خطوة الاتحاد الإفريقي بتعيين ما أسماه ممثلا خاصا له لملف الصحراء تبرز من جديد أن النظام الجزائري لا يتردد في اقتراف المناورة تلو الأخرى لاستهداف المغرب وحقوقه المشروعة في وحدته الترابية. الرد المغربي على هذا القرار الأخرق جاء صارما وقويا، وبين أيضا أن الاتحاد الإفريقي باتخاذه هذه الخطوة لم يكن مباليا بحيثياتها القانونية بقدر ما كان مهتما فقط بمجاراة رغبة البلدان المتحكمة في قرارات المنظمة القارية، وخصوصا الجزائر ونيجيريا وجنوب إفريقيا. لن يكون بإمكان الممثل رغما عنه أن يفرض على المملكة استقباله أو التعامل معه، ذلك أنها ليست عضوا في الاتحاد الإفريقي، كما أن بيان وزارة الشؤون الخارجية والتعاون شدد على أن النزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية يعتبر اختصاصا حصريا للأمم المتحدة، ومن ثم، فالاتحاد الإفريقي لا يمتلك لا الأساس القانوني ولا الأساس السياسي للتدخل في مثل هذا الموضوع، وليست له أيضا الشرعية المعنوية بأي شكل من الأشكال. وفي السياق نفسه، فإن انحياز الاتحاد الإفريقي، وأيضا ممثله الموزمبيقي، للأطروحات المعادية للمغرب، وتبنيهما مواقف تعتبر اليوم متجاوزة، وهي تتعارض تماما مع المسلسل الأممي الجاري، كل هذا يجعل المنظمة الإفريقية غير مؤهلة للقيام بأي دور في موضوع مثل موضوع النزاع المفتعل في الصحراء المغربية. على هذا المستوى القانوني قد تكون إذن المواجهة سهلة ومريحة للديبلوماسية المغربية، ولكن مع ذلك لا بد من استحضار البعد السياسي في الخطوة الإفريقية، وما يطرحه ذلك من تحديات على الرباط. بالرغم من الجهود التي بذلت لتعزيز حضور المملكة في إفريقيا، اقتصاديا وتجاريا وسياسيا، وبعد النجاحات الكبيرة التي حققتها زيارات جلالة الملك لعدد من بلدان القارة، فإن مثل هذه الخطوات العدائية تأتي لتنبه إلى حاجتنا إلى المرور نحو سرعة أكبر في علاقات الرباط بمحيطها الإفريقي، وإلى ضرورة المزاوجة بين تمتين العلاقات الثنائية مع البلدان الإفريقية وأيضا تحقيق مكاسب قارية ومؤسساتية من خلال الاتحاد الإفريقي نفسه، أي أن يكتسب أداؤنا الديبلوماسي هجومية أكبر. مثل هذه الخطوة الشاردة تؤكد أن تقوية الاستثمارات المغربية تجاه إفريقيا لا تكفي، وأن مضاعفة المساعدات التجهيزية والتكوينية أيضا لا تكفي، وبأن فراغا حقيقيا وكبيرا لا زال بالفعل موجودا على الأصعدة الديبلوماسية والإستراتيجية والسياسية والإعلامية، ويجب التفكير في ملئه، وبأن ذلك لن يتحقق إلا انطلاقا من جهد وطني جماعي، وبمقاربة سياسية شمولية ترتكز على الدقة والتشاور والتنسيق وبعد النظر. من جهة أخرى، لن يكون مصير المناورة الجزائرية الحالية سوى الفشل، ذلك أن لعبة الاعتماد على كيانات وهمية لم تنجح مع النظام الجزائري من قبل، كما أن الاتحاد الإفريقي العاجز عن تحقيق السلم والاستقرار في عدد من مناطق القارة ليس مؤهلا للقيام بأي دور في ملف مثل ملف الصحراء، بالإضافة إلى أن عددا من مسؤولي هذه المنظمة التي فقدت مصداقيتها منذ سنوات، عرفوا لدى المجتمع الدولي بافتقادهم للالتزام بمواقفهم ومسؤولياتهم في كثير من المحطات، وهم اليوم يصرون على رهن الاتحاد لخدمة أجندة النظام الجزائري ضمن تحالف يمسك بالقرار ويوجه عمل الاتحاد... أحسن رد على كامل هذه العبثية هو الرفض المطلق من لدن الرباط، ولكن على بلادنا المبادرة اليوم إلى تفعيل تفكير وخطة لإعمال هجومية ديبلوماسية وسياسية دفاعا عن المغرب وقضاياه الوطنية داخل القارة الإفريقية. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته