عرف قطاع الصحة بالمغرب، خلال السنوات الأخيرة، دينامية ملحوظة بفضل المبادرات والمشاريع التي انخرطت فيها المملكة في هذا المجال، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، والتي مكنت من تحقيق منجزات ملموسة، والانكباب على مختلف التحديات والإشكاليات التي تواجه المنظومة الصحية بما يمكن من تيسير ولوج المواطنين إلى خدمات صحية قائمة على مبدأي القرب والجودة. وتتمثل أبرز هذه المبادرات والمشاريع في إحداث العديد من المؤسسات الاستشفائية والمراكز الصحية، ودعم الخدمات الصحية بالوسط القروي، وإطلاق برنامج الأمومة بدون مخاطر، وتعزيز توفر الأدوية والتخفيض من أسعارها، والعناية بالأوضاع الصحية لفئات الأطفال والأمهات والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة والمصابين بالأمراض العقلية والنفسية، ودعم عرض التكوين في المجال الطبي وشبه الطبي والتدبير الإداري للمؤسسات الصحية. كما تتمثل هذه المنجزات في إحداث نظام للتأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وتعزيز التأطير القانوني للقطاع الصحي، وتعميم نظام المساعدة الطبية «راميد» الذي يعد واحدا من الأوراش المهمة التي تعد بتحسين الولوج إلى العلاج لصالح الشرائح الاجتماعية ذات الدخل المحدود. وتهم هذه المنجزات أيضا إحداث العديد من المؤسسات الاستشفائية العامة والمتخصصة التي تعززت بالمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بوجدة الذي أشرف جلالة الملك على تدشينه أول أمس الأربعاء، والذي يشكل تجسيدا جديدا لإرادة جلالته الراسخة تطوير البنيات التحتية التي تمكن المرضى في وضعية هشاشة من الاستفادة من الخدمات الصحية في أحسن الظروف، وتقريب الخدمات الصحية من المواطنين، وكذا حرص جلالته على ضمان تكافؤ الفرص في الولوج إلى العلاجات والرفع من جودتها لفائدة جميع شرائح الساكنة. ويأتي إحداث المركز الاستشفائي الجامعي الجديد أيضا ليعزز أداء وزارة الصحة التي سطرت برنامج عمل بعدد من الأوليات التي تهم، على الخصوص، تخفيض وفيات الأطفال حديثي الولادة إلى 25 حالة وفاة لكل ألف ولادة حية، وتخفيض نسبة وفيات الأمهات إلى 83 لكل 100 آلاف، وتطوير المستشفيات الملحقة بالمراكز الاستشفائية الجامعية والمستشفيات المتنقلة، وكذا تطوير الخدمات الاستعجالية وتقريبها من السكان، وخفض ثمن الأدوية، وأجرأة المخطط الوطني للتكفل بالأمراض النفسية والعقلية، وتشغيل وإحداث مراكز استشفائية ببعض المدن. وقد تم خلال السنتين الأخيرتين اتخاذ عدد من الإجراءات والتدابير التي تصب في تحقيق هذه الأولويات، بما فيها توسيع الرعاية المجانية للتكفل بالمضاعفات الناجمة عن الحمل والفحوصات والتحاليل المخبرية، واعتماد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة مرض فقدان المناعة المكتسبة «السيدا» 2012- 2016، وصياغة ووضع سياسة دوائية وطنية، وتوسيع وتأهيل العرض الاستشفائي، والبدء في تنظيم وتطوير المستعجلات الطبية، وتأطير القطاع وإصدار القوانين التنظيمية. كما تتمثل هذه التدابير في تعميم نظام المساعدة الطبية «راميد» الذي بلغ عدد المؤهلين للاستفادة منه إلى حدود اليوم، حوالي 7 ملايين مستفيدا، أي ما يفوق 82 بالمائة من الفئة المستهدفة التي تقدر ب8.5 مليون نسمة، إضافة إلى مضاعفة ميزانية اقتناء الأدوية الموجهة للمستشفيات والتي انتقلت من 675 مليون درهم سنة 2011 إلى 1.6 مليار درهم سنة 2011، ثم إلى 2.4 مليار درهم سنة 2013. وتهم هذه الإجراءات أيضا تخفيض أسعار 320 دواء سنة 2012، بمعدل تخفيض قدره 50 بالمائة، وأزيد من 1250 دواء إضافيا سنة 2014، تراوحت نسبة تخفيض عدد منها ما بين 20 و80 بالمائة، وإحداث وتشغيل 30 وحدة للمستعجلات الطبية للقرب عبر التراب الوطني، كما تم تعزيز وتحديث حظيرة وسائل النقل الصحي. والأكيد أن من شأن مختلف هذه المنجزات الإسهام في تحقيق أهداف الإستراتيجية القطاعية للصحة للفترة ما بين 2012 و2016، والتي تنبني على سبعة محاور تتعلق بتحسين الولوج للعلاجات وتنظيم الخدمات، ودعم صحة الأم والطفل، والاعتناء بصحة السكان ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعزيز المراقبة الوبائية وتطوير اليقظة الصحية، وتطوير مراقبة الأمراض غير السارية، والتحكم في الموارد الإستراتيجية للصحة وتطويرها، وتحسين الحكامة بقطاع الصحة.