قدم الفنان التشكيلي عفيف بناني مؤخرا، بمقر المكتبة الوطنية للمملكة الترجمة العربية لكتابه الجديد «فن التشكيل من القرن 19 إلى سنة 1945». وبعد التوطئة التي عرف فيها المؤلف بالأصل اللاتيني لكلمة صباغة وصباغي واشتقاقاتها، أوضح أنه سيناقش في هذا الإصدار حياة عباقرة مختلف المدارس، ويرصد جانبا من فكر وحيوات هؤلاء الذين وصفوا ب «حراس الفن»، بهدف أن ينير بعضا من جوانب هذا العالم من أجل فهمه، وكذا بهدف «رصد تطور الرسم ومختلف المدارس التشكيلية التي ظهرت مع بداية القرن التاسع عشر إلى الحرب العالمية الثانية» كما يقول المؤلف في استهلال كتابه. ويخصص المؤلف صفحات للحديث عن الانطباعية والانطباعيين، ويتحدث عن الحركات الأجنبية التي عاصرت الانطباعية الفرنسية (الماكيوالي، ومدرسة لاهاي، الانطباعية الألمانية ...)، وكذا عن أبرز رموز التعبيرية والنابي والوحشية والتكعيبية والمستقبلية والدادائية والسريالية انطلاقا من 1924. وخصص الكاتب صفحات من كتابه، الذي تتخلله لوحات بالألوان لأشهر ممثلي المدارس التي يتناولها من قبيل إدوار ماني وأوغست رينوار وأوغست ماك وجورج سيرا ووهنري ماتيس، للفنانين غير القابلين للتصنيف وهم فانسان فان غوغ وباول غوغان وهنري دي تولوز لوتريك، ولرواد الفن الحديث مارك شاغال وأميديو موديغلياني وحاييم سوتين، قبل أن يختتم الكتاب بخاتمة وبيبليوغرافيا. وفي تقديم الكتاب يقول الكاتب والناقد الفني دانييل كورتيي، عضو جمعية أهل الأدب بفرنسا وعضو أكاديمية أنجي، «المؤلف الذي أقدمه مفعم بالحيوية، ينطلق من الرسم المعاصر (1850-1945) الذي ازدهر في أوروبا العجوز. كتاب ألفه رجل ذو ذوق وذاكرة ثاقبة، وذو دراية واسعة بالميدان، ويعرف كيف يحكي الأساسي الخالص، ويبين سيكولوجية الكائنات، ويستخلص العبر من الأحداث»، مضيفا أن «هذا الكتاب، هو أيضا، بعد آخر من أبعاد عفيف بناني (أمير القصبات)، الذي يرسم بألوان الأرض والقمح عالم الضوء الناصع للمغرب، يرسم الفضاءات والظلال، مستلهما عالما سحريا يدرك وحده سره، منفلتا من تعقيدات المدارس والحركات التشكيلية». ويرى كورتيي أن عفيف بناني «رفض التخندق في تيارات جامدة وبلا دلالة لفنانين مروجين إعلاميا، بخلاف ذلك، فهو مسكون ومهووس بأسئلة الحاضر والتي يتقاطع فيها الماضي والمستقبل»، وأن «ذلك هو شأن عفيف بناني، الفنان الأصيل، الغيور على الثقافة العربية والإسلامية، والمشدود إلى التراث المعماري لبلاده، الذي يحاول التأريخ له بواسطة الألوان»، موضحا أنه «باختيار عفيف بناني اللغة العربية للتعبير عن هذا الموضوع الهام، يكون قد ساهم بروح نضالية في إثراء الفكر المغربي المنفتح على الغير». صدر للمؤلف، الذي اختير عضوا مدى الحياة في الفدرالية الوطنية للثقافة الفرنسية التي منحته شهادة تقدير، باللغة الفرنسية «فن الرسم من القرن 19 إلى سنة 1945» و«المزن والقزح» الذي يحتوي على قصائد مصحوبة بلوحات تشكيلية للفنان، و«معجم الفنون التشكيلية»، و«تأملات تشكيلية». يشار إلى أنه صمم غلاف الكتاب، الذي يقع في 170 صفحة من الحجم المتوسط، عادل طاوسي، وترجمه إلى العربية مجموعة من الباحثين.