أكد رئيس مجلس المستشارين السيد محمد الشيخ بيد الله اليوم الجمعة بالرباط، أن المغرب، وإيمانا منه بأهمية البعد المتوسطي للمملكة، يواصل انخراطه في النهوض بدور الفاعل والشريك في إحقاق السلم والتعاون في المنطقة وإغناء الحوار الثقافي والحضاري بين الأمم وإشاعة القيم الكونية التي تتقاسمها مع شعوب منطقة المتوسط. وأوضح السيد بيد الله في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الخامسة للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، أن منطقة المتوسط تواجه أزمات ناجمة عن التحولات المختلفة والصدمات القوية التي ما فتئت تعصف بها، وخصوصا تنامي الإرهاب وتعدد مسبباته مشيرا إلى أن هذه الظاهرة أضحت خطرا حقيقيا يهدد استقرار وأمن الفضاء المتوسطي ولا سيما في منطقة الساحل والصحراء، والتي أصبحت مرتعا لكل أشكال الإجرام العابر للحدود كتجارة المخدرات والأسلحة والاتجار في البشر والاختطافات والهجرة غير الشرعية. وأبرز السيد بيد الله أن الوضع المتقدم للمملكة المغربية في الشراكة مع الاتحاد الأوروبي يسير في طريق دعم مشروع الاتحاد من أجل المتوسط باعتبار هذا الأخير ورشا مستقبليا يسعى إلى تحقيق التكامل والاندماج الضروريين لمجابهة مختلف التحديات السياسية والأمنية والتنموية التي تواجه الفضاء المتوسطي. كما أنه يعتبر محفزا على بذل الجهود لبناء اتحاد المغرب العربي الذي أصبح أكثر من أي وقت ضرورة جيو - سياسية، كتجمع متكامل ومندمج قادر على الدفاع عن مصالحه ورفع قدراته التفاوضية في التعامل مع التكتلات الإقليمية الأخرى وسيؤهل الدول الخمس التي تشكل كتلة متكاملة اقتصاديا وبشريا إلى المساهمة في رفع التحديات المطروحة إقليميا ودوليا. وشدد في السياق ذاته، أن موضوع الشرق الأوسط يشكل أكبر التحديات بالنسبة للمنطقة المتوسطية، مبرزا أن المملكة المغربية، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ما فتئت تسخر كل جهودها من أجل إحلال السلم والسلام وضمان الحقوق المشروعة والعادلة للشعب الفلسطيني وكسر الحصار الجائر على قطاع غزة وإنهاء كل أشكال الاستيطان والاحتلال في فلسطين ودعم صمود الشعب الفلسطيني في مقاومته للاحتلال وللمحاولات الإسرائيلية الرامية إلى تهويد القدس الشريف وطمس معالمها الحضارية الإسلامية والمسيحية وتهجير سكانها. واعتبر في هذا الصدد أن هذه الجهود تصب في مصلحة شعوب المنطقة، وأنه لا يكون هناك أمن وسلام دائمين ما لم تضمن حقوق الفلسطيني بتكوين دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. من جهة أخرى، أبرز رئيس مجلس المستشارين الأوراش المتعددة التي انخرطت فيها المملكة والمرتبطة مباشرة بالتنمية البشرية في إطار مجتمع حداثي ديمقراطي يقوده صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يكرس دولة الحق والقانون ويطور ثقافة حقوق الإنسان ويعزز دور المجتمع المدني ويحقق المساواة وتكافؤ الفرص بين المرأة والرجل. وأضاف أن هذه المجهودات توجت بإطلاق المبادرة وطنية للتنمية البشرية كمنظومة وأداة لمحاربة الهشاشة والفقر وكافة أشكال الإقصاء وكنموذج للحكامة المرتكزة على الديمقراطية التشاركية الرامية إلى تعزيز قدرات المغرب في مجال تحقيق أهداف الألفية للتنمية. وأكد السيد بيد الله أن هذه الاستراتيجية المندمجة التي اعتمدها المغرب والمجهودات المتواصلة في مجال الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الرامية إلى تحديث وعصرنة ودمقرطة المجتمع والدولة، توجه منح المغرب " الوضع المتقدم " مع الاتحاد الأوروبي كإطار مؤسساتي لعلاقات المملكة المغربية مع هذه المجموعة. وبخصوص الدورة الخامسة للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، أكد السيد بيد الله أنها فرصة سانحة لتدارس المواضيع والقضايا المتصلة بحياة سكان المنطقة كشركاء وجيران يربطهم تاريخ مشترك ورصيد حضاري كبير وموروث ثقافي غني ومتنوع أفرزه على مدى حقب تلاقح وتمازج وتفاعل ثقافات وحضارات شعوب المتوسط. ويتضمن جدول أعمال الدورة مداخلات لممثلي عدد من المنظمات الدولية والمجتمع المدني حول قضايا ومواضيع تكتسي أهمية خاصة بالنسبة لمنطقة البحر الأبيض المتوسط كالسلم والأمن والبيئة والاقتصاد والتجارة وحوار الحضارات. كما تتميز أعمال هذه الدورة على الخصوص بانتخاب رئيس جديد للجمعية للسنتين المقبلتين 2011-2012، والمصادقة على برنامج عمل الجمعية خلال هذه الفترة. وسيتم في ختامها تتويج الفائزين بجوائز الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط لسنة 2010.