في هذا الأسبوع وجه رئيس النقابة الجزائرية لناشري الكتب رسالة إلى الوزير الأول الجزائري عبدالملك سلال، تناقلتها وسائل الإعلام المحلية، يدعوه فيها إلى الترخيص رسميا بتسويق الكتاب الجزائري في الخارج لفك الحصار عن الإنتاج الثقافي والفكري الوطني. وفي هذه الرسالة وردت معلومات مهمة جدا، منها أن وزارة التعليم العالي تنفق ما لا يقل عن 30 مليون دولار على استيراد الكتاب، علما أن جميع المكتبات العمومية، وفي المقدمة مكتبات الجامعات والمكتبة الوطنية المركزية وتلك التابعة للقطاع الخاص المنتشرة عبر القطر الجزائري، فارغة من الكتب الأكاديمية المتخصصة الأكثر حداثة وتطورا في ميادين الصناعات المهنية، والعلمية، والعلوم الإنسانية. أما وزارة الثقافة التي تستفيد سنويا من ميزانية لا تقل عن 200 مليون دولار، فلم تعلن يوما وبشفافية عن الميزانية المخصصة لطبع وتوزيع الكتاب الجزائري ولاستيراد الكتاب العربي أو الأجنبي، وفضلا عن هذا فإنها لم تطبع على مدى 13 سنة سوى كمية هزيلة من الكتب قدر عددها رسميا ب15 ألف عنوان، علما أن تسعين بالمئة من هذه العناوين ليست سوى إعادة طبع لكتب تقليدية قديمة أكل الدهر عليها وشرب، وهي في مجملها تكرس الرداءة. إن المشكلة الكبيرة التي تعترض سبيل ترقية الكتاب الجزائري، صناعة وتسويقا في الداخل وفي الخارج، وخلقا لمناخ التأليف الإبداعي المتواصل ماديا ومعنويا، تعود بالدرجة الأولى إلى ثلاث عقبات أساسية جد سلبية وفي مقدمتها سيطرة الدولة على التوزيع من خلال تحويل وزارة الثقافة إلى شرطي يمنع حتى الآن دور النشر الجزائرية الخاصة من توزيع الإنتاج خارج البلاد. أما العقبة الثانية فتتمثل في قانون الدولة الجائر الخاص بحقوق المؤلف المسلط على رقاب المؤلفين، والذي بموجبه تذهب نسبة 60 بالمائة من عائدات الكتاب لفائدة المطابع سواء كانت تابعة للدولة أو للقطاع الخاص، ونسبة 40 بالمائة للناشر، و10 بالمائة للمؤلف، وهذا يعني أن صاحب الإنتاج، المفترض أنه عصب ومحرك الحياة الثقافية والفكرية، مهمش ماديا ومحطم معنويا. إلى جانب هاتين العقبتين فإن تغذية المشهد الثقافي والفكري الجزائري بأرقى ما وصل إليه العقل البشري في مجال الثقافة والفكر والفنون معدوم كليا وذلك بسبب عدم توفر مركز وطني بفروعه في المحافظات يقود مشروع الترجمة من اللغات الأجنبية إلى اللغتين الوطنيتين، العربية والأمازيغية. إن هذه المشكلات المتراكمة والمزمنة التي يعاني منها الإنتاج الثقافي والمؤلف الجزائريين على مدى سنوات طويلة لم تجد أي علاج إيجابي يذكر إلى يومنا هذا الأمر الذي جعل صناعة الكتاب الجزائري بدائية تماما وخاصة إذا قارناها بتطور هذه الصناعة في دول الجوار على الأقل أما مقارنتها بالدول المتطورة في العالم فأمر غير وارد إطلاقا.