من المؤكد أن الرسالة القوية والشجاعة التي وجهها جلالة الملك الى الدول الإفريقية بمناسبة قمة الاتحاد الإفريقي السابعة والعشرين التي انعقدت في كيغالي، جسدت حدثا سياسيا واستراتيجيا حقيقيا، ونتجت عنه ردود فعل وتداعيات أهمها اقدام 28 دولة إفريقية على رفع ملتمس الى مفوضية الاتحاد يدعو الى استعادة المملكة عضويتها في المنظمة القارية وتعليق عضوية الكيان الوهمي، فضلا عن الرجة التي أربكت طبعا خصوم المغرب. لكن على المستوى العملي والإجرائي، يبقى واضحا أن تحقيق الهدف الذي دعا اليه ملتمس البلدان الثمان والعشرين لن يكون سهلا، وخصوصا على المدى القريب، ذلك أن الامر يتطلب بداية إقناع ثمانية دول جديدة للوصول الى الأغلبية، كما ان الموضوع يصطدم بضعف المنظومة القانونية الداخلية للاتحاد الإفريقي وافتقارها لمقتضيات واضحة لمثل هذه الحالات، علاوة على أن خصوم المملكة لن يستسلموا بسهولة، وسيستمرون في فبركة مناورات جديدة للانفلات من الدائرة الضيقة التي حاصرتهم الخطوة الملكية داخلها. واعتبارا لكل ما سبق، لا بد أن يستعد المغرب لمعركة جديدة على هذا المستوى تقوم على توطيد العلاقات الثنائية وصيانة الامتداد المهم والقوي الذي تحقق وبرز من خلال توقيع ثمان وعشرين بلدا على الملتمس الذي تقدم به باسمهم الرئيس الغابوني، بالإضافة الى السعي لإقناع بلدان اخرى للانضمام. وفي الإطار ذاته يجب الاستمرار في الضغط لإضعاف حضور الكيان الوهمي في مختلف اللجان والمحافل ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة بالاتحاد الإفريقي، وبالتالي تقوية الديبلوماسية الهجومية. ولكسب هذا الرهان الجوهري، لا بد من تفادي التعامل معه كما لو انه مجرد مهمة تقنية صرفة يتولاها الديبلوماسيون وحدهم أو مختلف اللوبيات، وإنما وجب استحضار البعد السياسي والوطني لهذه المعركة، ومن ثم اشراك الأحزاب الجدية ذات الحضور والمصداقية والخبرة للإسهام في خوضها الى جانب الاليات الديبلوماسية الرسمية، والعمل لربح تحدياتها، وفي نفس الوقت تأمين قوة الاجماع الوطني، الشعبي والسياسي، خلف الموقف المغربي والانتصار له. معركة وحدتنا الترابية دخلت إذن مرحلة ديبلوماسية وسياسية جديدة، وستتواصل في أفق المؤتمر القادم للاتحاد الإفريقي، وايضاً بارتباط مع التحولات السياسية الداخلية التي تشهدها الولاياتالمتحدةالامريكية وبعض الدول الأوروبية ذات الصِّلة بالملف، وكذلك بعض بلدان المنطقة المغاربية، وكل هذا يحتم عدم اغفال جبهتنا الوطنية الداخلية وأهمية تمتينها وإشراك الأحزاب الحقيقية في مختلف الخطوات والمراحل ومواصلة المنجز التنموي والديموقراطي، سواء بمناطقنا الجنوبية أو بكامل جهات المملكة. وعلاقة بهذا، لا يجب أن ننسى أن المعركة في عالم اليوم هي أيضا إعلامية وتواصلية، ومن ثم لا بد من تعبئة الصحافة الوطنية وإشراكها، والانفتاح على وسائل الاعلام العربية والإفريقية والعالمية. القضية الوطنية هي معركة كل المغاربة ويجب التعبئة لكسب تحدياتها وتحقيق الانتصار لبلادنا. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته