معركة الدفاع عن وحدتنا الترابية تؤسس لمرحلة ديبلوماسية وسياسية جديدة من خلال مبادرات جلالة الملك، سواء تجاه مفوضية الاتحاد الإفريقي أو من خلال ما تضمنه البيان المغربي التنزاني المشترك، أو أيضا من خلال دلالات الجولة الملكية ككل في شرق القارة الإفريقية. في البيان المشترك مع تنزانيا عقب زيارة جلالة الملك لها، لم تتردد قيادة هذا البلد الشرق إفريقي في إعلان الدعم للجهود التي تقوم بها الأممالمتحدة من أجل إيجاد حل عادل ودائم ومتبادل لقضية الصحراء، كما أعلنت تفهمها للموقف المغربي وتلقيها بشكل إيجابي الجهود الجادة وذات المصداقية للمملكة، واستعدادها للمساهمة في تفعيل قرارات منظمة الأممالمتحدة ذات الصلة بهذه القضية. إن استصدار هذا الموقف من دار السلام ليس سهلا أو بلا قيمة، ذلك أن الأمر يمثل بداية انكسار هيمنة محور النظام العسكري الجزائري وجنوب إفريقيا ونيجيريا على أنظمة ودول شرق القارة الإفريقية، ولقد برز السعار الجزائري على صفحات صحف البلد الجار، ومن خلال استغلال أي شيء للتشنيع بالمغرب وتشويه صورته وأوضاعه العامة، كما أن مماطلة رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي في التعاطي مع طلب الرباط استعادة عضويتها في المنظمة القارية ليس بعيدا عن هذا الإطار... هذه الدينامية التي يكرسها اليوم جلالة الملك في شرق إفريقيا تتطلب أولا تمتين التعريف بها وإشعاعها داخليا وسط شعبنا، كما أنها تفرض الوعي السياسي والاستراتيجي العام بأهميتها، وبضرورة إسنادها بانخراط سياسي ومؤسساتي يكفل تطوير امتداداتها العملية وتتبع صيرورة تنزيلها، سواء في أفق المؤتمر القادم للاتحاد الإفريقي أو ضمن السعي العام لتعزيز الحضور الاستراتيجي للمغرب في عموم إفريقيا. اليوم قضية وحدتنا الترابية مقبلة على مواعيد أممية وإقليمية، كما أن المحيط العالمي والجوار الأوروبي للمملكة مقبلان هما كذلك على تحولات سياسية داخلية لا شك ستكون لها انعكاسات على الواجهة الديبلوماسية المرتبطة والمتفاعلة مع مفاوضات هذا الملف، ومن ثم تقتضي هذه الظرفية العمل المستمر والمكثف على واجهة الجبهة الوطنية الداخلية، وذلك بغاية تقوية متانتها التعبوية والتفافها السياسي حول الموقف الوطني، كما تستوجب مشاركة قوية وفاعلة للقوى السياسية الوطنية الجدية وذات المصداقية والعلاقات، وانخراطا للمؤسسات الوطنية وللفاعلين الاقتصاديين والإعلام ومنظمات المجتمع المدني، بما يكفل للنجاحات الديبلوماسية الملكية قاعدة شعبية وسياسية قوية وتمتلك امتدادات عملية. من البديهي أيضا القول بأن نجاح المغرب في تنظيم قمة المناخ العالمية كوب 22 بمراكش، وكذلك تشكيل مؤسساته الدستورية والسياسية على ضوء نتائج اقتراع سابع أكتوبر، وتطوير حياته السياسية والديمقراطية الداخلية، والاستمرار في الإصلاحات، وتمتين النموذج المجتمعي المغربي القائم على الاستقرار والوحدة والاعتدال والانفتاح، كل هذا من شأنه كذلك تمكين الديبلوماسية المغربية من أوراق رابحة لكسب تحديات ملف وحدته الترابية على الصعيد العالمي والإقليمي. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته