هناك شبه إجماع على أن القنوات التلفزية الوطنية تزدهر وتعيش «مجدها» و»سطوتها» خلال شهر رمضان حيث ترتفع نسبة المشاهدة ويزداد الإقبال على تتبع البرامج والمواد التي يتم إنتاجها خصيصا للمناسبة. أما بالنسبة لمضمون وطبيعة ومستوى هذه البرامج والإنتاجات فهنا تختلف التقديرات والتقييمات ووجهات النظر. فمن جهة هناك من يعتبر بأن مناسبة هذا الشهر تعتبر فرصة لتشجيع الإنتاج الوطني، من الدراما وغيرها، ومن ثمة يَستحسِن جل أو كل المسلسلات والسيتكومات والبرامج والأفلام التي يقدمها التلفزيون في ليالي رمضان، ويعتبر بأن هذا الكم هو عربون على نضج وحيوية الحركة الفنية والثقافية ببلادنا، مستدلا على ذلك بالمتابعة الإعلامية الواسعة والقراءات النقدية التي تحظى بها البرامج الرمضانية، عموما، من طرف المنابر الصحفية. ومن جهة ثانية، هناك من يعيب أو يلوم القنوات التلفزية على كون هذا «التضخم» الحاصل في المواد الترفيهية يأتي على حساب البرامج «الجادة» وذات الطبيعة الفكرية والسياسية والاجتماعية. ومن ذلك، مثلا، ا لمناظرات المتلفزة والبرامج الحوارية التي تتناول أهم الأحداث الوطنية والظواهر الاجتماعية. وترى وجهة النظر هذه أن البرامج الحوارية تحظى بنسبة كبيرة من المشاهدة وبأن دليل الرغبة في تتبعها يظهر من خلال الحضور المكثف للمدعوين في، بلاطوهات التصوير، واستوديوهات التلفزة. لكن، وبمقابل هذا الرأي الأخير، يسارع أصحاب وجهة النظر الأولى إلى القول بأن ما نراه من حضور وتزاحم في فضاءات البرامج الحوارية لا يمكن اعتباره مؤشرا حقيقيا على الرغبة في تتبعها، وحجتهم في ذلك هي قناعتهم بأنه لو نظم حوار حول نفس الموضوع وبحضور نفس الشخصية في قاعة عمومية لما كان الحضور بنفس الكثافة التي تعرض أمام الكاميرات. وبين هذا الرأي وذاك، يمكن أن نزعم بأن إحدى علات الإنتاج الوطني (بما له وما عليه) هي أن يظل موسميا.