محمد شهيد فنان تشكيلي وشاعر، شارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية وكذلك المهرجانات، ينشر كتاباته في الصحف والمجلات الوطنية والعربية، صدر له ديوان شعري بعنوان "سراب السنين". خاض غمار التشكيل بعيدا عن المدارس والمعاهد، عصامي التكوين، اجتهد أكثر فاستطاع صقل مهاراته وتنمية تجربته بجهوده الخاصة. في لوحات محمد شهيد أفكار عميقة، وتاريخ دفين، وأدوات تحرك الصور الفنية والمعاني التي تحملها، تبدو لوحاته نمطية تقليدية لكنها تمتح من الحداثة ما استطاعت، وتعطي الانطباع الفني الذي ينبني على الأداء الجمالي الرفيع والاشتغال الفني الرصين. التشكيل ملازم لأفكاره وهو يسعى جاهدا لإضاءته باللون وتشخيصه بالشكل. تعرف تجربته الحالية تحولا هاما، وهي تلويحة ملونة منقطة ، عمقها صادق وبهاؤها مؤكد، والجمال فيها كامن حيث الأغوار المفتونة ببصر التشكيل وشهوة الفن والإبداع. كفنان انطباعي، حمل محمد شهيد مرسمه وخرج إلى الطبيعة ليكشف لنا حنينه إلى الطفولة الهاربة عبر الطبيعة والتي يرسمها بتاريخ القلعة والحصن والسور والربوة والنهر والوادي وبساتين الزيتون والحقول... لقد اختار لأسلوبه الجديد كل الأماكن والفضاءات الإبداعية المفضلة لديه، بدعوى أنها تمنحه دهشة الخلق والإبداع. يستلهم سحر الجمال من البادية التي تعلق بها فطريا لكونها تعد منبت موهبته الفذة. طفولته في صباغة شخصيته التي لا تبهت أبدا رغم عوامل الزمن. من خلال أعماله يتلمس ذاته، في لوحاته مساحات الصدق بادية، يترجم مخزون ذاكرته بعين مترصدة لما هو جميل، عين تلتقط وذاكرة تفرغ، وروح تبدع بإخلاص، بالإضافة إلى رؤى فنية حقيقية يشعلها كلما أراد ذلك. للمبدع محمد شهيد موهبة بوجهين، الأول شعر والثاني تشكيل، إنه شاعر اللوحة وتشكيلي القصيدة، ولذلك تجد لوحاته حاملة لنبض يجسد بكل جدارة رونق الشكل وعذوبة الذوق وجمالية اللون وهو يوازي بين الموضوع واللون والشكل، لأنها من العناصر الهامة التي تساهم في بناء اللوحة وتشييدها. اكتسب مهارة كبيرة، يمتاز بمزج الألوان وخلطها ، فبات يطوع اللون ويحسن تجانسه، كما زادته الخبرة التشكيلية دربة تقنية في مجال تعامله مع المادة والأداة، ومن خلال التجريب الإبداعي والمغامرة الفنية يأتيه التنوع بأساليب مختلفة، حيث اعتمد في تجربته الحالية على التلوين بالتنقيط والذي يدخل في سياق (التلوين المركب) هذا النمط الذي يزيد اللوحة جمالا خالصا ورونقا منفردا، إنه أسلوب جد دقيق، يتطلب الجهد الكافي والمهارة المحكمة والتركيز الكبير في وضع النقطة جوار الأخرى بحجم موحد، في تناسق محكم وانسجام تام، يتعامل مع الأسلوب التنقيطي ويستخدمه بتقنية متميزة. لوحاته تمتلك قدرة الفن وقوة التفكير، وبفرشاة متأنية ولمسات مستغرقة وترو في العمل المستمر، ينحني أمام لوحاته كثيرا فتبايعه مجنونا لها. محمد شهيد، اسم له مكانته في الساحة الفنية، تأتيه الخبرة العميقة عن طريق البحث المتواصل والتجريب المكين، وهو في عالم الجمال يبدع ويسير.