الإفراغ استهدف متقاعدون من الأمن الوطني، بعد أربعين سنة من ممارسة الوظيفة وعشر سنوات من التقاعد في مشهد مأساوي ،جرى يوم الأربعاء الماضي تشريد عشرات الأسر من متقاعدي وأرامل موظفي الأمن الوطني من العمارات التابعة للأملاك المخزنية المحاذية لشارع سقراط أمام المركب الرياضي محمد الخامس بالدارالبيضاء. وسط صراخ واحتجاجات الضحايا، شرعت قوات الأمن، التي حضرت بكثافة وحاصرت الموقع، في إخلاء السكان وأمتعتهم، وذلك تحت أنظار سكان باقي العمارات المهددة هي الأخرى بالإفراغ. فمنذ صدور الأحكام القضائية، سواء في مرحلتها الابتدائية أو الإستئنافية، في دعوى الإفراغ والتي تقضي بتشريد 47 عائلة من متقاعدي وأرامل موظفي الأمن الوطني، والأسر المهددة تبذل المساعي لوقف هذه المأساة،لكن بدون جدوى. الذين استهدفوا هم متقاعدون من الأمن الوطني، بعد أربعين سنة من ممارسة الوظيفة وعشر سنوات من التقاعد. إنهم أرامل متقاعدي الأمن الوطني وعائلاتهم من شيوخ وأطفال، لم يتوقفوا من خوض سلسلة من الاحتجاج ضد قرار الإفراغ، الذي اعتبروه جائرا، لكونه بني على فسخ وهمي لعقد كراء وهمي بين الإدارة العامة للأمن الوطني ووكيل المالكتين للعقار. فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان واكب هذه الحركة الإحتجاجية منذ البداية، إثر توصله بمراسلة مرفقة بملف في الموضوع من طرف الساكنة بعمارتي محمد الخامس (عمارة سيدنا سابقا). وفي تقرير له، استنتج مكتب فرع الجمعية أن الملف في شقه القانوني تشوبه العديد من الخروقات، من خلال المعطيات والوثائق المتوفرة لديه. وذكر تقرير مكتب الجمعية مجموعة من المعطيات والملاحظات، ندرج منها ما يلي: - أسس الحكم القضائي، إبتدائيا واستئنافيا على نسخة مصورة لعقد الكراء، تقول فيه الإدارة العامة للأمن الوطني أنها أبرمتها مع إدارة الأملاك، ونسخة مصورة غير مصادق عليها، تزعم فيها أنها فسخت العقد المذكور بتاريخ 13 أبريل 2006، مما يعني ان الوثيقة المعتمدة كحجة حاسمة في الحكم، وثيقة غير مشهود بمطابقتها للأصل لدى السلطات، مما يعتبر خرقا للفصل 440 من قانون الالتزامات والعقود، الذي يعطي للنسخ المأخوذة عن أصول وثائق رسمية قوة الإثبات شريطة الإشهاد بمطابقتها لدى السلطات، وهذا خلل جوهري سافر. - يتوفر السكان على عقود كرائية فردية للسكن أبرموها مباشرة مع إدارة وكالة الأملاك الملكية لا تشير لا من قريب ولا من بعيد للإدارة العامة للأمن الوطني، يؤدون سومتها الكرائية شهريا لدى الوكيل المفوض لهذه المهمة، مقابل وصولات الكراء، وهذه العقود تجاهلتها تماما المحكمة. - بينما العقد المبرم بين الإدارة العامة للأمن الوطني، في عهد الغزاوي، ووكيل الأملاك الملكية يخص فقط 72 غرفة لإيواء المصالح الإدارية للأمن الوطني، حسب ما جاء في المادة الأولى للعقد المذكور، إذن فالعقد الذي أدلت به الإدارة العامة للأمن الوطني لا يتعلق باقتناء سكن وظيفي.. - وللمزيد من التوضيح: يشير التقرير إلى أن كل عمارة من العمارتين بها ثلاث مداخل، وكل مدخل يتكون من أربعة طوابق وكل طابق به ثماني شقق من ثلاثة إلى خمس غرف، أي مجموع غرف العمارتين هو 256 غرفة إذا أضيفت لها غرف القبو. فكيف يعقل أن يكون موضوع عقد الكراء المدلى به من طرف الإدارة العامة للامن الوطني يتعلق ب 72 غرفة ووثيقة الفسخ تشمل العمارتين باكملهما بمداخلها ال 6 وغرفها ال 256؟ - عقود الكراء الفردية التي تربط بين المكترين ووكيل مالكتي عمارات محمد الخامس (فاجينا لويس) تحدد بوضوح طرفي عقد الكراء من أجل السكن، ولا وجود لأي بند في العقد يشير إلى الإدارة العامة للأمن الوطني كطرف، بشكل من الأشكال، في عقد الكراء. كما لم يسبق لهؤلاءالمواطنين، خلال حياتهم المهنية أن تعاقدوا مع الإدارة العامة للأمن الوطني أو فوضوا لها التعاقد باسمهم للحصول على سكن وظيفي. - النبش في الأرشيف واستخراج وثيقة أثرية، فقدت جدواها منذ ولادتها، واستعمالها من أجل استصدار حكم قضائي جائر لتشريد 47 أسرة، ولا ئحة المرشحين المهددين بالتشرد لازالت مفتوحة، وتستنتج الجمعية مما سبق، أن المرء أصبح أمام فسخ وهمي لعقدة وهمية استندت عليه المحكمة كأساس للبث في الملف، الشيء الذي يفتح المجال لطرح العديد من الأسئلة تتجاوز ماهو قانوني. وخلص فرع الجمعية إلى القول "ان ما ذكر يمثل عناصر في ملف تشوبه العديد من الخروقات السافرة.. ملف تفوح منه رائحة المال والأعمال والسلطة، للتحكم في قرار قضائي جاهز تحت الطلب". أكذوبة بريجة للتذكير، سبق لمحمد بريجة، نائب "عمدة" الدارالبيضاء أن التزم بالعمل على الإيقاف الفوري لعمليات الإفراغ، وذلك في بلاغ مشترك صدر عن لقاء جمعه مع ممثلي/ات السكان ورئيس فرع الدارالبيضاء للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومنسق لجنة متابعة ملف السكن، يوم الجمعة 9 أبريل 2010.