الفلاحون يفاجئون بزيادة جديدة في أسعار الأسمدة في عز انطلاق الموسم الجديد شل الإعلان عن زيادة جديدة في أسعار بعض أنواع الأسمدة، وغياب أخرى من الأسواق، خاصة المستوردة، حركة الفلاحين المغاربة، أمس، وأضرب أغلبهم عن العمل في الحقول، مفضلين التجمهر أمام مقرات البيزانات، ومحلات بيع المدخلات الفلاحية بالتقسيط، في كل من مناطق الشاوية ودكالة وعبدة. ووفق المعلومات التي استقتها بيان اليوم، تميزت صبيحة أمس بحالة من التوتر غير المسبوق، بعد أن فوجئ الفلاحون باختفاء الأسمدة الأكثر استعمالا من السوق، وبتواصل ارتفاع سعر الأنواع الأخرى، بالإضافة إلى استحالة التمويل الذين كانوا يعولون عليه بعد امتناع القرض الفلاحي عن إمدادهم بالقروض تحت ذريعة عدم توصله بتقارير شركات التأمين التي لم تحدد تسعيراتها المرتبطة أساسا بتوقعات الموسم وبالحصيلة المتواضعة للموسم المنصرم. وقد انطلقت شرارة الزيادات، حسب مصادرنا، منذ بداية الأسبوع الماضي، ما دفع الفلاحين إلى المسارعة بطرق أبواب «البيزانات»، بصفتها أقرب الموزعين المعتمدين من طرف الوزارة، من أجل مساءلتها حول المضاربات القوية التي تسود أسواق بيع الأسمدة، وذلك أياما قلائل بعد الإعلان الرسمي عن انطلاق الموسم الفلاحي بمدينة سطات. ويسائل الفلاحون المتضررون من الزيادات تعهدات وزارة الفلاحة والصيد البحري التي أعلن عنها عزيز أخنوش مؤخرا، والمتعلقة بتطبيق برنامج عمل متكامل لضمان السير الجيد للموسم الفلاحي الجديد 2010-2011 يتوزع على العديد من الإجراءات التي تهم ضمان تزويد الفلاحين بالأسمدة بأثمنة مناسبة . ووفق مصادرنا، استقرت الزيادات، صباح أمس، في مستويات قياسية، مشيرة إلى أن الحجم المتوسط للمبيعات بالتقسيط، والذي يتجاوز 1500 طن للمتجر الواحد خلال شهري شتنبر وأكتوبر، لم يتم بلوغ نصفه، مما يفيد بوجود عجز واضح لدى الفلاحين الصغار والمتوسطين على حد سواء، وعدم قدرتهم على مجاراة الزيادات الجديدة. فسب توضيحات قدمها محمد الباهي، أحد كبار الباعة بالتقسيط بمنطقة الشاوية، لبيان اليوم، بلغ سعر الملحة من نوع 21 سقف 200 درهم، علما أنها مادة مستوردة غير خاضعة للرسوم الجمركية. وقفز سعر الفوسفاط 18 –46 إلى 260 درهما. أما الأسمدة من نوع «ت س ب 45 « فلم يعد سعرها يقل عن 210 درهما. ووفق المصدر ذاته، قفز سعر الأزوت من نوع 14 /28 إلى 420 درهما، وتراوح سعر ما يطلق عليه المزارعون الأسمدة الحمراء ما بين 410 و440 درهم والزرقاء ما بين 400 و450 درهم والسوداء من نوع 45 ما بين 340 و370 درهم، فيما قفز سعر القنطار الواحد من البيضاء إلى ما يفوق 510 درهم. وأكد محمد الباهي لبيان اليوم أن المكتب الشريف للفوسفاط توقف عن إمداد السوق الوطنية بالأسمدة الأكثر انتشارا والتي يطلق عليها اسم «أسمدة 14 –28»، مما أدى إلى انعدامها الكلي بالسوق لمدة طويلة، قبل أن تعاود الظهور هذه الأيام في بعض المحلات التجارية المتخصصة، بسعر لا يقل عن 600 درهم. ووفق محمد الباهي، تفضل بعض الشركات عدم بيع الأسمدة المنتجة محليا بكميات كبيرة، في انتظار الإقدام المكثف على عملية الحرث. وقد حاول الفلاحون استبدال هاته الأسمدة المحلية بالمستوردة إلا أن المضاربين، وفق مصدرنا، كانوا سباقين إلى تجفيف المنابع من خلال تعاملاتهم المباشرة مع «فرتيما» و»شرف» و»بروماكري» و»اسميدام» وغيرها من الشركات المرخص لها بالاستيراد. سلوك انعكس على أسعار المنتجات المستوردة والتي وضعت الفلاحين في أتون لا يرحم. فقد طوح المضاربون بسعر الآزوت من نوع 33 إلى ما فوق 410 درهم، وأجمعوا على تحديد ثمن القنطار الواحد من الآزوت 21 في 320 دراهم، وعلى حصر سعر الآزوت 46 في 570 درهما. أما البوطاس بنوعيه «بوطاس 48» و»بوطاس غبرة» فبات بلوغه من رابع المستحيلات بالنسبة لصغار الفلاحين. إذ قفز السعر على التوالي إلى 1100 درهم و730 درهم. وعلى نفس المنحى سار ثمن الأسمدة المخصصة للسقي بالتنقيط التي تضاعفت بنسبة 500 %. وفي اتصال ببعض جمعيات الفلاحين بدكالة وعبدة والأطلس المتوسط، تم التأكيد على أن شريحة عريضة من الفلاحين وجدت نفسها، منذ بداية الأسبوع الجاري، بين مطرقة الندرة وسندان الغلاء، وهي عاجزة عن مسايرة زحف الأسعار، الذي برره مندوب وزارة الفلاحة بمدينة سطات، عاصمة الشاوية، في حديث لبيان اليوم، بواقع وتبعات الموسم الفلاحي المتواضع، وبالظرفية الدولية الصعبة التي جعلت خيار الاستيراد صعبا، ليس فقط بعد تأكد شمول مشكل الندرة بعض الدول المصدرة، وتوجه أخرى نحو إعادة استعمال فوائضها لتحضير منتجات وسلع ومواد طاقية، بل أيضا للزيادات الهامة التي طالت المدخلات الفلاحية المستوردة. وقد كان من المنطقي أن يمتد تأثير هذه الأزمة إلى الأعلاف الحيوانية، التي شهدت هي الأخرى ارتفاعات ملحوظة رغم اتساع المساحات الرعوية وتوزيعها الجيد. وترى «جمعية الساقية للفلاحين الصغار» و»جمعية الأطلس للنهوض بالفلاح»، في ردهما على هذا الطرح، أنه، رغم تأثير العوامل الخارجية، فإن عددا قليلا من تجار الجملة وشبه الجملة يتحملون جانبا كبيرا من توسيع آثار الأزمة بالنظر إلى حالة الاحتكار التي باتوا يتمتعون بها، واعتمادهم تجفيف منابع السوق في انتظار الإقدام المكثف للفلاحين على الطلب. وتظل المسؤولية الكبيرة، وفق تصريح عزيز آيت علي، رئيس «جمعية الأطلس للنهوض بالفلاح» ملقاة على عاتق الوزارة التي لم تقم، على حد قوله، بواجبها الأساسي المتمثل في مراقبة وفرض إعلان أسعار الأسمدة، عبر توجيه الفلاحين إلى الأدوية الناجعة والأقل كلفة, ودعم آلات الرش, وتوسيع لائحة المواد المرخص لها, بما فيها الأنواع المستنسخة, للرفع من التنافسية, وفتح المجال أمام الفلاحين لاختيار المنتوج المناسب من ناحية التكلفة والنجاعة»، والضرب على أيدي المتلاعبين في الإعانات التي تخصصها الدولة للفلاحين من أجل تشجيع السقي بالتنقيط والحفاظ على الفرشة المائية.