يعزز البرنامج الحكومي مكانة الصحة في مضامينه عبر التركيز على ضمان الولوج المتكافئ إلى الخدمات الصحية: وانطلق البرنامج الحكومي من ضرورة وضع أهداف واقعية وطموحة وقابلة للتحقيق في أفق 2016 والعمل على تعزيز ثقة المواطن المغربي في منظومته الصحية في إطار تشاركي مع كافة المتدخلين في القطاع من خلال مناظرة وطنية. وهكذا سيروم البرنامج الحكومي إلى التركيز على تجويد القطاع وتحسين الاستقبال وتوفير الخدمات الصحية اللازمة للعموم بشكل عادل يضمن الولوج المتكافئ إلى الخدمات الصحية الأساسية، وبصفة خاصة، في الولادة والمستعجلات وجعل الأدوية الأساسية في متناول الفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود من خلال وضع سياسة دوائية تهدف إلى توفير الأدوية بجودة عالية وبتسعيرة عادلة، وذلك من خلال وإعادة النظر في مسلسل الشراء العمومي للأدوية والمستلزمات الطبية وتحسين طريقة تدبير الأدوية بالمستشفيات العمومية. كما ستعمل الحكومة على توفير خدمات القرب في المجال الصحي والمتمثلة في الرعاية الأولية عبر تدعيم شبكة العلاجات الأساسية خاصة بالوسط القروي مع الاعتماد على الوحدات الطبية المتنقلة، والعمل على التحكم في المحددات الاجتماعية للصحة بالتنسيق مع مختلف القطاعات الحكومية. وتتمثل الأهداف الصحية خصوصا في تحسين المؤشرات الصحية الوطنية وخاصة منها المتعلقة بالأم والطفل بتقليص عدد وفيات الأطفال دون سن الخامسة إلى 20 وفاة لكل 1000 ولادة حية وبتخفيض وفيات الأمهات عند الولادة إلى 50 وفاة في كل 100 ألف ولادة حية، وذلك من أجل الالتزام الوطني بأهداف الألفية. وبهذا الخصوص ستعمل الحكومة على تأطير وتدعيم المنظومة الصحية من خلال وضع خريطة صحية قائمة على توزيع عادل بين الجهات والمجالات والرفع من عدد مهنيي القطاع ووضع شروط تحفيزية لتشجيع التعاقد مع أطباء القطاع الخاص لسد الخصاص المسجل في بعض المناطق، والإسراع بإصدار قانون ينظم الشراكة الاستراتيجية بين وزارة الصحة والقطاع الخاص في إطار تعبئة الإمكانيات والموارد لتنمية قطاع الصحة. وستسعى الحكومة إلى وضع نظام يقظة صحية فعال في مواجهة الأوبئة و الأمراض السارية والاعتناء بالأمراض المزمنة في إطار متغيرات النمو الديمغرافي والتحول الوبائي و أنماط العيش، وستعمل الحكومة على توفير العناية الصحية للفئات الاجتماعية ذات الاحتياجات الخاصة. كما ستعمل الحكومة على تنظيم وتحديث العرض الاستشفائي وخاصة قطاع المستعجلات ودعم الاستقلالية الإدارية والمالية للمؤسسات الاستشفائية الجهوية والإقليمية وإحداث نظام فعال ل"الإنقاذ والمستعجلات" على الصعيد الوطني وتأهيل المستشفيات الإقليمية والجهوية، وصيانة التجهيزات الصحية بالمستشفيات وإعادة الاعتبار للطب العام وفرض احترام تراتبية العلاج، وتنظيم تنقل المرضى بين شبكة العلاجات الأساسية وشبكة المستشفيات. وفي مجال التكوين ستعمل الحكومة على تكوين أعداد إضافية من مهنيي الصحة للاستجابة للطلب على الخدمات الصحية. ونظرا للدور الذي تؤديه المراكز الاستشفائية الجامعية في تكوين الأطباء وتطوير العرض الطبي، ستعمل الحكومة على دراسة إحداث مراكز استشفائية جديدة والشروع في بنائها. تنوعت تعليقات الفرق والمجموعات النيابية بكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين خلال مناقشة البرنامج الحكومي في ما يتعلق بالصحة بين مؤيد ومعارض لما جاء في البرنامج الحكومي وبين من تجاهل الأمر وتناول التعليق بعمومية. فالفريق الاستقلالي من جانبه تفاءل بخصوص تصورات الحكومة ذات البعد الاجتماعي الواردة في البرنامج الحكومي والتي من شأنها تسهيل عملية الولوج إلى الخدمات الاجتماعية لاسيما تلك المرتبطة بخدمة المواطن خاصة بقطاعات التعليم والصحة والتشغيل. وجاء في تدخل الفريق بمجلس المستشارين "إن الحق في التطبيب: "الصحة للجميع" ينبغي أن يتاح لكل المغاربة على قدر المساواة من خلال تسهيل عملية الولوج للخدمات الصحية، خاصة بالنسبة للفئات المعوزة وذات الدخل المحدود، والتي ينبغي أن تكون أحد الأهداف الجوهوية للحكومة في مجال الإصلاح الاجتماعي الهادف إلى تكريس قيم التضامن والعدالة والإنصاف، ومن هذا المنطلق نأمل من الحكومة الحالية مواصلة تسريع وثيرة تعميم نظام المساعدة الطبية "راميد" على كافة جهات المملكة، وتوسيع نظام التغطية الصحية ليشمل فئات اجتماعية جديدة كالتجار والصناع التقليديين والطلبة والمشغلين الذاتيين. أما فريق الأصالة والمعاصرة فمما جاء في رده بخصوص القطاع الصحي: "في ما يتعلق بالقطاع الصحي الذي يعتبر من اهم القطاعات الحكومية بالنسبة للمواطن المغربي الذي يطمح إلى سياسة صحية تضمن الولوج إلى الخدمات الصحية خاصة في المناطق النائية الجبلية كان منتظرا أن نجد في البرنامج الحكومي استراتيجية ومقاربة شاملة ومخططات قادرة على هيكلة هذا القطاع الحيوي إلا أن الملاحظ أنه أيضا لم يحظ بالاهتمام المطلوب مقارنة بأهميته فقد غيب كل التطلعات التي ارتسمت بجلاء في وعود البرامج الانتخابية لمكونات الحكومة وأذكر على سبيل المثال إدماج بعض الأمراض في التغطية الصحية الشاملة، خاصة تلك التي تعرف انتشارا دراماتيكيا كأمراض السيدا. وبدا تدخل فريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين في مناقشة التصريح الحكومي مؤيدا إذ جاء في تدخل الفريق: "وفي المجال الصحي نلمس جدية أكيدة في برنامج الحكومة، وملامح مقاربة جديدة أساسها جودة الخدمات الصحية، وتحسين ظروف استقبال المرضى، خاصة في أقسام المستعجلات والولادة، وضمان حق لولوج للخدمات الصحية لكل المواطنين. ونسجل بشكل خاص التزام الحكومة بتوفير الأدوية الأساسية للمعوزين، إضافة إلى تقريب الخدمات الصحية من المواطن، خاصة في العالم القروي. أما الفريق الاشتراكي الذي اصطف في صفوف المعارضة فإن انتقد ما تقدم به البرنامج الحكومي بخصوص الصحة وجاء في رده: "كان من انتظارات الرأي العام وهو يتطلع إلى البرنامج الحكومي أن يستمع إلى تشخيص موضوعي لقطاع الصحة العمومية، والإجراءات العاجلة التي ستتخذها الحكومة في هذا الشأن، إذ الأمر يتعلق بأمر لا يقبل التأجيل. فتدهور الخدمات الصحية العمومية وتفشي الرشوة والمحسوبية في القطاع والنقص الحاد في الموارد البشرية وفي التجهيزات اختلالات تتناقض والمجهود المالي العمومي الذي بذل خلال السنوات الأخيرة لفائدة القطاع، إننا نتساءل عن إجراءات الحكومة في مجال الحد من الاختلالات المجالية في هذه الخدمة، فوارق بين المدينة والبادية وبين المركز ةالهامش، غياب خريطة صحية، ضعف حكامة القطاع، ضعف الرقابة على الخدمة، تراجع كبير في جودة الخدمات المقدمة، هوة كبرى ومتزايدة بين القطاعين العام والخاص، ارتفاع مهول لكلفة العلاج في سعر الأدوية، إن حالة الاستعجال تفرضها الظرفية حتى لا يتحول الوضع إلى عامل اصطدام بين الدولة والمجتمع". وتتساءل المجموعة النيابية للحزب العمالي أثناء مناقشة البرنامج الحكومي بمجلس النواب بالقول: "أين الاقتراحات العملية لإيجاد حلول لمعضلة الصحة، وخاصة المستشفيات التي وصفت في وقت سابق بالمقابر؟ وثمن ملخص مناقشة فريق العدالة والتنمية للبرنامج الحكومي ما جاء بخصوص الصحة في البرنامج بقوله: على مستوى تحسين المؤشرات الصحية التي لها صلة مباشرة بتحسين مؤشرات تصنيف المغرب في سلم التنمية البشرية تقليص وفيات الأطفال إلى 20 لكل 1000 ولادة حية وتخفيض وفيات الأمهات إلى 50 وفاة في كل 100000 ولادة حية التزاما بأهداف الألفية. - وفي مجال الحماية الاجتماعية العمل على تمكين 10 ملايين مواطن من الاستفادة بصورة تدريجية من نظام التأمين الإجباري على المرض وتطبيق نظام المساعدة الطبية الذي سيهم 8,5 مليون نسمة. وجاء في رد الوزير الأول بخصوص الميدان الاجتماعي وضمنه الصحة: "وفي الميدان الاجتماعي، أؤكد على المقاربة الجديدة والمتكاملة التي جاء بها البرنامج الحكومي والمعتمدة على أهداف هيكلية وبناء البرنامج الاجتماعي على أسس متكاملة تهدف إلى تفعيل الارتقاء الاجتماعي ومحاربة التوريث الجيلي للفقر وإدماج الجهات والفئات والأجيال في الدورة الاقتصادية والتنموية لبلادنا وذلك من خلال تيسير الولوج والاستفادة من السياسة والخدمات الاجتماعية سواء في ما يتعلق بالتعليم والصحة والسكن والحماية الاجتماعية وتعميم التغطية الصحية والمساعدة الطبية.