يعد شريط "البحر من ورائكم، للمخرج المغربي هشام العسري، والذي تم عرضه لأول مرة على الصعيد العالمي، ضمن فعاليات الدورة الحادية عشرة لمهرجان دبي السينمائي، رحلة سينمائية للبحث في أعماق النفس الانسانية. والفيلم الذي يتنافس في إطار مسابقة المهر العربي للأفلام الطويلة بالمهرجان الذي ينظم خلال الفترة ما بين عاشر و17دجنبر الجاري،، ثالث تجربة سينمائية للمخرج هشام العسري. ويسعى الشريط، الذي يندرج في إطار خانة (سينما المؤلف)، إلى المزاوجة بين تيمة الحب والعنف والمقدس والمدنس، من خلال تسليط الضوء على شخوص تعتمل داخلها مشاعر انسانية معقدة ومتضاربة، يسيطر عليها الخوف والعاطفة والمغامرة والتردد، والحب. كما حرص المخرج ، من خلال شريطه ، الذي تم عرضه باللونين الأبيض والأسود، حيث لم تظهر الألوان الطبيعية إلا مع نهاية العمل، على إبراز الجوانب القاتمة من الشخصية البشرية، بكل ما فيها من عنف وبشاعة. ويؤكد شريط "البحر من ورائكم"، الذي شارك في بطولته كل من مالك أخميس وحسن باديدة ومحمد أوراغ وياسين السكال، سعي المخرج، الذي تولى أيضا صياغة السيناريو، على توسيع دائرة التجريب في أفلامه، والتي انطلقت مع شريطه الطويل الأول "النهاية"، حيث ينشغل بالعمل على لغة سينمائية وآليات سردية على حساب الحكاية. وبحسب القائمين على مهرجان دبي السينمائي، فإن فيلم "البحر من ورائكم" يندرج في خانة "الوثائق البصرية"، التي تمتحن روح التحدي لدى جيل جديد من المخرجين يبحث عن مكان يعبر فيه عن حضوره وتفاعله مع أسئلة المستقبل. وتوقع المنظمون أن يثير هشام العسري، من خلال شريطه، الذي تم إنتاجه بدعم من برنامج "إنجاز" الإماراتي، (في مرحلة ما بعد الإنتاج)، انتباه النقاد والمتتبعين انطلاقا مما يحمله من رسائل وتقنيات، إلى جانب " الرصيد المميز من الصيغ الإخراجية المدهشة التي قدمها العسري سابقا". وعبر الممثل المغربي مالك أخميس بطل شريط "البحر من ورائكم" ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن سعادته بالمشاركة في هذا الشريط، الذي اعتبره "تجربة خاصة"، تنتمي لسينما المؤلف. وأكد في هذا الصدد أن الاشتغال في عمل فني "يقدم شخوصا معقدة ومركبة"، يحمل نكهة ومتعة خاصتين، ذلك أنها تفرض على الممثل البحث والتقصي في الجوانب المظلمة للذات الإنسانية في محاولة لنقلها بكل عقدها على شاشة العرض. وأشار مالك أخميس ، إلى أن تجسيده لشخصية (طارق)، شكل تحديا خاصا بالنسبة له، حيث سعى للتغلب على ذاته، من أجل تقديم هذه الشخصية، بكل ما يعتمل بداخلها من تناقضات. واعتبر أن تقديم شريط يندرج ضمن خانة (سينما المؤلف)، يعد إثراء للعرض السينمائي الوطني، من خلال تمكين المشاهد من الوقوف على مدارس وتيارات متعددة ومختلفة في الصناعة السينمائية. ومن جانبها، أكدت لمياء الشرايبي، التي ساهمت في إنتاج الشريط إلى جانب مخرجه هشام العسري، أن اختيار "البحر من ورائكم" ضمن المسابقة الرسمية لتظاهرة عالمية بحجم مهرجان دبي السينمائي، تعد اعترافا بقيمته الفنية والسينمائية. وأضافت في هذا السياق أن الفيلم يعد محاولة سينمائية تنتصر لقيم الفن والانفتاح والحرية، تروم تقديم وجهة نظر فنية بحثة، أكثر من الحرص على ربح رهان شباك التذاكر. ويضم الرصيد السينمائي للمخرج هشام العسري، مجموعة من الأفلام القصيرة من بينها "وشم العذاب" و"على جناح" و"بخط الزمان"، فيما حصد شريطه الطويل الثاني "هم الكلاب" العديد من الجوائز من بينها على الخصوص جائزة لجنة التحكيم الخاصة، وجائزة أفضل ممثل في مسابقة المهر العربي في الدورة العاشرة من مهرجان دبي السينمائي الدولي، وجائزة أفضل فيلم روائي طويل في الدورة العاشرة لمهرجان السينما الإفريقية في قرطبة، و الجائزة الفضية للأفلام الطويلة ضمن الدورة ال25 لأيام قرطاج السينمائية التي اختتمت فعالياتها مؤخرا بالعاصمة التونسية.