بداية لابد من التوضيح أننا في حزب الشعب الفلسطيني لسنا ضد المفاوضات من حيث المبدأ، ولا نقبل لأنفسنا أن نكون في جبهة المعارضة العدمية -التي ترفض المفاوضات من حيث المبدأ-.. بل أننا وعبر تاريخنا كنا نقول أن التفاوض هو أحد الأشكال النضالية التي من الممكن لشعبنا استخدامها للوصول إلى حقوقه الوطنية، لكننا كنا نؤكد أن التفاوض بحاجة إلى أسس ومرجعيات وخطط وتفعيل لعوامل القوة واعتباره واحدا من الخيارات، لا الخيار الوحيد.. وهي الأسس التي أدى عدم توفرها في منتصف سنوات التسعينات إلى انسحابنا من فريق المفاوضات - بعد الجولة الخامسة منها- ورفعنا حينها شعار لاسلام مع الاستيطان، وطالبنا بوقف المفاوضات إلى أن يتوقف الاستيطان. أما دوافع معارضتنا للمفاوضات اليوم فيمكن إجمالها بما يلي: 1- لان المباشرة بها يأتي دون تلبية الشروط التي وضعتها القيادة الفلسطينية عند اتخاذها قرار وقفها.. وهي: وقف كامل لأنشطة الاستيطان، وتحديد مرجعية واضحة للمفاوضات تكون ملزمة للطرفين، وبدء المفاوضات من النقطة التي انتهت إليها المفاوضات السابقة. 2- لان جدول أعمالها غير متفق عليه، الأمر الذي قد يحرفها عن القضايا الرئيسية. 3- لأننا لا نثق بالنهج التفاوضي الذي استمر اكثر من 15 عاما دون نتائج بسبب اعتماده على الثنائية والحلول المرحلية والجزئية. 4- لان القرار لا ينسجم وقرار المجلس المركزي- وهي الهيئة التي ربطت العودة للمفاوضات بتحقيق عدة شروط. 5- لان قرار استئناف المفاوضات يحدث تصدعا سياسيا آخر على الساحة الوطنية الفلسطينية يضاف الى التصدع القائم نتيجة سيطرة حماس على قطاع غزة.. والتصدع الحالي تكمن خطورته بانه سيحدث داخل منظمة التحرير نفسها. 6- لان دخولنا إياها تحت الضغوط يجعلنا غير قادرين على مواجهة مزيد من الضغوط -لتخفيض سقف مطالبنا- وسيفرض علينا مواصلة التفاوض حتى ولو كان حصيلة التفاوض صفر.. 7- لان القيادة الفلسطينية تكون كمن أوقع نفسه بالفخ.. فتخشى في حال انسحابها من المفاوضات تكرار ما حصل عند انسحابها من مفاوضات كامب ديفيد الثانية بتكرار سيناريو تحميلها مسئولية إفشال المفاوضات واعتبارها عقبة في وجه السلام ومن ثما فرض لحصار عليها. 8- لأنه ليس هناك من ضمانات قدمتها الاطراف الدولية والعربية لنجاح هذه المفاوضات، ولا لإنهائها خلال المدة الزمنية المقترحة، ولا إجابة أمريكية واضحة على سؤال: ماذا بعد انتهاء المدة المحددة للمفاوضات في حالة عدم التوصل الى حلول.. وكذلك عدم وضوح المرجعية للمفاوضات وإبقائها عائمة، وليس هناك التزام أمريكي واضح بان تفضي المفاوضات إلى إقامة دولة فلسطينية بل كان كل ما صرحت به هو ترحاب بقيامها.