تحتضن مدرسة الفنون الجميلة بالدارالبيضاء، يوم 18 مارس الجاري، حفل توقيع كتاب جديد حول الفن التشكيلي، من تأليف الكاتب والفنان التشكيلي المغربي، عفيف بناني، يحمل عنوان"معجم الفنون التشكيلية" بحضور أساتذة وطلبة المدرسة، وعدد من الفنانين والنقاد الجماليين والمهتمين بالفن التشكيلي. ويعد هذا الإصدار الجديد، ثالث عمل لبناني في حقل الفنون التشكيلية، فبعد كتابه "الفن الصباغي من القرن 19 إلى 1945"، الذي يرصد فيه جميع الاتجاهات والتعبيرات التشكيلية، وحقيبته الفنية التي أنجزها بالاشتراك مع الشاعر المغربي إدريس خدري تحت عنوان"المزن والقزح"، ينخرط بناني في مشروع تربوي طموح، وهو"معجم الفنون التشكيلية" الصادر باللغة الفرنسية، عن منشورات أمنية للإبداع والتواصل الفني والأدبي. يقدم الكتاب، الذي يعتبر سفرا معرفيا رحبا وخصبا في عالم الفن التشكيلي، مادة معرفية خصبة من موقعه كفنان عالمي، ومن محيط اشتغاله الإبداعي. يتناول الكتاب، الذي كتب مقدمته الكاتب والناقد الجمالي الفرنسي دانييل كوتريي، في 294 صفحة من الحجم المتوسط، محاور عديدة نذكر منها "تأملات حول الفن"، و"معجم الفنون التشكيلية"، و"مختلف الاتجاهات والمدارس التشكيلية"، و"معجم فرنسي عربي"، و"الأيام العالمية وعلاقتها بالفن"، إضافة إلى تعريف بالصور بالأدوات والمواد المستعملة في الفن التشكيلي (الصباغة، والفرشاة، القماش، والملاعق....)، ونماذج من اللوحات التي تعكس كل اتجاه على حدة. ما يثير في هذا الإصدار أنه يستعرض مختلف التيارات التشكيلية منذ ظهور عصر النهضة الإيطالية، إلى اليوم، واضعا تعريفات مركزة لمختلف المدارس الجمالية من قبيل (التشخيصية، والتجريدية، والرمزية، والددائية، والوحشية، والانطباعية، والتكعيبية، والسوريالية، والتنقيطية، والمستقبلية، والبوب آرت.....). ووقوفا أيضا، عند أبرز رواد هذه التيارات وأساليبهم. ما يميز الكتاب التقديم الذي خصه به أشهر النقاد الجماليين العالميين، ويتعلق الأمر بالفرنسي دانييل كوتريي، الذي سهر أيضا، على مراجعة مواده الأساسية، فضلا عن اللوحة التي زينت غلافه وهي من منجز بناني، إذ تجسد أحد قصبات الجنوب، وتحديدا قصبة على واد وارزازات، التي تعكس البعد البصري للمقروء، الذي يمكن اعتباره معجما تقنيا حول مصطلحات الفن التشكيلي، الذي تفتقر إليه الخزانة المغربية والعربية. يتضمن المعجم أزيد من 500 مصطلح حاول الكاتب والفنان التشكيلي عفيف بناني تقديمها بطريقة علمية مركزة ومدققة، على نحو ظاهر، مشيرا إلى أن الساحة الفنية المغربية تشهد طفرة إيجابية، إذ تضاعف عدد الفنانات والفنانين التشكيليين. ويرى بناني أن هذه الطفرة أفرزت مفاهيم جديدة ومصطلحات تقنية، تقدم جماليا بكيفية غامضة، إن لم نقل خاطئة، بحيث يغلب عليها منطق التأويل المغلوط، خلال تداولها من شخص إلى آخر. يقول بناني إن في الغرب كتابا ونقادا للفن لا يجدون صعوبة في الكتابة أو إصدار مؤلفات حول "مورفولوجية الفن الصباغي"، في حين يفتقد المغرب إلى ذلك، ما يجعل الخزانات المغربية والعربية تفتقر إلى هذا الصنف من الإبداع. وأردف قائلا إن التشكيل لا يدرس انطلاقا من الكتب، وكل ما يكتب يدخل في خانة وجهات نطر وكتابات انطباعية وشخصية، وأفكار بسيطة حول الفن الصباغي، إذ غالبا ما نقف عاجزين عن التفريق بين الجانب المعرفي النظري والجانب التقني، وكل ماله علاقة بقواعد الفن. ويوضح الكاتب بناني أن الغاية من تأليف هذا الإصدار أن يشكل قيمة بيداغوجية خالصة، فالكتاب يهم القارئ، والمهتم بالفنون والدارس لها، لأنه حسب بناني يفتح نافذة لاختراق عوالم هذا الفن، وهو من هذا المنظور كتاب في صناعة الذائقة الجمالية لفن بصري مثل التشكيل، ويعد هذا المعجم مشروع طموح، ينطلق أولا من تحديد مصطلحات ومفاهيم ومدارس واتجاهات تشكيلية، وهو أيضا ارتضاء لنمط الكتابة التاريخية، وإبراز التقنيات والأسس الجمالية لكل اتجاه تشكيلي. إنه كتاب يقدم نفسه كدعوة مفتوحة للقراء، إذ يستجمع عناصره من قراءات متعددة وبحث مضن للكاتب عبر تجربة في الفنون البصرية امتدت لعقدين، محترما حسن المرجعية وحسن الاستدلال، وتماسك البناء البيداغوجي، بعيدا عن كل تعقيد أو غموض، حسب الكاتب والناقد الجمالي العالمي، دانييل كوتريي، الذي يقول في مقدمة الكتاب إن "معجم الفنون التشكيلية" يستحق أن يكون واضحا وسهلا، لأن صاحبه تغيى الدقة، واستعان في تأليفه بعدته الإجرائية، وأدوات اشتغاله الفنية، وهو منتوج معرفي رائع ليس فقط للكاتب بناني، لكن أيضا للهاوي والشغوف بالفن الصباغي، والقارئ المبتدئ، فهو معجم سيفرض وجوده في المكتبات، لأن هذا الصنف من الإبداع نادر".