في أحد فنادق العاصمة الاردنية عمان، لفت انتباهه اليها جمالها الأخاذ، وجاذبيتها المثيرة بشكل عام، حيث طولها الفارع، الملفت للأنتباه ..وكأنها نخلة باسقة، من نخيل العراق، وشعرها الأسود الطويل، المنسكب حول كتفيها، وبياض بشرتها، والذي يشبه مرآة مصقولة، تعكس ضوء الشمس لمن حواليها، وحركاتها الرزينة والمتزنة، ونظراتها الثاقبة الطويلة والعميقة، التي تنبعث كالنور المشع، من عينين خضراوتين واسعتين، وابتسامتها العريضة الحالمة، سمعها تتحدث مع صديقاتها بكلام مقتضب، وباختصار شديد. اثناء ذلك، كانت تتبع كلماتها بابتسامة رقيقة، يظهر من خلالها نصاعة بياض اسنانها، المصطفة داخل فمها، كأنها صفين من اللولو، ابتساماتها كانت تدل على الموافقة والرضى على امور لا يعرف كنهها، علم من احدى اخواته، انها قريبة للعائلة من بعيد وأن اسمها (منال)، لم يكن يشاهدها من قبل، ولم تكن معروفة قبل هذا الوقت لكثير من افراد العائلة، ولم يعرفها أحد بهذا الشكل الأخاذ، حيث لم تكن لتخرج من بيتها، الا في المناسبات الهامة والضرورية، تعلقت صورتها في ذهنه، تعلق الغريق بقشة، وبدأ يحملق بناظريه بها، وفي وجهها، والذي يشبه في استدارته وجه القمر، وبرأسها وحتى اخمص قدميها، حتى رسخت صورتها في عقله وفكره وقلبه، بشكل دائم، وكأنها منحوتة نحتا، أو محفورة حفرا، وبدأ يتابع اخبارها، وكل حركاتها، وحتى همساتها، ويود أن يسمع خلجات قلبها أيضا، من خلال قريباته، علم منهن بشكل اولي، بانها تعمل مدرسة، في احدى المدارس الخاصة في العاصمة الأردنية (عمان)، وانها غير متزوجة، ولا حتى مخطوبة، وقد اكتفى بهذه المعلومات عنها بشكل مبداي. اما هي، فلم تكن تأبه لنظراته لها كثيرا، فقد سبقه بهذه النظرات، الكثير من الشباب وغيرهم، فقد اعتادت على مثل هذه النظرات من الأعجاب، من الشباب وكافة الرجال، حيث يلفت انتباههم في العادة كما تقول، جمال الشابات الأخاذ والمثير، ورغم شده انتباهها اليه، بشكل ملحوظ وواضح، واعجابها بوسامته وأناقته وشخصيته، ورغم شعورها وملاحظتها له، بأنة كان ينظر اليها باستمرار، وكأنه يودها في شيء ما، ويلاحقها بنظراته من مكان لآخر، اثناء حفل الزواج، التي حضراها مع اقربائهما أيضا، لم تكن لتفكر بأن نظراته العميقة لها، فيها معان كثيرة، لا تخلو من الأنبهار والاعجاب الكبير بها، والرغبة بالتحدث معها، كانت تشعر بأنه يود الاقتراب منها كثيرا. فكانت كلما التفتت حولها يمنة ويسرة، تجده واقفا أمامها يتلفت اليها بإمعان، كأنه يبحث عن أشياء ما، مفقودة منه، لم تكن لتعلم بأنه يبحث عنها ويتابعها، كما يبحث عن ابرة في كومة من القش، رغم انها كانت واقفة امامه كالأميرة، وتظهر للجميع كالبدر، في ليلة مقمرة، لا غيوم بها. كانا قد افترقا لبضعة اشهر، ما لبثا ان التقيا مرة اخرى، في لقاء عائلي آخر، بمناسبة حفل وداعي، لأحد اقرباء العائلة المسافر لأحد الدول الأوروبية لطلب العلم، هذه المرة، لم يخف اعجابه الشديد بها، حيث طلب من اخته (وسام) التي كانت ترافقه مع الاهل، ان يقتربا منها كثيرا، وتقدمه لها وتعرفه بها، لم تكن اخته (وسام) تعتبر مثل هذا الامر، ذو معنى او اهمية كبيرة بالنسبة لها، خاصة، انها تعلم، بأن اخيها الدكتور (وسيم) خاطب لفتاة جميلة، وعلى وشك الزواج منها، وليس لديه مثل هذا الهدف، اتجهت اليها اخته (وسام)، بهدوء ولطف، وقالت لها بأن اخوها الدكتور (وسيم)، يود التعرف عليها، والحديث معها، لم تكن تعلم، بأن هذا الشخص، الذي يلاحقها بعينيه، هو (دكتور)، وعلى مستوى عال من العلم، لم تمانع مبدأيا بالتعرف عليه، اعتبرت الامر عاديا كما يحدث عادة، اثناء لقاء الاهل والأقرباء بالمناسبات الخاصة، حيث تلتقي الاسر، مع بعضها البعض، ويدخل الافراد، الشباب والشابات وخلافهم بعلاقات ودية مؤقتة، وفي احاديث جانبية للتعارف والمجاملات المعهودة،، دون تحفظ، تقدمت منه، عرفته على نفسها وبأن اسمها، (منال)، وهي خريجة كلية الآداب فرع اللغة الأنجليزية، من الجامعة الأردنية وتعمل مدرسة للغة الأنجليزية في مدرسة خاصة، قدم نفسه اليها، وعرفها على شخصه، بأنه الدكتور" وسيم " اخصائي في طب الأطفال، من جامعة عين شمس في القاهرة، بادلته ببعض كلام المجاملة المعتادة في مثل هذه الحالات، مع ابتسامة رقيقة أخاذة، لم يطل اللقاء بينهما اكثر من دقائق معدودات، استأذنته وودعته بابتسامة رقيقة أيضا، علت شفتيها كما اعتادت دائما في مثل هذه المناسبات، تعلق اللقاء في ذهنها كثيرا، اعجبت بابتسامته ورقة حديثه معها، ومجاملته لها، والذي دغدغ مشاعرها حتى احمر واصفر وجهها، حاولت ان تسأل عنه قريباتها وقريباته بشكل أكثر عمقا وجدية، حتى تعرف حقيقة شخصيته، ولماذا اراد التعرف بها وينظر لها نظرة خاصة، تأثرت كثيرا، عندما علمت بأنه مرتبط مع فتاة شابة، على قدر كبير من الجمال والفتنة، وتحمل شهادة جامعية، اعتبرت لقاءها به، لا معنى له، ولا نتيجة ذات فائدة، لكنه يبقى كأي انسان عادي تقابله، كما قابلت غيره كثيرا في مثل هذه الظروف في اوقات سابقة، حيث لا يمثل لها شيئا غير طبيعي. دارت الايام، ومرت بضع شهور على لقائها هذا به، تقدم احد الشباب لخطبتها، من والديها، ، كان شابا مقبولا لها من كافة النواحي، لم تمانع بالموافقة عليه ليكون خطيبا وزوجا لها، تم الاتفاق على عجل، لم تعرف لما وافقت على هذه الخطبة بهذه السرعة، مع انها اعتبرتها فرصة ذهبية سانحة، واعتبرت موافقتها فيما بعد، موافقة تقليدية، كأي شابة ترغب في الزواج على أحر من الجمر، حتى لا تصبح عانسا فيما اذا رفضت اول متقدم منها؟؟؟ تم تحديد موعد ومكان حفلة الخطوبة والزواج، وتم طباعة وتحديد الدعوات، وتوزيعها على المدعوين، وكان الدكتور (وسيم)، احد المدعوين، انتهت الحفلة كالمعتاد، تقدم الدكتور (وسيم) منها ليسلم عليها مهنئا، ومودعا، كبقية المودعين والمهنئين قائلا لها : " مبروك " ، واضاف كلمة اخرى خرجت من فمه بألم وحسرة، وكأنه لم يعرف بها، حيث قال لها: " بأنك تعجلت بالامر كثيرا " ردت على تهنأته بتهنئة، وشكر كبير، لم تفهم معنى كلامه، بقيت كلماته ترن في اذنيها، " لقد تعجلت بالامر كثيرا "، وكانها كانت قد وعدته بأنها ستنتظر كثيرا قبل ان توافق على مثل هذه الخطوة، ولكنها استعجلت الموضوع، مع انه لم يسبق لها أن رأته أو تحدثت معه في هذا المجال، مضت ايام وأسابيع واشهر وسنين عديدة، ورغم زواجها ودخولها عش الزوجية، وانجابها لطفلتين لم تنس كلماته ،" لقد تعجلت بالامر كثيرا ". زارتها اخته (وسام)، مرات ومرات، وتقابلت معها في لقاءات عديدة وكثيرة، جمعت (منال) قواها في مرة من زياراتها لها هذه، وقررت ان تفاتحها بأمر أخيها الدكتور (وسيم) وكلماته التي صدرت من قبله لها، عندما أقبل اليها مهنئة بالزواج:(لقد تعجلت بالأمر كثيرا)، لا لشيء، الا لأن هذه الكلمات، لا تعرف معانيها وابعادها الحقيقية ومدلولاتها، وانها كلما تذكرتها، تذكرت معها أخيها الدكتور (وسيم)، حيث كانت مثل هذه الكلمات، تقلق مضاجعها، خاصة اثناء نومها، وباتت تفكر بها كثير وتفسر معانيها ومدلولاتها. وعدتها اخته (وسام)، ان ترد على تساؤلها هذا، بعد عدة ايام، بعد ان تلتقي باخاها الدكتور (وسيم) في بيته، وتستفسر منه سر هذه الكلمات، وسوف تفهم منه ما وراء كلماته هذه، وما يكمن في صدره من مكنونات خفية، دون ان تشعره بشيء. علمت اخت الدكتور (وسام) من اخيها، خلال حديث مطول معه، عندما زارته في بيته، لمعرفة السر وراء كلماته تلك، اسرار حياته الزوجية، وفيما اذا كان يشعر بالسعادة ام لا من زواجه؟؟؟؟ اجابها أخاها بصراحة وبدون لف ودوران، أو رغبة باخفاء أي شيء عنها، بأنه كان يود ان يطلق زوجته الحالية، قبل ان يدخل فيها، ويتزوج من صاحبتها (منال)، منذ اللحظة التي قابلها فيها، حيث كان مذهولا من قوامها وطولها وجمالها وخفة دمها، وشخصيتها واناقتها، وجمال عيونها الخضراء الواسعة، الا ان صديقتها (منال) تعجلت بالامر كثيرا، قبل ان يحزم هو امره للزواج منها، عندما وافقت على الزواج من زوجها الحالي، بدون ان تعرفه جيدا، أو تتحق من مناسبته لها أم لا. بعد ان فهمت الاخت (وسام) حقيقة امر اخاها (وسيم)، علمت بأن حياته الزوجية، ليست على ما يرام، ولا كما يجب، منذ اول يوم، تمت فيه خطبته منها، حيث تم كل شيء على عجل، وكان اخاها ينتظر أي فرصة مناسبة أو غير مناسبة، كي يتخلص من زوجته بتطليقها، ولكن الامور، لم تكن تسير الى جانبه، كما يريد ويشتهي، سارت حياته الزوجية، بهدوء رتيب، وبوتيرة واحدة، لم يكن يشعر خلالها، بالحياة الزوجية، كما يود ان يشعر بها، سعادة وهناء وراحة دائمة، حيث كان يقضي كل وقته بعيادته الصحية، واموره الزوجية شديدة البرودة، ومملة، دون بهجة او سرور كما قال لأخته وشرح له اوضاعه. ظل الدكتور (وسيم) على اتصال مع اخته (وسام)، كي تنقل له تفاصيل حياة صاحبتها الزوجية (منال)، كانت كل التقارير التي تصله منها، تقول له: بأن حياتها مع زوجها تسير على ما يرام، وليس هناك ادنى شك عندها، بأن حياتها الزوجية مع زوجها لن تطول، مضت سنين عديدة، والدكتور يتابع حياة تلك السيدة منال، بكل تفاصيلها، متأملا ان يسمع بمشاكل تحيط بها أو تعمها، حتى يغتنم اية فرصة مناسبة للفوز بها، لكن، كل المراسيل التي كانت تصله من اخته (وسام) ومن غيرها من القريبات، تؤكد له ان لا شيء يعكر حياتهما الزوجية، وحتى بعد عشرة سنين من زواجها، وبعد ما انجبته من اطفال، كانت اخت الدكتور (وسام)، لا تخفي عن صاحبتها (منال)، اهتمام اخاها بها، ومتابعة اخبار حياتها الزوجية عن كثب، وكانت تعلمها بأنها تخبر اخاها (وسيم) بكافة التفاصيل المتعلقة بحياتها، كما كانت تعلمها بكافة اخبار وتفاصيل حياة اخاها الدكتور ( وسيم) الزوجية، وبأنه لا يعيش حياته كما يجب، وكما يحب ان يحياها هو، فمنذ اللحظة التي اقنعت الاخت (وسام) اخاها الدكتور (وسيم)، بأن امور صاحبتها (منال) تسير من حسن الى احسن، ويجب عليه ان ينسى موضوعها والى الابد، لم يعد يهتم الدكتور (وسيم) بأمر هذه السيدة كثيرا، وبدأ ينسي امرها، وقلت اهتماماته بها عن ذي قبل، ومن ثم انتزعها من قلبه الى الابد على مضض. صحا قلب تلك السيدة (منال) مرة اخرى وبعنف، على كلمات الدكتور (وسيم) " لقد تعجلت بالامر كثيرا " وشعرت بان وراء كلماته هذه، وسؤاله المتواصل عنها طول مدة هذه السنين ، رغبة جامحة لدى الدكتور (وسيم) بحبه لها والزواج منها، فيما لو تطلقت من زوجها الحالي، وفي اللحظة التي لم يعد يسأل الدكتور (وسيم) اخته (وسام) عن اخبارها، واهمل موضوعها، بعد أن يئس ان يحصل منها، حتى ولو على كلمة رقيقة واحدة، يشفي غليله بها، وفي تلك اللحظة التي امتنعت فيها اخت الدكتور (وسام)، عن زيارة صاحبتها (منال)، بدأت هذه السيدة (منال)، تتصل بصاحبتها (وسام)، مستفسرة منها عن عدم زيارتها، وانقطاعها عنها، طول هذه المدة، وبدأت خلال حديثها معها، تسألها عن حياة اخيها الدكتور (وسيم)، وترجوها ان تحضر اليها باستمرار، وتعلمها بأخباره، وتحت ضغط والحاح منها شديدين، عادت الى زيارة صاحبتها (منال) كما كانت بالسابق، ولكن هذه المرة، كانت حالتها في زياراتها، خلاف زياراتها السابقة من حيث المضمون وليس من حيث الشكل، فهي الان، تنقل صورة احوال اخاها الدكتور (وسيم) الزوجية، الى صاحبتها (منال)، بعد أن كانت تنقل اخبار صاحبتها (منال) الى اخيها الدكتور (وسيم)، وصاحبتها تقول لها: " ارجوك، فأنا لا استطيع العيش دون سماع اخباره، وكيف ياكل؟؟ ووكيف يشرب؟ وما هي الأكلات المفضلة لديه؟ وخلافه من الأمور الدقيقة، والتي بدأت ترغب بمعرفتها عنه، فصورته وكلماته كما قالت لها: (خالدة في قلبها كخلود الشمس، لا بل، ان الشمس تغرب كل يوم، اما صورته وكلماته، فلا تغرب عن مخيلتها ابدا) ومازالت هذه السيدة بعد مضي خمسة عشرة عاما على زواجها، تستفسر في كل مناسبة تلتقي بها صديقتها (وسام)، عن حياة الدكتور(وسيم) الزوجية وحياته الخاصة، ومدى اهتمامه بها كما كان في السابق، عندما امضى عشر سنوات من حياته، وهو يتابع اخبارها دون ان تشعر بتعلقه وحبه لها، اما الآن، وبعد ان انطفأت جذوة حبه لها، استفاقت جذوتها على حبه لها والذي دام عشرات السنين!!!!!!!!!!!!! .