حلم واحد كانت هناك، تدرج مثل حمامة على الأرض التي تهبنا الأمل. وكنت هنا أبحث في تفاصيل الأيّام عن لحظة اطمئنان. رأيتها في المنام. وقالت إنّها رأتني في أحلامها مرّات ومرّات. ثم التقينا ذات ليلة في حلم واحد، فلم أقترب منها لسبب ما والحلم ما زال ممتدًّا حتى الآن. باب فتحتْ باب الحلم، وتسلّل إلى جسدها هواء بارد قلت: أين تخرجين؟ قالت: لا يهمّ أين، المهم أن أخرج. قلت: يتبدّد حلمنا إنْ خرجت. اعتراها خوفٌ وعادت إلي، استلقت إلى جواري وواصلت حلمها، فيما كنت أحلم أنها تحلم أنها لم تفتح الباب. جرّة زيت قليتُ البطاطا بالزيت لنأكلها في حلمنا مع الخبز والجبن والزعتر والزيتون. وكنا نجلس فوق العشب عند سفح الجبل. قالت: تزعجني رائحة الزيت المقلي. فتحت عينيها في حلمها، فلم تجد زيتًا أو بطاطا. تململت في نومها، وكان عليها أن تنتظر، لأنني صعدت الجبل لأحضر جرّة زيت، حضنتها بين ذراعيّ أثناء نزول المنحدر. أعالي الكلام سمعتْ أعقاب البنادق وهي تضرب الباب. قالت لي في حلمها: كم هو مزعج هذا الحلم! سمعتها وقلت: توقّفي عن حلمك كي أواصل امتطاء الفرس نحو أعالي الكلام. وقبل أن نستيقظ عنوة بلحظة واحدة، حلمنا أن ثمة من يحاولون اغتيال كلّ شيء حتى الأحلام. ضجيج الطائرات قطعنا بحورًا سبعة، وكان الوقت منتصف الليل. وصلنا بلادًا لا جور فيها ولا طغيان. تأمّلنا ما حولنا. قالت: كم هو هادئ هذا المكان! وقالت: هنا لا قتلة ولا عنصريون، لا استيطان ولا عصابات. قلت لها، فيما كان حلمنا على وشك الانتهاء: هيا بنا نحلم حلمًا يعيدنا إلى بلادنا. عدنا، نعم عدنا عندما أيقظنا ضجيج الطائرات. ثوب طويل قلت لها: منذ التقينا في الحلم وأنت لا تبدلين هذا الثوب الطويل. قالت: لا أبدّله لأنني أبدو وأنا أرتديه مثل إحدى الممثلات. قلت: في مملكة الأحلام يمكن تبديل الثياب من دون محظورات. تلفّتت حولها وقالت: لا أرى مملكة، أرى حلمًا واحدًا يتكرّر بثوب طويل. ثم أمعنتْ في العويل. حافلة وقفنا في حلمنا تحت المظلّة، وكان الوقت مساء. والحافلة تأخرت عن موعدها خمس دقائق، حلمتْ أثناءها أنّها شاحنة تنقل الفواكه والخضار. سارت في الشارع بعد أن قطع السائق حلمها، ولما وصلتنا لم نصعد إلى داخلها. لأننا كنا نحلم أننا ننتظر القطار. غناء كنّا نوزّع الحلوى على الجالسين، ونغنّي. جاءنا المستوطنون، وأطلقوا علينا النار. وجاء الجنود. قلنا ونحن نطلق في حلمنا فكاهة سوداء: -هم في العادة لا يطلقون النار بتاتًا، حتى إنّ البنادق تصدأ في أيديهم! ظلّوا يطلقون علينا النار، ونحن نغنّي وننزف الدماء ولا نموت، نعم لا نموت. عقد قران نمضي في حلمنا إلى أرضنا نحصد زرعنا، ونقطف الزيتون، ونعقد قران الفتى على حبيبته الفتاة، قبل أن يحصده الغزاة. وقبل أن يحصدوه، نصحو من نومنا لكي تستمرّ الحياة.