ارتفاع فاتورة استيراد الحبوب يدفع المغرب إلى الرفع من إنتاجه الداخلي ضمانا لأمنه الغذائي أسفر قرار روسيا القاضي بمنع تصدير الحبوب عن طرح العديد من التساؤلات حول المنحى الذي ستتخذه الأسعار في الأسواق الدولية، وعن مدى قدرة الدول الفقيرة على تحمل كلفة أمنها الغذائي. أما في المغرب، فإن تراجع الإنتاج الوطني، من 102 مليون قنطار في موسم 2009 إلى حوالي 80 مليون قنطار في الموسم الأخير، قد قلص من حجم وقيمة الواردات خلال النصف الأول من سنة 2010 بحوالي 32,9 في المائة، أي بما يعادل 1328 مليون درهم، في حين يرتقب أن تتراجع وارداته عند متم سنة 2010 ب 12,5 في المائة لتنحصر في 1472,1 مليون درهم في حين يرتقب أن يتراجع معدل الأسعار الدولية من 2398 إلى 1838 درهم للطن، فضعف إنتاج المغرب مقارنة مع حاجياته يضعه في مصاف الدول المحكوم عليها بالاستيراد لتحقيق أمنها الغذائي. وفي سياق ذلك، قال الكاتب العام لمنظمة التغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، عبد الرزاق عباسيان، أن هذا الارتفاع يرفع من عجز الميزانية في دول شمال إفريقيا، بسبب الاستهلاك الواسع لهذه الدول للمنتوج. وأضاف الكاتب العام في تصريح للصحافة أول أمس، أن «بلدان شمال إفريقيا تدعم استهلاك الخبز، مما يكلف خزينتها ميزانيات ضخمة»، و أشار إلى أن «أغلب دول المنطقة لا تنعم بالاستقرار السياسي، الشيء الذي يجعلها أمام أزمات اجتماعية في حالة عدم توفر على الحد الأدنى من المواد الغذائية». و في سياق متصل، قال الخبير الأممي أن «ارتفاع تكاليف استيراد القمح، ينهك ميزاني الدول في منطقة شمال إفريقيا، بالإضافة إلى مصر التي تعتبر المتورد الأول للقمح في العالم». وقال إن «إمدادات الحبوب العالمية ستغطي الطلب بالكاد مما يعمل على رفع الأسعار في الموسم الحالي وإن عوامل الطلب القوي وتراجع المخزونات، خاصة في دول شمال إفريقيا، تطغى على زيادة الإنتاج». وأضاف، إنه «في غياب أي بادرة على تراجع نمو الطلب العالمي، فإن الأسعار العالمية لأغلب الحبوب ستبقى مرتفعة وإن بعضها مازال يرتفع، بينما تتجه الاحتياطيات العالمية للتراجع مرة عن مستوياتها المنخفضة بالفعل». وعلى صعيد آخر، أجمع مهندسون زراعيون، على أن المغرب عمل في السنوات الأخيرة على الرفع من حجم قدراته على تخزين الحبوب، وبذلك صار بإمكانه أن يشتري المزيد من حاجياته في الفترات التي تتميز بتراجع الأسعار الدولية، غير أن تزايد الطلب العالمي على الحبوب والتوجه نحو استعمال هذه المادة الغذائية الأساسية في إنتاج الطاقة، صار يهدد بارتفاع الأسعار، وبذلك لم يعد للمغرب من خيار غير الرفع من مستوى إنتاجه الداخلي، والاستمرار في حماية الإنتاج الوطني. غير أن هذا التوجه يقتضي بدوره عصرنة القطاع وتأهيله عبر الإنتاج في حقول شاسعة الأطراف ومجهزة بأحدث التجهيزات، كما يقتضي النهوض بمختلف المهن المرتبطة بالقطاع وخاصة منها مهن إنتاج البذور والأسمدة، ويقتضي كذلك الرقي بالموارد البشرية وتوفيرها بالعدد الكافي لمواجهة الطلب. وتوقع مراقبون، أن يواجه المغرب ارتفاع فاتورة استيراد الحبوب بعدما تضاعفت فاتورة استيراد البترول حتى نهاية شتنبر من السنة الحالية، وهو ما سيؤثر على صندوق المقاصة، ويستورد المغرب حوالي مليون و471 ألف طن خلال الأشهر الخمس الأولى من السنة الحالية، من كل من فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية وكندا وألمانيا وبريطانيا. وكان رئيس اتحاد تجار الحبوب بالمغرب قد قال إن المملكة قد تحتاج العام المقبل لاستيراد ما بين 2,2 مليون و2,4 مليون طن من القمح اللين إذا جاء محصول الموسم الحالي دون التوقعات.