بين الأزرق، البني، والأبيض تخلق عوالم لوحاتها في مزاوجة خلاقة ومتناهية الانسجام في تعبيرها عن العمق الإنساني، إنها الفنانة التشكيلية لبنى شخمون التي التقيناها وكانت لنا معها الدردشة التالية: هل تحدثنا لبنى عن البدايات؟ علاقتي بالرسم كانت منذ الطفولة حيث ظهرت موهبتي في مرحلة مبكرة، كنت أحب الرسم بقلم الحبر على ورق الدفاتر، الكتب المدرسية، والعلب الورقية وأحيانا الأبواب الخشبية و الجدران كنت أستغل اي مساحة فارغة يمكن الرسم عليها ومع مرور السنوات أصبحت موهبتي بارزة لكل المحيطين بي ولكنني لم أدخل عالم الفن التشكيلي بمفهومه الاحترافي إلا قبل 4 سنوات حيث انتقلت من الرسم على الورق إلى الرسم بالصباغة الزيتية على الثوب. ماذا كانت لبنى الصغيرة ترسم؟ أكثر شيء كنت أرسمه هو الوجوه النسائية والملاحظ ان رسوماتي من فترة لفترة لاحقة عرفت تطورا من حيث الجوانب التقنية والاهتمام بالتفاصيل. وأنا طفلة كانت صديقاتي في الدراسة تبدين ملاحظات وانتقادات بخصوص بعض التفاصيل مثل العيون او الشعر أو شكل اليدين، كان هذا بمثابة حافز لي فأعمل بسرعة على تطوير تقنيتي، وكنت أتوصل أحيانا عن طريق ملاحظة وجهي في المرآة أو التمعن في وجوه أفراد عائلتي، وفي مرحلة لاحقة من الطفولة بدأت أرسم وجه والداي وبعض الشخصيات المحبوبة لدي، إضافة الى ذلك كنت ألبي طلب كل من يود ان أرسم له شيئا داخل الفصل كان القيام بهذه الأعمال يسعدني وبما أنني كنت متفوقة في مادة التربية الفنية، كان أساتذتي يثنون على موهبتي باستمرار بل يكلفوني بانجاز الرسوم التوضيحية في بعض المواد التي كانت تدرس لنا. كيف تطورت تجربة الرسم لديك بعد ذلك؟ نفس الشيء تفوق دائم في مادة التربية التشكيلية بشكل ملحوظ، وتطورت معه تجاربي في الرسم تعددت وتنوعت وان كنت لم اختر التوجه لشعبة الفنون التشكيلية بالمرحلة الثانوية، كنت دائما في رسوماتي استعمل قلم الحبر الجاف.... رسوم هي عبارة عن تعبيرات رومانسية حالمة، وكانت لي أيضا رسومات قوية حول القضية الفلسطينية وقضية الصحراء المغربية كنت أرسم كل شيء وأي شيء مثلا رسوم القصص المصورة أو رسومات شبيهة بتصاميم للأزياء، رسمت الطبيعة الصامتة أيضا، حيث مكنتني المادة الدراسية من الانفتاح على مواضيع جديدة وعدم الاقتصار على موضوع المرأة. ماهو الدافع وراء اختيارك التشكيل وليس الكتابة مثلا؟ كما سبق وأكدت لك وجدت حب الرسم بداخلي منذ طفولتي المبكرة، كنت كلما تأثرت بشيء رأيته إلا وكانت تولد في الرغبة لإعادة انتاجه على الورق بواسطة الرسم. اين تجد نفسها لبنى فيما تبدعه من لوحات وهل لديها أفضليات؟ احب رسم كل ما يتعلق بالنساء، لكنني أتعامل مع مختلف أنواع الفن التشكيلي أما بخصوص الأفضليات كأي فنان لدي شخصيتي وأولوياتي أحب الاشتغال على المعمار، المناظر الطبيعية، الطبيعة الصامتة، البورتريهات...وكما تلاحظ فان لوحاتي تتحدث عن ميلي الشديد الى تدرجات اللون البني باعتباره يرمز إلى الارض و الانسان وكذلك الى البدايات والنهايات، وكذلك أعشق اللون الأزرق باعتباره يحيل على الماء و السماء والحرية، اللونان وهما نقيضان يمثلان شخصيتي المحافظة و المتحررة المنفتحة في نفس الوقت. ماهي العناصر التي ترافقك خلال عملية الابداع؟ لحظة الابداع يجب أن تتسم بالهدوء، التركيز الشديد، و الانسلاخ عن الواقع، للتماهي مع اللوحة، كأنه عالم اخر بعيد عن الواقع الذي نعيشه أما الحوار مع اللوحة فانه جدلي ففي الكثير من الأحيان أجد نفسي راغبة في تخطيط معالمها والتحكم فيها عن طريق اللون و الضوء و الظل بشكل مسبق ويحدث أن تتحكم اللوحة في خيالي من خلال تغيير كل الأفكار التي ارتأيتها في البداية...هذه أسميها علاقة روحية ووجدانية خاصة.... الفنان التشكيلي في نظري يجب أن يرتفع عن واقعه ليستقر في واقع الابداع الذي يشتغل عليه، ففي أحيان كثيرة أعجز عن التعبير بلساني عما رسمته فرشاتي... فأفضل ان تتحدث اللوحة بنفسها عن نفسها للمتلقي من خلال القراءات المتعددة والتأويلات بداية من الاعجاب البسيط الى التحليل التقني العميق. ماهي مشاريعك في المستقبل الفنانة لبنى؟ المشاريع كثيرة وبعضها مؤجل ولكن في المدى المنظور أستعد لإقامة معرض للواحاتي بعد العديد من المشاركات في المعارض الجماعية، وأتمنى ان استطيع عرض أعمالي في جل المدن المغربية وأن أمثل بلدي من خلال إقامة معارض في المشرق العربي وأوروبا، أما الآن فأنا أشتغل على لوحتين في نفس الوقت لوحة عن منظر طبيعي من جنوب المغرب و اخرى عن طبيعة صامتة لإناء نحاسي مع ورود ذابلة. كلمة أخيرة: أريد أن أوجه تحياتي الخاصة لجميع الأسماء المغربية النسائية التي تشتغل في مجال الفنون التشكيلية، تحياتي لهن على إثراء الفن التشكيلي المغربي باتجاهات ومدارس و تقنيات مختلفة ومتميزة.