اعتبرت مصادر ديبلوماسية أن عودة المغرب للاتحاد الإفريقي بعد 32 سنة من مغادرته، لا يعتبر بأي حال من الأحوال الاعتراف بالجمهورية الوهمية للبوليساريو، ولكن هذه العودة تمثل الخطوة نحو تصحيح هذا الخطأ التاريخي المتمثل في قبول هذا الكيان الوهمي في هذه المؤسسة القارية، إذ أن ثلثي الدول الأعضاء لا تعترف بما يسمى الجمهورية الصحراوية. وبخصوص مسطرة عودة المغرب، ذكر ذات المصدر أن المغرب وضع تحفظا ، اثناء التصديق على الميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي، حتى يسجل موقفه المبدئي الذي وفقه لا يمكن اعتبار عودته أوفهمها على أنها اعتراف بالجمهورية الوهمية الصحراوية.
ويمكن تصنيف عودة المغرب للاتحاد الإفريقي كتعبير عن ديبلوماسية المواجهة التي ينهجها جلالة الملك محمد السادس، وهي ديبلوماسية تقطع مع سياسة المقعد الفارغ، ولكن الديبلوماسية التي تخوض المعركة حيث ينبغي أن تتم.
لقد أصبح الاتحاد الإفريقي هو منصة انطلاق الاستراتيجية المعادية للوحدة الترابية للمغرب. فترك الميدان فارغ للأعداء من شأنه أن يشجعهم على عملهم في تحريف وقلب آليات وميكانيزمات الاتحاد الإفريقي قصد خدمة أجندتهم.
سياسة المقعد الفارغ التي نهجها المغرب عقب انتهاك ميثاق منظمة الإفريقية بقبول الجمهورية الوهمية لم تعد صالحة الآن وأصبحت غير مبررة. وكذلك فإن الديبلوماسية بالوكالة أو العمل غير المباشر عبر أصدقاء المغرب داخل الاتحاد الإفريقي استنفدت شروط وجودها. لقد أصبح مستحيلا الدفاع عن مصالح المغرب دون أن الوجود داخل مؤسسات الاتحاد الإفريقي، وبالتالي هي طريقة لمساعدة أصدقائنا كي يساعدونا من داخل الاتحاد.
وتجذر الإشارة إلى أن المغرب لم يعد إلى الاتحاد الإفريقي كطالب ولكن كمطلوب. إذ أن بلدانا إفريقية عديدة شقيقة وصديقة، سجلت بقوة من داخل الاتحاد الإفريقي الانزياح الذي عرفته المنظمة تجاه المغرب، الذي يوجد خارج الاتحاد الإفريقي الذي هو واحد من مؤسسيه. واستغلت العديد من الدول انعقاد الدورة 27 في كيغالي ليطلقوا نداء لفائدة عودة المغرب إلى عائلته الإفريقية.
فبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود، لم يسبق لإفريقيا أن كانت في صلب السياسة الخارجية للمغرب وعمله الدولي، أكثر مما هي عليه اليوم، كما قال جلالة الملك محمد السادس في الرسالة الموجهة إلى رئيس الاتحاد الإفريقي.