دعا البابا بنديكتوس السادس عشر، السبت الماضي، أوروبا الى العودة الى «جذورها المسيحية» والى «الانفتاح على الله والتوجه لملاقاته من دون وجل» واصفا ب»المأساة» تنامي الحركات الإلحادية والمناهضة للاكليروس. وقال البابا خلال القداس الذي أقامه السبت في مدينة سانتياغو ذي كومبوستلا في شمال غرب اسبانيا، «يجب أن يتردد اسم الرب مجددا بفرح تحت سماء أوروبا». وتابع البابا «على أوروبا العلوم والتكنولوجيات، أوروبا الحضارة والثقافة، أن تكون أيضا منفتحة على التسامي والأخوة مع بقية القارات».هذا ووصل البابا مساء السبت الى برشلونة في المحطة الثانية من زيارته، حيث قام أمس الأحد بتكريس كنيسة سيغرادا فاميليا الانجاز المعماري غير المكتمل للمهندس الكاتالوني انتوني غاودي.وكان البابا أشاد بغاودي الكاثوليكي المثابر وقال انه «عرف كيف يندمج مع تقاليد الكاتدرائيات الكبيرة بابتكار جديد». كما اعتبر أن الجذور والتقاليد المسيحية «وراء الإبداعات الكبيرة الفلسفية والأدبية والثقافية والاجتماعية في أوروبا». وتابع البابا في عظته في سانتياغو ذي كومبوستلا «،إنها لمأساة عندما تتجذر في أوروبا، خصوصا خلال القرن التاسع عشر، القناعة بان الله هو خصم الإنسان وعدو حريته».ورأى البابا أن الأفكار التي يدافع عنها المناهضون للاكليروس والملحدون هي «محاولة لتشويه الإيمان الحقيقي». وتساءل البابا «لماذا ننكر على الله الحق في إهداء النور الذي يبدد كل الظلمات؟». وتابع «إن مقاربة الكنيسة الكاثوليكة تتركز على حقيقة بسيطة وحاسمة هي: أن الله موجود وهو الذي وهبنا الحياة». وتوجه الى الشبان طالبا منهم «التخلي عن نمط تفكير أناني وقصير المدى هو الذي يعرض عليكم في غالبية الأوقات». وكان البابا أبدى مؤخرا قلقه من خطر «إخراج المسيحية» من القارة الأوروبية. وقد دعا البابا بعيد وصوله الى اسبانيا السبت الى «إعطاء حيوية جديدة للجذور المسيحية» لاسبانيا ولكل أوروبا مكررا العبارات التي سبق أن استخدمها سلفه البابا يوحنا بولس الثاني خلال رحلة طويلة الى اسبانيا عام ودعا البابا الى «التقاء الإيمان مع العلمانية بدلا من المواجهة» بين الاثنين. وأضاف البابا، «لقد شهدت اسبانيا خلال الثلاثينيات نشوء التيار المناهض للاكليروس وتيار علماني متشدد وعدائي» محذرا من العودة الى هذه النزعات.ويستذكر البابا بذلك قيام تيارات قوية في اسبانيا خلال ثلاثينيات القرن الماضي، عشية الحرب الأهلية وعهد الديكتاتور فرانكو، تدعو الى العلمانية ومعاداة الكنيسة.لكن البابا لم يشر الى إصلاحات المجتمع التي أنجزتها الحكومة الاشتراكية خلال السنوات الأخيرة حيث تبنت قانونا يشرع زواج مثليي الجنس (2005)، وقانونا أخر يوسع الإطار القانوني للإجهاض في فبراير 2010. وهذان القانونان اللذان أثارا، غضب الكنيسة الكاثوليكية، جعلا من اسبانيا أكثر بلدان أوروبا تقدمية في هذا المجال، بينما تتراجع فيها الممارسة الدينية حيث يقول 73% من الاسبان أنهم كاثوليك بينما كانوا نحو 80% قبل ثماني سنوات. وحمل بنديكتوس السادس عشر بعيد وصوله بين ذراعيه ثلاثة رضع يلبسون الألوان الوردي والأزرق والأبيض، قبل أن يغادر المطار على متن سيارته الخاصة ذات الزجاج الواقي من الرصاص. وعبر البابا بسيارته وسط الحشود 11 كلم متوجها الى وسط المدينة القديمة وكاتدرائيتها حيث صلى عند ضريح القديس سانتياغو، شفيع اسبانيا، قبل إقامة القداس في ساحة اوبرادويرو. وقد أمضى ألاف الزوار ليلتهم في محيط الساحة على ضوء الشموع كي يكونوا أول من يدخلها.لكن زيارة بنديكتوس السادس عشر الى اسبانيا لا تروق للجميع، حيث من المقرر، أن يستقبله مثليو الجنس، أمس الأحد في برشلونة، بتبادل القبلات على حافة الطريق الذي سيسلكه موكبه.