النص الذي أقره الاجتماع الأخير لمجلس الحكومة يهدف إلى تحيين المنظومة الجنائية الوطنية بهدف تقوية الآليات القانونية لمواجهة ظاهرة الالتحاق بالمعسكرات التدريبية الإرهابية بالخارج وتلقي تدريبات بها، وذلك بإدراج مجموعة من الأفعال ذات الصلة بمعسكرات التدريب ببؤر التوتر بوصفها جنايات معاقب عليها. ومع الوعي بأهمية وحساسية ما تثيره مثل هذه القوانين والإجراءات من انشغالات حقوقية، ومخاطر انعكاس العمل بها على الحياة الديمقراطية بالبلاد وعلى صورتها الحقوقية الدولية، فإن وقائع عديدة في السنوات الأخيرة باتت تؤكد استقطاب الحركات الإرهابية في مناطق الشرق الأوسط ودول الساحل جنوب الصحراء لعشرات الشبان المغاربة وتجنيدهم للقتال في صفوفها أو إعدادهم للعودة إلى البلاد وارتكاب أفعال إرهابية، وهذه وضعية تقتضي التعبئة واليقظة لمواجهتها أمنيا واستخباراتيا حماية لبلادنا ولأمن شعبنا، وهذا ما يتوخاه اليوم النص المذكور، أي أنه يسعى إلى"حماية شبابنا من السفر لبؤر التوتر حيث القتل والذبح"، وحتى يصير في الإمكان، وبموجب القانون، متابعة"أي شخص حاول الالتحاق بمناطق التوتر والمواجهات المسلحة". لقد شهد عمل المنظمات الإرهابية الدولية والإقليمية كثير تحولات في الفترة الأخيرة، وما يجري في العراق وسوريا بالخصوص يعطي أكثر من دليل على تنامي المخاطر وتنوعها، ومن ثم صار ضروريا امتلاك منظومة قانونية تواكب ما يحدث على هذا الصعيد من مستجدات، ثم إن الجميع يعرف اليوم أن الاستقطاب وسط الشباب المغربي جار وبكثافة، وعشرات منهم وصلوا إلى مناطق التوتر فعلا، ومنهم من يعود إلى المغرب أو يحاول ذلك، ولا يمكن انتظار ضمانات من جماعات إرهابية مجنونة بأن من يعود لن يرتكب جرائم داخل بلده، ولهذا صار القانون الآن يجيز"متابعة ومحاكمة كل شخص مغربي سواء كان يوجد داخل التراب الوطني أو خارجه أو أجنبي يوجد داخل التراب الوطني من أجل ارتكابه جريمة إرهابية خارج المملكة المغربية". وبموجب مشروع القانون الجديد، تُفرض عقوبات على كل شخص"التحق أو حاول الالتحاق بشكل فردي أو جماعي، في إطار منظم أو غير منظم، بكيانات أو عصابات، أيا كان شكلها أو مكان وجودها، ولو كانت الأفعال لا تستهدف الإضرار بالمغرب وبمصالحه"، كما أن هذا النص يعتبر جريمة "التدريبات أو التكوينات كيفما كان شكلها، داخل أو خارج التراب الوطني بقصد ارتكاب أفعال إرهابية داخل المغرب أو خارجه سواء وقع الفعل أو لم يقع"، إضافة إلى "تجنيد أو تدريب أو دفع شخص أو أكثر من أجل الالتحاق بكيانات أو تنظيمات". بقي أن امتلاك ترسانة قانونية متينة ومحينة هو شيء جيد، لكن المشكلة تكمن في تنفيذها، وفي طرق وضوابط القيام بذلك، ولهذا من الضروري الحرص على قانونية التنفيذ أيضا واحترام كافة الشكليات الحقوقية المتعارف عليها كونيا، ومنح التكوين والوعي اللازمين لكل الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون. النجاح في محاربة الإرهاب يكون أيضا باحترام حقوق الإنسان. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته