لم يكن محمد الشريف يتوقع أن ينتهي به الحال إلى السجن المحلي بتطوان، وهو يجر وراءه عقوبة حبسية تصل إلى عام ونصف، بعدما ظل لشهور «يطارد» عصابة مخدرات انتهكت كرامته واغتصبته، في مسلسل قاده إلى السجن فيما متع المعتدين بالحرية. وتعرض الشريف (24 سنة) الذي سبق له أن نجا بأعجوبة من عصابة للاتجار في المخدرات بإقليم شفشاون، بعد 16 يوم من الاحتجاز والاغتصاب والتعذيب بمختلف الوسائل بما فيها «القرعة»، لعملية اختطاف ثانية من قبل أربعة أشخاص بالمنطقة ذاتها، إثر زيارة له لتفقد والدته، لكنه سرعان ما أفلت من قبضة أيديهم. والغريب في الأمر بحسب الشريف، أنه لما لجأ إلى خليفة قائد دائرة باب برد للاحتماء من أفراد العصابة، طرده من مكتبه، ليضطر إلى التوجه نحو مقر سرية الدرك الملكي، لكن رئيس السرية قام بطرد شخصين كان بمعية الشريف لدعم رواية اختطافه، مهددا إياهما بالسجن في حال شهادتهما لصالحه. وقال الشريف في روايته التي استقتها منه بيان اليوم من داخل السجن المحلي بتطوان، «إن رئيس سرية الدرك الملكي الذي سبق أن اتهم عناصر منها بالتستر على أعضاء العصابة التي اختطفته في وقت سابق واغتصبته، أمر بعد ذلك، باحتجازه». ليفاجأ الضحية بتوجيه تهمة الاتجار في المخدرات له بناء على وجود أرض فلاحية في ملكية عائلته، مزروعة بالقنب الهندي. فأحيل على قاضي التحقيق الذي استمع له ولعون سلطة شهد لصالح الضحية، لكن القاضي استبعد شهادته. وعاش الضحية مسارين قضائيين متناقضين، بحيث أحيل ملف الاختطاف الأول على محكمة الاستئناف بتطوان، بعد القبض على العناصر التي يتهمها الضحية باغتصابه، لكن قاضي المحكمة استهزأ بروايته وفرق أحكام البراءة على عناصر الشبكة، وأمر الضحية بصرف النظر عن متابعة قضيته. وبعدها، ألقي القبض على العناصر الأربع المتورطين في عملية الاختطاف الثاني، لكن قاضي التحقيق لما استدعى الضحية للتعرف على الجناة، لم يجد حرجا في القول أمامه بأن المتهمين «سيفرج عنهم لا محالة». وبالطبع، فقد قضت محكمة الاستئناف من جديد، ببراءة المتهمين الأربعة من تهمة الاختطاف. وبالتزامن مع هذه المحاكمات التي أنهت أطوارها ببراءة جميع المتهمين في ملف الاختطاف والاغتصاب، ألقي بالضحية في السجن، بعد متابعته بالاتجار في المخدرات. وقال الشريف «إن قاضي المحكمة الابتدائية بشفشاون الذي ليس سوى ابن خالة زعيم الشبكة التي اختطفته، نظر إلي بسخرية، وحكم بحبسي عاما ونصف وبغرامة مالية». وقال الشريف الذي يقضي عقوبته بالسجن المحلي بتطوان، «إن ما جرى، يكشف عن قوة تلك العصابة ومدى نفوذها داخل بعض الأجهزة، سيما بشفشاون، ولم تعد بيدي حيلة بعدما رأيت كيف يبرأ من اختطفوني واغتصبوني، لأسجن أنا بدلا منهم». وتعود أطوار القضية التي كشفتها بيان اليوم، إلى تعرض الشريف لعملية اختطاف من طرف عصابة يقودها مستشار جماعي بمنطقة شفشاون لتصفية دين عالق على شقيق الضحية قيمته ثمانية ملايين سنتيم، غير أن الشبكة حوّلت تحصيل الدين، إلى طلب فدية قدرها 100 مليون سنيتم. لكن هدف العملية فشل بعد تمكن المصالح الأمنية من تحديد موقع احتجاز الرهينة، وإن كان تسريب تحركات الأمن من طرف الدرك الملكي، ضيع فرصة القبض على عناصر الشبكة في ذلك الوقت. وظل الشريف مختبئا في منزل بتطوان خوفا من تنفيذ الشبكة لتهديدها بتصفيته في حالة التبليغ عنهم، فيما شقيقه فر إلى الديار الإسبانية. وبدأت القصة في 22 دجنبر الماضي، حين كان الضحية في زيارة لوالدته بمنطقة بني أحمد بشفشاون، حيث اختطفه عدة عناصر وأشبعوه ضربا بالسياط والقضبان الحديدية، ثم جردوه من ملابسه بالكامل، وشرعوا في اغتصابه باستعمال «القرعة».