حضور الأدباء في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، يكاد يكون شبه منعدم؛ فلم يسبق لي أن قرأت أو سمعت عن أديب عربي أو مغربي على الأقل، دخل إلى هذه الموسوعة التي تسلب عقل هواة المغامرات ومعتنقي مبدأ:خالف تعرف. لكن كيف يمكن لأديب أن يجد له موقعا في هذا الكتاب المرجعي الذي يصدر سنويا، ويحتوي على الأرقام القياسية العالمية، ويعتبر الأكثر رواجا على الإطلاق، والذي تم إصدار أول نسخة منه أواسط الخمسينات من القرن الماضي بواسطة شركة غينيس. في المغرب على سبيل المثال، لا يبدو أن هناك طموحا من هذا القبيل، يسعى أحد أدبائنا إلى تحقيقه، مع أنه طموح ذو مردودية، ربما أكثر من المسابقات الخليجية للروايات التي جذبت إليها عددا لا يستهان به من الأدباء المغاربة، بل منهم من تخلى عن الجنس التعبيري الذي يبدع فيه وتحول إلى روائي بقدرة قادر. إن الأدباء المغاربة مقلون في الكتابة، والعديد منهم أصبحوا عازفين عن طبع مؤلفاتهم الجديدة، إن افترضنا أنهم لا يزالون يمارسون الكتابة الإبداعية، إذا استثنينا التوقيع على دفاتر الشيكات والعقود التجارية. كيف يمكن لأديب ما أن يلج صفحات موسوعة غينيس، مع العلم أنها خاصة فقط بالأرقام القياسية؟ طبعا، لا ينبغي أن يخرج هذا الرقم القياسي عن مجال اشتغاله الذي هو الكتابة. صادفت في معرض الكتاب الذي أقيم أخيرا في الدارالبيضاء، أحد الأدباء المغاربة الذي انقطعت أخباره، وعبر لي عن رغبته في تأليف رواية وترشيحها لجائزة البوكر العالمية، استغربت كيف يتسنى له أن يفكر في الجوائز وهو لم يخرج إلى الوجود بعد العمل الذي سيتبارى به على هذه الجوائز، لا حظ استغرابي فسارع إلى القول إنه يمزح فقط، ولكنه بات على علم بالوصفة الدقيقة للحصول على هذه الجوائز المدعمة بأموال النفط، وأضاف: أنظر إلى كافة الروايات الفائزة إلى حد الآن، ألا ترى أنها تبدو كأنها خارجة من قالب واحد؟ جرنا الحديث عن موسوعة غينيس للأرقام القياسية بشكل غامض، حيث لا أدري ما هو الموضوع الذي جعلنا ننتقل من الجوائز إلى غينيس. لعل القاسم المشترك بينهما هو السباق. يمكن للأديب هو الآخر أن يحقق رقما قياسيا في مجال اشتغاله، ويدخل بفضل ذلك إلى موسوعة غينيس. الأدباء المغاربة مقلون في الكتابة، أكثرهم غزارة لم تتجاوز عدد رواياته -إذا سلمنا بأن كل ما ألفه يراعي خصوصيات البناء الروائي- عشرين رواية، إذن من المستبعد جدا أن يدخل أحدهم إلى موسوعة الأرقام القياسية، خصوصا إذا استمر على هذه الوتيرة. كيف يمكن للأديب المغربي أن يدخل إلى موسوعة غينيس، وبأي وسيلة؟ الذين يلجون هذه الموسوعة، يتحقق لهم ذلك عن جدارة واستحقاق؛ لأنه يتم بواسطة البرهان والدليل وأمام عيون لجنة تحكيم حاذقة. هناك كاتب مغربي أرشحه بامتياز لدخول هذه الموسوعة، إنه في صباح كل يوم يفتح صفحته الاجتماعية ويكتب فصلا جديدا من رواية وينشره في الحين، وبعد أقل من شهر يزف إلى قرائه خبر انتهائه من كتابة روايته المزعومة. لا، هناك من هو أشد إثارة منه، ينشر تدويناته على مدار اليوم. يمكن لك إذا كنت كاتبا من هذا الطراز، أن تقترح نفسك لولوج موسوعة غينيس؛ بأن تكتب رواية دون توقف لأكثر من ست وثلاثين ساعة. فكرة هائلة، بإمكانك فضلا عن حصولك على شرف الدخول إلى موسوعة الأرقام القياسية أن تعرض مخطوطك للبيع في المزاد العلني. حقا، فكرة هائلة. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته