وُلدت (نورما جين مورتنسن) في الأول من يونيو 1926 في المستوصف الخيري التابع للمستشفى العام بلوس أنجلوس، وكانت طفلة موفورة الصحة وزين وجهها الصغير عينان كبيرتان زرقاوا اللون وشعر أشقر ضارب إلى لون الكرز الأحمر. ولو أن نورما جين كانت تعرف أنها ستعمل في هوليوود في يوم من الأيام وستحظى بشهرة لا نظير لها في العالم كله لكان وقع المفاجأة في نفسها أكبر من مفاجأة عيد ميلادها. ف (نورما جين مورتنسن) بدّلت اسمها لاحقاً وباتت معروفة باسم «مارلين مونرو»، وازدادت حسناً وجمالاً مع الأيام لتصبح أجمل نجمة في تاريخ السينما. عندما بلغت نورما جين عامها التاسع، لم ترتسم البسمة على وجهها إلا فيما ندر لأنها كانت تشعر بالتعاسة في معظم الأحيان. كما تعرضت لانتقاد وسخرية أقرانها من الأطفال الذين تهكموا على لباسها البسيط واعتادوا الإشارة إليها بأصابعهم والقهقهة كلما صادفوها في طريقهم، بل وأطلقوا عليها أيضاً لقب «الحمقاء». كانت نورما جين، كالعديد من رواد السينما في الثلاثينيات، معجبة بنجمة الشاشة صاحبة الشعر الأشقر بلون الذهب الأبيض ورمز الإغراء (جين هارلو). كانت (هارلو) ممثلة فائقة الجمال. ومع أنها لم تدرك مدى الجمال الذي تمتعت به، إلا أنها كانت واثقة من نفسها ومستقلة في حياتها، وأرادت نورما جين أن تصبح مثلها أيضاً. وفي الفترة اللاحقة من حياة نورما جين عندما أصبحت شابة، لم تكف أبداً عن استغلال جمالها وجسدها لكسب محبة واهتمام الآخرين. لم تدرك بأن قوة المرأة إنما تكمن في الخيارات التي تحددها بنفسها وقدرتها على التصرف وفقاً لقراراتها. جذبت نورما جين الانتباه إليها في المدرسة ولكن من دون أداء أي دور تمثيلي. فهيأة تلك الفتاة النحيلة والمرتبكة تبدلت بين ليلة وضحاها لتصبح شابة قوية البنية وناضجة ومفعمة بالحيوية، واكتملت أنوثتها لتظهر جمالاً فائقاً وبدأت تتلقى نظرات الإعجاب من الشبان الذين أخذوا يمشون وراءها أينما تحركت ويعرضون خدماتهم لحمل كتبها المدرسية. لم تفهم نورما جين السبب وراء هذا الانقلاب في سلوك الفتيان نحوها، لكنها أحبت جذب الانتباه إليها بكل الأحوال. تزوجت نورما جين بيكر من (جيم دورتي) في 19 يونيو 1942 وذلك بعد أسبوعين من عيد ميلادها «السادس عشر». أقيم حفل الزفاف في منزل (تشستر هاول)، وهو محامٍ صديق عائلة (غودارد). نزلت نورما جين السلم الدوار في منزل (آل هاول) وبيدها باقة من القرنفل الأبيض وتدلى وشاحها الأبيض الطويل خلفها على درجات السلم. على عكس غيرها من العرائس، كان لدى نورما جين أكثر من مجموعة من أولياء الأمر في حفل زفافها، بمن فيهم الأسرة البديلة، (إيدا) و(ألبرت بولندر)، التي أمضت نورما جين سنوات طفولتها الأولى تحت رعايتهم. وجدت نورما جين التي بلغت عامها العشرين أن حياتها قد تبدلت بشكل جذري خلال بضعة شهور فقط. أخذت نورما تقلب صفحات بعض المجلات ذات الورق المصقول وارتعشت أصابعها عندما شاهدت صورها تغطي غلاف كل هذه المجلات، ثم أمعنت النظر في صورتها المنشورة على غلاف مجلة «يانك» ولم تصدق براعة (كونوفر) في إظهارها جميلة إلى هذا الحد. «أريد الظهور في السينما ...» هي العبارة التي نطقت بها نورما جين بكل جرأة أمام (بن ليون)، مدير قسم المواهب الشابة في استوديوهات «تونتييث سنشري فوكس» في السابع عشر من يوليوز 1946. فمع أنها كادت تموت خوفاً لدى تفوهها بتلك الكلمات لكنها تمالكت نفسها وتظاهرت بالجرأة والثقة بالنفس. نالت مارلين مونرو في عام 1959 جائزة «الكرة الذهبية» كأفضل ممثلة عن دورها في «البعض يفضلونها ساخنة» الصادر في العام ذاته وأصبح من أنجح الأفلام الاستعراضية الكوميدية في تاريخ السينما. في يوم الأحد الموافق للخامس من شهر غشت 1962 وُجدت جثة مارلين مونرو في منزلها الكائن في «بنتوود» بكاليفورنيا وقد فارقت مارلين الحياة عن عمر ناهز السادسة والثلاثين فقط. لقد أحب الكثيرون مارلين في حياتها، ولا تزال إلى الآن بعد مرور أربعة عقود على رحيلها محبوبة من الكثيرين أيضاً، وإن دلّ هذا على شيء فإنما يدل على خلود ذكرى مارلين وإرثها الفني في تاريخ السينما. وستستمر مارلين مونرو «الجميلة» بأفلامها الجميلة قادرة على إضحاك الناس وإبكائهم في آن معاً للأجيال القادمة. لقد أنجزت مارلين مونرو شيئاً لم يحققه إلا قلة قليلة من الناس على مرّ التاريخ حين أصبحت وبكل جدارة رمزاً من رموز الثقافة. فمارلين مونرو أسطورة أكبر من الحياة وينظر إليها الناس اليوم بكل الإعجاب والتقدير. ومع أنها رحلت عن عالمنا إلا أن اسمها مازال مطروقاً في كل مكان وتتناوله الألسن كما لو أنها ماتزال بيننا على قيد الحياة.