لا أحد يفكر في الجبل عشبٌ في أنحائه يتوالد يترنَّح كلما هبَّ عَصْفٌ ويمارس نشوته، شَهْوَتَهُ وينشد: "وجعلنا الرّياح لواقح" لا أحدَ يفكِّر في الجَبل يبدو شامخا بينما في جذعه ملايين النملات تنخُر تتمنَّى أن يخِرَّ يوماً على مرآها تنتظر أن تنهار قواه كي تغني: النصر لك أيها الصبر. لا أحد يفكر في الجبل يخجلُ فوقك يقول لك: أنا صامت بينما الريح تقول عني كل الهَدير. لا أحد يفكر في الجبل أنا وحدي أفكر كما لو أني صقْر من فوق يسمع صهيلَهُ بينما أفرِدُ جَناحيَّ في اتجاه حياة في الريح.. مع الجبل لا أحد يفكر فيه البحيرة حيرى من أية جهة تراه بأي لغة تحاوره كيف تقول له: ظلك فوقي يغريني بالحب لا أحد يفكر في الجبل لا الناي ولا شجر الجكرندا ولا رفَّةُ الخُطّيْف ولا السحابة العَجْلى إنما الثلج وحده يجاوره في البياض وفي ملل الوقت لا أحد يفكر فيه يا حبيبي كلانا لا يفكر في الجبل بينما هو قد تصدَّعَ من فرط ما نشقى في السَّؤالِ وفي الجَواب لا أحد يفكر في الجبل لا أحد يعرف أن البركان ألَم وأن دمْعَهُ حِمَم لا أحد يفكر في الجبل أتفهمني؟ قد يغريك جبل بالقمة فمن قال لك إنك لا تغريه بالسَّفح؟ لا أحد يفكر في الجبل فوقه وقفتُ فتحت فمي ملء شدقي علني أُخْرِجُ من جسدي روحا شاخت وأخرى تنتظر فرحا، تتلقفه من سحاب وقفت، كأني أصلي وكأن اللحظة دعائيَ المستجاب لا أحد يفكر في الجبل سوى قطرة مطر على مهل سقطت وفوقه نشرتْ أشلاء بوحها.. لا أحد يفكر في الجبل يحزنني الأمر. وأنا؟ هل حقا أسمع بوحَ الجبل؟