أعلن ديفيد باتريوس قائد قوات احتلال العراق ورئيس الأركان الأمريكي السابق، في تصريح الى صحيفة ليوفيغارو الفرنسية «أن داعش ليس العدو الحقيقي في العراق». وكان ديمبسي رئيس الأركان الامريكي الحالي قد وصل بغداد في زيارة مفاجئة ليحذر من أن سرعة حسم معركة تكريت سيفضي إلى تفكك التحالف الدولي والمعركة ضد داعش تتطلب ثلاثة سنوات على أقل تقدير. توج هذان التصريحان بغارتين جوية اأمريكية مباشرة ضد منتسبي اللواء 50 في الفرقة ال14 في بيجي والأنبار ادت الى مقتل عشرات الجنود العراقيين لا يزالون تحت الانقاض. فجأة، ظهر وزير الداخلية العراقي ليعلن توقف عمليات تحرير تكريت معللا ذلك بتحصن داعش وسط مناطق سكنية،بعد ان اجمعت جميع الاعلانات الرسمية،عسكرية وحكومية،على ان ساعات او ايام قليلة تفصل القوات العراقية عن تحرير تكريت.وسط تململ شعبي رافض لايقاف المعركة وتصريحات من هذا الفصيل او ذاك مكونات الحشد الشعبي تشير الى نيتها التقدم نحو مجمع القصور الرئاسية المعقل الاخير لقوات داعش في تكريت. إن عدد من الفصائل والقوى العراقية المشاركة مع داعش في احتلال المدن العراقية والتي اختلفت مع داعش،هي اليوم، إما تخوض معارك ضد داعش كما جرى في الظلوعية والحقلانية وحديثة،المعارك التي جرت على اساس الحفاظ على مناطق النفوذ،او تقف على الحياد بين القتال الدائر بين الجيش العراقي والحشد الشعبي ومتطوعي عشائر المناطق المحتلة من جهة وقوات داعش من الجهة الاخرى. اما الفصيل الاساسي الذي لا يزال يقاتل الى جنب داعش فهو النقشبندية – عزة الدوري .علما ان قوام قوات داعش المسلح يتكون بنسبة 90 بالمائة من هذه الفصائل المسلحة المتكونة اصلاً من منتسبي الاجهزة الامنية وفدائيي صدام والحرس الجمهوري المنحلة، إضافة إلى الجيش العراقي السابق،والتي يقدر تعدادها ب 120 الف عنصر. فيما يتكون الحشد الشعبي من المليشيات الشيعية القوة الضاربة على الارض والمسلحة تسليحا جيداً،من قوات بدر – كتائب حزب الله –عصائب اهل الحق- مجاميع صغيرة (ابو الفضل العباس- رساليون). وتضم جميعها بحدود 50 الف مقاتل.والمليشيات السنية التي التحقت بها لمقاتلة داعش وبشكل مستقل عنها عسكريا وماليا المُشكلة من قبل العشائر المتضررة من داعش في المناطق المحتلة وبشكل خاص ( الجبور- البوفهد- البونمر) وتضم 30 الف مقاتل. وهي تعمل تحت سلطة الحزب الاسلامي العراقي بشكل غير مباشر وبإدرة مباشرة،مالية وتسليحية من سليم الجبوري رئيس مجلس النواب. تم الاتفاق على تخصيص ميزانية لكل من الطرفين تمهيداً لعملية المصالحة في طبعتها الجديدة – القديمة،والتي اطلق عليها تسمية (اعلان بغداد للمصالحة: إدانة الدكتاتورية والتكفير وحرمة الدم) ،وجوهره،انه يقول كل شي، حتى ليبقي كل شي على حاله,.بل ويزيده سوءاً. سواء من حيث الحفاظ على طبيعة النظام المحاصصاتية الطائفية الاثنية، مروراً في الإمعان بتقسيم الشعب العراقي، عبر الإصرار على فيدرالية بايدن التقسيمية،وتشكيل مليشيات للمدن تحت مسمى الحرس الوطني،وانتهاءاً باستمرار التبعية للغازي الامريكي عراب داعش. إن مشروع المصالحة الجديد- القديم،يهدف،وبكل بساطة،الى المصالحة بين خياري نظام المحاصصة والدكتاتورية،على حساب الشعب العراقي وتضحياته الجسيمة وسيعرض الوطن لمخاطر لا حدود لها. هلى تحل صفقة المصالحة الحلقة الغامضة أما القضية الغامضة،التي ادت الى انفجار الصراع بين داعش والفصائل العراقية المتحالفة معها,.هي قيام داعش باعتقال قيادات عزة الدوري { اكثر من اربعين عنصر} لايقاف استمرار تنفيذ الخطة المتفق عليها في عمان القاضية بالتوجه الى بغداد واقتحام المنطقة الخضراء بمساعدة القوة المهيئة المتواجدة في حزام بغداد. وادارة داعش وجهة المعركة باتجاه اربيل. تفسرها الصفقة المعمول على انجازها والمقبولة من الاطراف المتنافسة على السلطة التي ستكرر سيناريو اختفاء القاعدة فجأة عام 2007 من العراق،فتختفي داعش من الموصل وتتوجه نحو سوريا. كما ان من النتائج المتوقعة للمصالحة هو بروز قوى شيعية تطهر ما يسمى بالبيت الشيعي من المشاغبين،وسيجري اصطفاف جديد في ما يسمى ب «البيت السني» لصالح قوى معتدلة تقبل بحصتها في السلطة دون مشاغبات مستمرة،وينطبق الأمر ذاته على ما يسمى ب « البيت الكردي» لصالح الحد من دور الزعامات المتطرفة المهددة بالانفصال.كما يجري تأهيل بقايا جماعات قومية عربية بما فيها قيادات بعثية قديمة،برعاية علاوي لتشكيل تيار سياسي قومي عروبي يحل معضلة حظر العمل بأسم حزب البعث،سيطلق عليه تسمية « الاتحاد الديمقراطي العربي». ولا يمكن بطبيعة الحال،عزل ما يجري تحت الطاولة وفوقها عراقياً،عن الأزمة السورية والنووي الايراني والدور الروسي المتنامي دولياً. أن التراجع الاجباري الجاري لهيمنة الامبريالية الامريكية على القرار الدولي نتيجة الأزمة الشاملة التي تعانيها الامبريالية الامريكية تقسم الادارة الى الأمريكية إلى معسكرين ،معسكر خيار الحرب وتقسيم بلدان المنطقة ونهب ثرواتها،والمعسكر الداعم لهذه الصفقة، الهادف إلى تحقيق ذات الهدف،هدف نهب الثروات واستعباد الشعوب،ولكن بطريقة ناعمة وبمراحل اعتماداً على الاتباع مع تكثيف التواجد العسكري في المنطقة كقوة ضاغطة وايضا ضاربة عند الضرورة القصوى. إن صفقة تبخر داعش المفصلة في مشروع المصالحة الجديد- القديم، يهدف، وبكل بساطة إلى المصالحة بين خياري المحاصصة والدكتاتورية، على حساب الشعب العراقي وتضحياته الجسيمة وسيعرض الوطن لمخاطر لا حدود لها. إن إعلان بغداد للمصالحة يتجاهل أهم إرادة،هي إرادة الشعب العراقي التي تمثل وسيلته المجربة في إنتزاع حقوقه المغتصبة على يد نظام المحاصصة الطائفية الاثنية الفاسد سواء بطبعته الراهنة او بنسخته الجديدة التي يُعد اصدارها. إن اليسار العراقي يؤمن بأن الخيار الثالث، الخيار الوطني التحرري الذي انطلق لحظة إسقاط النظام البعثي الفاشي على اسياده الامريكان واحتلال العراق في 9 نيسان 2003. هو الخيار الصحيح في مواجهة خياري، نظام المحاصصة الطائفية الأثنية الفاسد، وإعادة شكل من أشكال الدكتاتورية. والكلمة الاخيرة والحاسمة هي للشعب العراقي حتماً. *منسق التيار اليساري الوطني العراقي