الشاف جواج، هذا هو عنوان السلسلة الفكاهية الجديدة، التي تقوم القناة الأولى للتلفزة المغربية بعرضها خلال هذا الشهر الكريم. وهي من إعداد وتنشيط الفنان الساخر الواعد خالد جواج، ومن خلال الحلقات التي عرضت إلى حد الآن يتبين أنها فكرة مبتكرة وغير مستنسخة، على خلاف العديد من البرامج الفكاهية والترفيهية التي باتت تقدمها التلفزة المغربية والتي تنم عن قصور في التخييل والخلق. مظاهر الجدة والخلق والإبداع في هذه السلسلة، تبرز من خلال عدة مستويات: الفكرة التي تتأسس على استنطاق الفنانين من مختلف التخصصات والمشارب، وهنا يبذل الفكاهي جواج بمساعدة فكاهي آخر من الفائزين في مسابقة كوميديا لاكتشاف المواهب الشابة في مجال الفكاهة، ملقب ب»تيكوتا»، يبذلان مجهودا لنقل وقائع عمليات الاستنطاق التي تجري في مراكز الشرطة، لكن بأسلوب كاريكاتيري. وبالنظر إلى طبيعة هذه السلسلة،المبنية على اللامتوقع والرهينة للمفاجآت والمباغتات؛ فإن منشطها جواج نجح إلى حد بعيد في تحدي هذه الصعوبات، وهو ما يؤكد على موهبته الأصيلة في فن السخرية والارتجال، وما يستدعيه ذلك من سرعة البديهة وقوة الذكاء. لقد استطاع جواج أن يجسد دور المحقق البوليسي، بتفوق ملحوظ، على اعتبار أنه أخذ من هذه الشخصية جانب الصرامة والعنف اللفظي ودقة الملاحظة التي تتميز به، ومزج ذلك بأشياء ذاتية ضرورية، وبالأخص خفة الروح والميل الفطري إلى خلق المواقف الطريفة، وكل ذلك كان منسجما ومتناغما مع أسلوب إخراج هذه السلسلة، التي تدور في فضاء شبيه بالغرف الرهيبة لعمليات الاستنطاق البوليسي. لقد لعبت مسابقة كوميديا التي نظمتها التلفزة المغربية ، دورا كبيرا في اكتشاف مجموعة من المواهب الحقيقية في فن الفكاهة، وكان من بين هذه المواهب خالد جواج، الذي استطاع في ظرف قياسي أن يجد لنفسه موقعا بارزا بين الفكاهيين المغاربة، ولم يكن ليتسنى له ذلك لولا اجتهاداته الفردية ولولا المجهود الذي بذله في تطوير أدواته التعبيرية والبحث عن الأفكار الجديدة، وليس الركون إلى الأشياء الجاهزة، من قبيل النكت المتداولة، وإعادة تشخيصها بهذا الأسلوب أو ذاك، كما يفعل بعض الفكاهيين الكسلاء، الذين أدى بهم ذلك إلى أن يكرروا أنفسهم، ومن ثم البقاء في مواقعهم المغمورة. لقد آمن العديد من المتتبعين بموهبة جواج، ولذلك بات من المعتاد أن تجده حاضرا لتنشيط العديد من المحافل والمهرجانات والملتقيات الثقافية . لا بل إن بعض المنشطين الإذاعيين، أصبحوا بدورهم يوجهون إليه الدعوة للمساعدة في التنشيط، وعيا منهم بأن برامجهم المرحة والترفيهية، لا يمكن أن تكتمل فرجتها إلا بحضور فنان ساخر وسريع البديهة، من طينة خالد جواج، سيما إذا علمنا أن تلك البرامج الإذاعية هي مباشرة بالضرورة، كما أن خطوطها الهاتفية مفتوحة أمام المستمعين. ولعل الشيء الذي يمكن أن يؤاخذ عليه هذا الفنان، هو أنه لم يول الاهتمام لتسجيل إنتاجاته الفكاهية وإصدارها، ولهذا لا نكاد نجد أي ألبوم شخصي له في السوق. قد نتفهم موقف هذا الفنان، من كون أن السوق تطغى عليه القرصنة، وبالتالي يصعب ضمان موارد مالية من عملية تسويق إنتاجه، مع العلم أن هذا الإنتاج، يتم تداوله عبر العديد من المواقع الالكترونية، بعد أن تمت قرصنته من البرامج التلفزيونية على جه الخصوص، إلا أن ذلك لا يمنع من إصدار ألبومات، والحرص على مداومة هذه العملية، كلما جد جديد في إنتاجه الفني، بالنظر لأهمية التوثيق، وبالنظر كذلك إلى أن هناك من يبحث عن هذا الإنتاج في صيغه الأصلية.