أمام الدورة التاسعة للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط أكد محمد الشيخ بيد الله، رئيس مجلس المستشارين، أن المغرب جعل من بعده المتوسطي "أحد الأولويات الرئيسية لتوجهاته الإستراتيجية"، ويعمل على جعل المتوسط "نموذجا للتكامل الاقتصادي والتعايش السلمي". وأضاف بيد الله، الذي كان يتحدث أول أمس الاثنين بموناكو خلال الجلسة الافتتاحية للدورة التاسعة للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، أن هذا التوجه ينخرط في تناغم مع تكريس دستور المملكة لسنة 2011 للبعد المتوسطي كأحد الروافد المتنوعة للأمة المغربية، مضيفا أن المملكة تريد المساهمة في إنجاز تنمية مستدامة في حوض المتوسط وجعل المنطقة بامتياز مركزا للتنوع الثقافي. وقال، في هذا السياق، إن المغرب يعزز من سياسته الأورو-متوسطية من خلال تنويع شركائه الاستراتيجيين، سواء في إطار الوضع المتقدم للمغرب في علاقته مع الاتحاد الأوروبي، وكذلك برنامج الجنوب في إطار السياسة الأوروبية للجوار والشراكة من أجل الديمقراطية لدى اللجنة البرلمانية للمجلس الأوروبي. وذكر بالتزام المملكة في إطار الاتحاد من أجل المتوسط وانفتاحها على بلدان إفريقيا جنوب الصحراء. وتناقش الدورة التاسعة للاتحاد البرلماني للمتوسط عددا من القضايا الآنية، على الخصوص، التطورات السياسية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومحاربة الإرهاب، وتحديات الهجرة ودور البرلمان في تعزيز حقوق الإنسان. وأبرز رئيس مجلس المستشارين مسلسل الإصلاحات الهيكلية التي أطلقها المغرب بفضل حكمة وتبصر جلالة الملك محمد السادس والتي مكنت من تعزيز وتقوية دولة القانون والمؤسسات والدفع بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ما مكن المغرب من أن ينأى عن التوترات الاقتصادية التي أصابت عددا من البلدان، وكذلك التحولات السياسية التي أفرزت نتائج سلبية في بلدان المنطقة على الأصعدة الاقتصادية والأمنية والبشرية. وفي هذا السياق، أشار بيد الله للجهود التي يبذلها المغرب في مجال محاربة الإرهاب، مؤكدا أن المملكة اعتمدت مقاربة واقعية ترتكز على محاربة الفقر والهشاشة والتهميش وتوفير الأمن الروحي لمواجهة التطرف، وفي الآن ذاته تقوية ثقافة حقوق الإنسان. كما استعرض جهود المغرب في مجال محاربة الهجرة السرية، وبالخصوص المبادرة الملكية المتعلقة بالسياسة الجديدة للهجرة، ثم النهوض بحقوق الإنسان سواء عبر تطوير الآليات الوطنية وبالخصوص المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه الجهوية أو التفاعل المستمر مع آليات الأممالمتحدة لحقوق الإنسان. وقد تميزت جلسة افتتاح هذا اللقاء بمشاركة أمير موناكو ألبير الثاني، الذي أكد، في كلمته بالمناسبة، على أهمية الجمعية البرلمانية للمتوسط كفضاء للتبادل والتشاور حول الوسائل الكفيلة بمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة وخص بالذكر الإرهاب والهجرة السرية والتغيرات المناخية والبيئية. ودعا، في هذا السياق، إلى إيلاء أهمية خاصة لقضايا البيئة وبالخصوص الحفاظ على البيئة البحرية وتنوعها، وهي محاور قال إنها توجد في صلب المبادرات الدولية لإمارة موناكو. كما أبرز ضرورة مضاعفة جهود التنمية وحماية البيئة. ويتضمن برنامج هذه الدورة تقديم أشغال اللجان الدائمة المكلفة بالتعاون السياسي والأمن والتعاون الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والحوار بين الحضارات وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى انتخاب رئيس جديد للجمعية وتعيين أعضاء جدد في مكتب الجمعية. يذكر أن الجمعية البرلمانية للمتوسط تأسست في العام 2005 بعد 15 سنة من التعاون بين بلدان ضفتي المتوسط في إطار مؤتمر الأمن والتعاون في حوض المتوسط وهو مسار يندرج في إطار الاتحاد البرلماني. ويتمثل الهدف الأساسي للمجلس البرلماني المتوسطي في تقوية التعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين البلدان المتوسطية بهدف التوصل الى حلول مشتركة تمكن من مواجهة التحديات في المنطقة وخلق فضاء للسلم والازدهار لكل شعوب المتوسط.